لم تترك الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها الجزائر نتيجة نفاد احتياط الخزينة العمومية بسبب تراجع أسعار الذهب الأسود ببورصة النفط العالمية، خيارا آخر للسلطات العليا للبلاد سوى البحث عن مصادر تمويل بديلة للاقتصاد الريعي من خلال استغلال كل الطاقات الموجودة والمتاحة لبناء منظومة اقتصادية متنوعة ومنتجة ومستقلة، حيث قررت الحكومة تشجيع الاستثمار في مجال المحروقات، لا سيما المحروقات الصخرية، بالنظر إلى القدرات المتوفرة. وبالرغم من أن الملف أثار كثيرا من الجدل، إلا أن الظرف الاقتصادي الحالي يفرض نفسه. وفي السياق، أكدت الحكومة على لسان الوزير الأول احمد أويحيى في رسالته التطمينية أن شركة سوناطراك قادرة على أن تشرح أن ذلك ليس بمثابة فتح الباب أمام جهنم، وليس بالمغامرة، بل بالعكس، فإن ذلك سيضمن الاستمرار في ترقية المداخيل الوطنية في مجال الطاقة". وفي هذا الصدد، أكد الخبير الطاقوي بوزيان مهماه، أن التوجه إلى استغلال الغاز الصخري حتمية على الجزائر ولا مفر منها لضمان أمنها الطاقوي، كون الغاز الصخري هو التمديد الطبيعي لعمر آبار الغاز الطبيعي واحتياطه ما بعد 2030 وكشف المتحدث ل "الحوار" في سياق الموضوع، أن النمذجة جيو كميائية أعطت تقدير احتياطات الجزائر من الغاز الصخري يتراوح في حدود 27 ألف متر مكعب، فيما تتجاوز تقديرات الوكالة الدولية للطاقة التي تضع الجزائر كثالث احتياطي عالمي للغاز الصخري بعد كل من الصين الشعبية والأرجنتين باحتياطي يقارب 20 ألف مليار متر مكعب، وعليه دعا الخبير إلى ضرورة الالتفاف حول مسعى الحكومة لضمان الأمن الطاقوي. وحول مسعى استكمال برنامج الآبار التقيمية التي شرعت فيها الحكومة السابقة في 2015، وهذا بعد الذهاب إلى مسعى التوافق الوطني لاستغلال الغاز الصخري، وهذا بإشراك الفاعلين في المجال، وإلى جانبهم الطبقة السياسية من اجل الابتعاد عن التشويش والنقاش في الأبجديات، والذهاب مباشرة إلى استكمال البرنامج المسطر في السنوات الأخيرة الماضية في الملف الذي أصبح التوجه إليه اليوم أكثر من "ضرورة" –يضيف- المتحدث. وبالمقابل، أشار ذات الخبير إلى الوقت الذي يأخذه استغلال هذا المصدر الطاقوي، بحيث يمتد الى حدود 14 سنة، أي نرى آثار الغاز الصخري في أفاق 2030. وفي سياق متصل، دعا بوزيان إلى بناء نموذج طاقوي مبني على التنويع، خاصة بعد أن أكد التقرير أن احتياطات الجزائر من النفط والغاز الطبيعي لا تتجاوز مدة 17 سنة، غير أن ما إن يتم تفعيل وتيرة النموذج الاقتصادي ستتراجع المدة الزمنية للاحتياط إلى اقل من 17 سنة، لذا لا بد من الإسراع في استغلال كل مصادر الطاقة المتاحة لتوفير احتياجات الجزائر المستقبلية من الطاقة بمختلف أنواعها. وعلى صعيد آخر، طالب ذات المتحدث بضرورة استغلال هذه الثروات المنجمية بعد القيام بقراءة استشرافية، يمكنها أن تكون رافعة للاقتصاد الوطني، من خلال ممارسة دبلوماسية طاقوية بعيدة عن شكلها التقليدي، بمنطق التموقع في الأسواق واستغلال الموارد الباطنية والدخول في شراكات رابح -رابح لاستقطاب الفاعلين في السوق الدولية بحيث تكون أقوى من البترولية والغازية في الجزائر. وحول مصادر التمويل، أكد مهماه أن شركة سوناطراك العالمية والرائدة إفريقيا تملك رأسمال وتمويل يمكنها من الاستثمار في هذا المجال، معتبرا أن الدخول في تمويلات مركبة ومشتركة بين الرأس المال المقيم الوطني والأجنبي مع جلب رؤوس أموال أجنبية سواء للدخول في شراكات رابح -رابح مع مؤسسات رائدة وشركات عالمية أو بنوك أجنبية، وكذا من خلال قروض مضمونة العائد أمر لا مفر منه، حيث قال "سوناطراك حتى وإن لم يكن لديها المال الكافي للاستثمار، لديها العديد من الخيارات المربحة، من خلال دخولها مع العديد من الشركات العملاقة نفطيا للاستثمار في الغاز الصخري والطاقات المتجددة في الجزائر". مناس جمال