يبدو أن مهمة الشركات الوطنية في استرجاع ثقتها ومكانتها في السوق الوطنية قد باتت مؤكدة، خاصة بعد التصريح الأخير للوزير الأول أحمد أويحيى من ولاية أدرار، والذي قال فيه إن الشركات الجزائرية قادرة على بناء الاقتصاد الوطني واستخلاف الشركات الأجنبية، حتى في القطاعات الحساسة، خاصة قطاع المحروقات. وفي ذات السياق، ثمن الخبير الدولي في الطاقة، كمال آيت الشريف، عزم الحكومة على تسليط اهتمامها على الشركات الوطنية، مؤكدا أن المؤسسات الوطنية قادرة فعلا على الدفع بعجلة الاقتصاد الوطني واستخلاف الشركات الأجنبية التي سيطرت على السوق الوطنية، خاصة في السنوات الأخيرة. كما ثمن آيت الشريف، في اتصال هاتفي مع "الحوار"، دور مجمع سوناطراك الذي أثبت أن الشركات الجزائرية قادرة بالفعل على استرجاع مكانتها في السوق الوطنية، مضيفا أن المجمع يعد من أكبر المجمعات البترولية والغازية ويصنف من كبريات الشركات على الصعيد الإفريقي، باعتبار أن الشركة تنشط في قطاعات كثيرة منها الإنتاج والتصدير والتسويق والنقل، كما وسعت أنشطتها لتشمل البتروكيميائيات وإنتاج الفوسفور والاستخراج المعدني، كما تمكنت سوناطراك من كسب استثمارات عديدة في العديد من الدول على غرار أوروبا وأمريكا وإفريقيا، لتصبح من أكبر المجموعات النفطية في إفريقيا وفي حوض البحر الأبيض المتوسط، يضيف آيت الشريف. كما شدد الخبير الدولي في الطاقة على ضرورة إعطاء الاهتمام الكافي للشركات الوطنية، ومصاحبتها في مشاريعها الاستثمارية، خاصة أن تكنولوجيات هذه الأخيرة لم تصل بعد إلى المستوى العالمي، مع تشجيع استقطاب الرأسمال الأجنبي، مضيفا أن قاعدة 49-51 تسبب في نفور الشركات الأجنبية من الجزائر، إلى البلدان المجاورة على غرار تونس والمغرب، وذلك لغياب رؤية وإستراتيجية حقيقية على المدى المتوسط والبعيد.
المشاريع كانت قادرة على تغيير الوجه الاقتصادي للجزائر من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي، عمر هارون، أن قانون الصفقات العمومية من خلال المادة 85 التي تؤكد وجوب إيكال الصفقات للمؤسسات العمومية في حال قدرتها على تحقيق الاكتفاء في مجالها، بالإضافة إلى قانون الاستثمار 49/51 الذي يؤكد على وجوب أن يكون الطرف الأجنبي ذا حصة أقل من حصة الشريك الوطني، غلق لأبواب سوق الاستثمار في الجزائر أمام الرأس مال الأجنبي، وذلك بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الوزير الأول أحمد أويحيى، والتي كشف فيها أن الحكومة منحت عقودا لمؤسسات وطنية كانت موجهة لشركات أجنبية. وأكد عمر هارون، في تصريح ل "الحوار"، أن القانونين المتعلقين بالصفقات العمومية وإنشاء الشركات الوطنية يجعلان السوق الجزائر غير جذابة للاستثمارات الأجنبية، وذلك من خلال المعاملة التفضيلية بين المؤسسات الوطنية ونظيرتها الأجنبية، مضيفا أن هذه الإجراءات حرمت الجزائر من عدد كبير من الفرص التي كانت قادرة على تغيير الوجه الاقتصادي لها، في الوقت الذي تمكنت فيه الجارة المغربية من فتح أبوابها أمام الاستثمارات الأجنبية دون قيد أو شروط، بالإضافة إلى التسهيلات التي تمنحها دول الجوار بهدف استقطاب مشاريع حقيقية إلى سوقها الاستثمارية، والتي ساهمت في توفير اليد العاملة المؤهلة، من خلال مراكز تكوين متخصصة تكون حسب طلب هذه الشركات. وأفاد ذات المتحدث أنه كان من الأجدر الاعتزاز بالمشاريع الكثيرة التي تستفيد منها الشركات الوطنية في دول أجنبية عديدة، والتي أثبتت مكانتها في السوق الاستثمارية الخارجية، مضيفا أن تخصيص معاملة تفضيلية للمؤسسات الوطنية على حساب الرأس المالي الأجنبي الذي من شأنه إعطاء قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، تدمير لمحيط الأعمال في الجزائر، والذي بدأ يفقد ثقته أمام المتعاملين الأجانب، في ظل ترنح الجزائر لمراتب جد متدنية في التقارير الدولية، والتي وصلت إلى 166 من 190 دولة وفق تقرير "doing business" عكس المغرب وتونس اللتين بلغتا المرتبة 69 و88 على التوالي، يضيف هارون. كما صرح الخبير الاقتصادي أن المشكل الأكبر يكمن في عدم وجود سياسة واحدة داخل المجال الاقتصادي الجزائري، نظرا لغياب وزارة اقتصاد قادرة على توحيد الرؤية وتعزيز الدينامكية الاقتصادية في السوق الوطنية. سمية شبيطة