إعلامية جزائرية فرضت نفسها بالداخل والخارج بجدارة, مسيرة حافلة بالإنجازات جعلت منها ذات خبرة واحترافية عالية، بدأت من خلال تأسيس إذاعة دولية بالجزائر، وصولا إلى أكبر مؤسسات إعلامية عربية كمنتجة بقناة روتانا وأحد أعضاء فريق عمل البرنامج الأول عربيا "معالي المواطن" بقناة الأم بي سي, طموحة , واعية ومسارعة في دعم المبادرات دوليا ومحليا, ترى أن الصحافي الجزائري من أكثر الصحافيين احترافا لو لا إهمال الجانب الفني والتسويقي في الاستثمارات المحلية, أما بخصوص الحصة التي تم بثها عبر قناة "بور تي في" والتي أحدثت ضجة لمناقشتها للتراث، فذكرت ضيفتنا الإعلامية صوريا أمالو أن ما حصل استفزاز للجماهير. _مسيرة حافلة بالؤنجازات.. من مذيعة إلى مقدمة برامج مخرجة ومنتجة في قنوات عربية كبيرة.. حدثينا أكثر عن هذه الرحلة الجميلة، وهل تغيرت رؤيتك للإعلام بعد هذه السنين من الخبرة؟ بطبيعة الحال، صورايا أمالو إعلامية جزائرية وناشطة في المجتمع المدني، دخلت عالم الإعلام عبر الإذاعة حيث كنت من الأوائل الذين أسسوا إذاعة الجزائر الدولية عام 2007 أول قناة إخبارية دولية في الجزائر، عملت كمذيعة أخبار، ومن ثَم أصبح لدي برنامج سياسي حواري يومي من إشرافي وتقديمي، إذ حاورت وقتها حوالي أكثر من 900 شخصية سياسية عبر الوطن العربي والمحلي، من وزراء وسفراء وحتى رؤساء كرئيس جمهورية البوسنة والهرسك، ولأن طموحي لا حدود له قررت أن أخوض تجربة الاغتراب لأطور من مهاراتي الإعلامية… فسافرت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2012، لأعمل كمنتجة أهم برنامج سياسي بالسعودية على قناة روتانا خليجية (ياهلا). ومن بعدها كانت لي تجربة بسيطة في تلفزيون أبوظبي دخلت من خلالها عالم الإخراج التلفزيوني، ولكن سرعان ما عدت إلى عالمي , عالم التقديم عبر قناة (بزاف تيفي المغاربية) التي كانت تبث من الإمارات، حيث كان لي عدة برامج شبابية بالإضافة إلى البرنامج الصباحي، توغلت كثيرا في عالم الإعلام، كانت لي تجارب أخرى مهمة كمراسلة التلفزيون الرسمي الكويتي من دولة الإمارات العربية المتحدة، واليوم أنا من ضمن فريق عمل أهم برنامج في الوطن العربي من حيث نسبة المشاهدة (معالي المواطن) على قناة الام بي سي 1, شخصيتي الإعلامية لم تتوقف عند البرامج التلفزيونية، بل تعدت حدود ذلك من خلال عدة نشاطات في المجتمع المدني، اذ أساهم وأشارك في العديد من المبادرات الإنسانية والاجتماعية. بطبيعة الحال، بعد تجربة عشرة أعوام في المجال، الرؤية تغيرت أو دعنا نقول اتضحت، في البدايات الشخص يكون متحمس ومندمج مع عالمه الذي يعشقه، ومع مرور الوقت واكتساب الخبرة نصبح نشاهد ونفهم أمورا في الإعلام لم نكن لنراها قبل، وليس هذا فحسب بل الإعلام اليوم تغير كليا من حيث الوسيلة والمبدأ.
_صحافيون كثيرون اليوم يعتبرون رفع نسب المشاهدة هو طموحهم الوحيد ومفهومهم للنجاح، ما رأيك في الموضوع، وما هو الحافز الذي جعلك دائما تستمرين في طريقك؟ كلامك صحيح، وهذه أصبحت موضة العصر، لا يعاني منها الصحافيون فقط، بل حتى الأشخاص العاديين، مع الأسف أصبح النجاح مقترنا برفع نسبة المشاهدة أو عدد المتابعين عبر مواقع التواصل، وهذا مفهوم خاطئ للنجاح، لأن وسائل التواصل أصبحت اليوم تصنع أناسا كما أنها حطمت أناسا أخرين. فمن يركز على رفع نسبة المشاهدة ويعتبر ذلك نجاحا فهو يصنع فشله بيده , لأن النجاح، فيما يصنع الشخص يقدمه , أما نسبة المشاهدة فيجب أن تتماشى مع المحتوى المطلوب، وإلا سوف ينقلب ذلك على صاحبه، أما الحافز الوحيد الذي جعلني أستمر فهو حبي لمهنتي. الإصرار عندي لا يتوقف أبدا.
_هل تفكرين في الرجوع إلى الوطن؟ العودة الى الوطن شيء غير مستبعد، أظن أنني اكتسبت الخبرة الكافية لكي يستفيد منها وطني فهو أولى، وإذا عرض علي عقد مناسب لطموحاتي سوف أوافق دون تردد.
من خلال خبرتك.. ما الذي ينقص الإعلام المغاربي بشكل عام للبروز في الساحة الدولية؟ دعنا نقول إن الإعلام المغاربي مهني جدا، قبل أن أغترب كانت لدي نظرة أننا لسنا متمكنين بما فيه الكفاية، وأن بقية الدول في المشرق أفضل منا بكثير، ولكن بعد تجربة اتضح أن الصحافيين المغاربة بشكل عام والجزائريين من أنجح الصحافيين في الوطن، وما يخون هذه التجربة في أوطاننا هو العامل التقني أو الفني، هو الذي حجب إبراز وظهور القامات الإعلامية المغاربية، هذا من جهة ومن جهة أخرى الإعلام المغاربي ينقصه التسويق، نحتاج إلى العمل على الجانب التسويقي في الإعلام، بحاجة ماسة إلى التركيز على هذا الجانب الجوهري، اعلام دون تسويق اليوم… لا يمكن اعتباره إعلاما. ففعلا أتمنى أن تقوم القنوات المغاربية وحتى الجزائرية بخطة عمل تسويقية، فلا يجب أن تكتفي بالبث وتقديم الافكار فهذا لم يعد يفيد حاليا.
رأينا مسارعة في التفاعل لدعم الإعلام الجزائري، ما الذي يجعلك تبادرين لهذا الدعم، وماذا يعني لك الصحافي الجزائري؟ كوني في الغربة هذا لا يعني لا أنني أكره وطني أو لست وطنية، موضوع التفاعل والمبادرة هذا من طبعي فلا تنسي أنني ناشطة في المجتمع المدني، وساهمت في العديد من المبادرات بدولة الإمارات العربية المتحدة، فكيف إذا كان العمل متعلقا ببلدي، الصحافي الجزائري مهمش عربيا، وذلك يعود لعدة أسباب، لا نسمع بالوجوه الإعلامية الجزائرية حتى تسافر وتهاجر، عكس أغلبية الدول، لذلك اليوم أدعو من خلال هذا اللقاء كل الصحافيين الجزائريين إلى إعادة النظر في طريقة بروزهم من خلال استعمالهم الجيد لمواقع التواصل ومن خلال استجابتهم لأي مبادرة عربية أو دولية عربية ودولية لصالح الصحافيين الجزائريين، كما أطلب من المسؤولين على القطاع أن يستثمروا في الطاقات الإعلامية الجزائرية من خلال عقد لقاءات وندوات, الصحافي الجزائري تعب من البحث عن طموحاته خارج. نحن بحاجة إلى البروز داخل الجزائر.
في تسجيل لايف لك تحدثت على الأسماء الجزائرية التي انتنقدت الجزائر بعد الخروج منها، هل عنيت أسماء معينة؟ لم أذكر أشخاص بأسمائهم، لأنه لا يحتاج، فالكل يعرف ويعلم من ينتقد الجزائر وهو في الخارج التسجيل كان رسالة وجهتها لبعض المغتربين الجزائريين بالخارج، سواء كانوا أشخاصا ينتقدون البلد من أجل الشهرة، وهذا حال الأغلبية، أو الذين ينتقدون البلد لخدمة جهات معينة، وكانت رسالتي واضحة الانتقاد البناء، ولكن ونحن على ارض الوطن والموضوع موضوع مبدأ لا استطيع تقبل شخص مغترب يتحدث عن غلاء المعيشة وهو يعيش الرفاهية في الخارج ويملك جواز سفر آخر، الجزائر اليوم بحاجة إلى تبييض صورتها في الخارج، ليس طبيعيا أننا في عام 2018 والأجانب والعرب ما يزالون يتساءلون عن الوضع الأمني للبد , نحن سفراء الجزائر في الخارج وتجميل الصورة واجب، من يحب هذا البلد عليه أن يفكر في اقتصاد البلد في الاستثمار مثلا، كيف يمكن أن تجلب مستثمرين وأنت تشتم ليل ونهار في الوطن. كيف يمكن ان نستقطب السياح مثلا.. كل ما يقال ضد سياستنا حتى لو كان جزءا كبيرا منه حقيقة لا يخدم الوطن ابدا.
_رغم أن رفع قضايا الفساد للإعلام الدولي يضر بسمعة البلاد، لكن قد يكون حلا لنصرة المظلوم في بعض الأحيان.. ما رأيك في الموضوع؟ أولا الأسئلة التي يجب أن نطرحها، هل الإعلام يدعم الفساد؟ ويمارس نشر ثقافة التستر في الاعتداء على المال العام، وهل الإعلام يضخم قضايا الفساد ويمنحها أكبر من حجمها الحقيقي؟ هل الإعلام بحد ذاته بيئة جاذبة للفساد؟ أي أن مؤسسات الإعلام والإعلاميين يمارسون فسادا ولديهم استعداد للفساد في ممارساتهم، جميع هذه الأسئلة تصب في مدى نضوج المهنية والجودة في قيام وسائل الإعلام بوظيفتها الرقابية باعتبارها الممثل للمجتمع والرأي العام، لذلك وبحكم خبرتي البسيطة في المجال، الإعلام لا ولن يكون يوما أداة لخدمة المجتمع، بما في ذلك المظلوم. والمجتمع الدولي هذه السلطة تعتبر ان الفساد احد أسس وركائز الإعلام، فقضايا الفساد وإن كانت فهي شخصية وليس مؤسساتية، أما المظلوم إذا كان في بلاد تحترم فيها القوانين وتطبق ستكون نصرة له. وإن كان العكس فإنه لا يستفيد شيئا، لاحظنا تهرب رجال أعمال كبار من الاستثمار اليوم في الإعلام بسبب اعتماد الكثيرين من المتلقين اليوم على السوشيل ميديا.
هل الموضوع فعلا يشكل خطرا على مهنة الصحافي؟ ظاهرة الفاشينيستا، رواد عالم التواصل. هي ظاهرة وقتية لها زمن محدد حسب بعض الملاحظين، صحيح اليوم الإعلام في خطر أمام الفاشينيستا، والسوشل ميديا استحوذت على نسبة عالية من المتابعة وتحولت إلى منبر المعلنين المفضل، اليوم تصرف أموال خيالية على السوشل ميديا ولم تعد تصرف كما كانت على التلفاز او الراديو وحتى الصحيفة والسبب هو سرعة انتشارها. لحماية المهنة من الدخلاء علينا ان نواكب تطورات العصر لكي لا نختفي.
_برنامج شبابي على قناة "بور تيفي" احدث ضجة إعلامية بسبب تناوله موضوع نقد التراث لأول مرة في الجزاير.. ما رأيك في ما حصل، وهل أنت مع رفع سقف حرية التعبير في الجزائر بشكل عام؟ القناة عليها تساؤلات!!! وأنا اعتبر ما ورد في محتوى البرنامج هو نوع من الاستفزاز الجماهيري، الحديث عن التراث أو حتى أمور متعلقة بالدين هي مواضيع تثير غضب الشارع الجزائري، ما حدث غير والموضوع طرح لتوجيه رأي العام. مهنيا لا اعتبر ذلك من باب حرية التعبير، والتي لا أومن بها أبدا في الإعلام، ما حدث أمر سياسي توجيهي. وعن رفع سقف حرية التعبير أظن أننا وصلنا إلى ما فوق السقف في القنوات الجزائرية. وأنا مع ذلك بشرط بمهنية وليس ما نشاهده اليوم على بعض القنوات،فأنا مع رفع سقف حرية التعبير في الجزائر، ولكن باحترافية.
الصحافي الجزائري يتمتع بطاقة وطموح كبيرين، ولكنه بحاجة إلى من يوجهه ويستثمر منه الوجه الإعلامي الناجح، لذا أطلب منه أن يصمد أمام الصعاب التي يعيشها يوميا حتى لو لم تظهر للعلن، فهو مكافح ومناضل في النهاية، وأقول له أنت ناجح سواء كنت داخل الوطن أو خارجه لأنك تتمتع بكفاءة تفوق بكثير الكفاءات العربية التي نشاهده. حاورتها: سارة بانة