لابد من إخراج المنافسة بين الشركات من إطار السعر الجزائري يشتري الضمانات الإجبارية عوضا عن الضمانات الشاملة يشدّد الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للتامين SAA، ناصر سايسي، في لقائه مع مجلة الحوار، على ضرورة التوجّه نحو سوق مالية نشيطة ومتطورة، للمساهمة في تطوير الاقتصاد الجزائري، وإنعاش مختلف قطاعاته بما فيها سوق التأمين، كما يؤكد المسؤول الأول على شركة التأمين الأولى محليا، ومن الأوائل قاريا، رفع قيمة التمويلات المالية التي تخصصها البنوك لمشاريع من شأنها رفع أرقام التأمينات. وفي سياق آخر، تطرّق ناصر سايسي، للحديث عن الصعوبات والإرهاصات التي تشهدها سوق التأمينات في الجزائر، وما تستلزمه من عمل مشترك بين المتعاملين في تطوير القطاع وتوسيع دائرة المنافسة بين الشركات الخاصة والعمومية، على أساس عصرنة التسيير وتحسين الخدمات. ما مجالات نشاط الشركة الوطنية للتأمينات saa؟ وما العروض التي تقدّمونها؟ قبل الحديث عن شركة saa، أود أن أتكلم عن التأمين بصفة عامة، فالتأمين نشاط اقتصادي، يسمح بمرافقة المتعاملين الاقتصاديين والمجتمع في كل نشاطاته. ومن دونه لا يمكن تصور أي تنمية اقتصادية. وللتامين مهمّتان: أولها تغطية الأخطار المتعلّقة بالأشخاص أو الممتلكات أو المسؤولية المدنية.. والثانية ترتكز على المشاركة في تمويل المشاريع الاقتصادية عبر الايداعات المالية لدى البنوك، وخاصة الخزينة العمومية. في ظل المنافسة الكبيرة في سوق التأمين في الجزائر، ما موقع الشركة في الساحة؟ "Saa"، شركة رائدة في قطاع التأمين في الجزائر، بأكبر رأس مال في السوق، يقدر بثلاثين مليار دينار. أما الأموال الخاصة بالشركة، فتقدر ب 35 مليار دينار. التي تعتبر الشركة الأولى من ناحية رأس المال، وبرقم أعمال يتجاوز 27 مليار دينار. و من حيث شبكة التوزيع، هي الشركة الأولى في السوق، ب 520 نقطة بيع، وهذا ما يسمح لنا بتقديم خدمة جوارية للزبون، كما أنها الشركة الأولى التي تساهم في خلق مناصب شغل، حيث تشغل أكثر من 4000 عامل عبر التراب الوطني. مع تحسن مؤشر النمو بالنسبة للاقتصاد الوطني، وبالموازاة مع ميزانية 2018، ما توقعاتكم لتمويلات ميزانية 2018؟ سوق التأمين الجزائري بصفة عامة، والشركة الوطنية للتامين بصفة خاصة، عرفت مرحلتين في السنوات الأخيرة، المرحلة الأولى، وهي الممتدة بين 2003 و2013، تميزت بايجابية كل المؤشرات الاقتصادية، حيث ارتفع مؤشر عائدات البلاد من تصدير المحروقات، ووصل معدل استيراد السيارات إلى أكثر من 500 ألف سيارة سنويا، وهو ما انعكس إيجابيا على سوق التامين، مسجلة معدلات نمو برقمين، مرتفعة من 10 بالمئة إلى 16 بالمئة. وهي سنوات سمحت لسوق التأمين برفع نجاعته. وبعدما شهده النشاط الاقتصادي بصفة عامة، وقطاع التامين بصفة خاصة، تدنيا بسبب انهيار أسعار النفط، ما بين 2014 و2017، فلم يحقق سوق التامين معدلات نمو كبيرة، حيث قدرت من 1 إلى 3 بالمئة. من جهة أخرى، شهدت سنة 2017 نموا ولو بوتيرة ضئيلة، مقارنة بالسنوات الماضية. في إطار تبعات ما أقرته الحكومة من إجراءات دعم للاستثمار، وتخصيص ميزانية مهمة للمعدات، خاصة في القطاع الصناعي. وهو ما سمح لسوق التامين بصفة عامة بتسجيل أرقام أحسن من السنوات الفارطة. تعليقكم على أهم مؤشرات تسيير شركتكم ؟ تكلمت منذ قليل عن معدلات النمو التي كانت ضعيفة نوعا ما في السنوات الأخيرة، لكن بالنسبة لنتائج الشركة، فهي نتائج مريحة جدا، صحيح أن رقم أعمال الشركة لم يتطور بالوتيرة التي أردناها خلال السنوات الأخيرة، لكن الشركة حققت تقدما ملموسا، واستطاعت أن تضمن استقرارها في مستوى لا يستهان به. حيث ختمنا سنة 2017 بأكثر من 3 ملايير كناتج صاف للشركة. فيما قدّرنا عائدات المال على رأس الشركة ب 10 بالمئة. نتوقف عند ملف تسوية الملفات العالقة، كيف تتكفل saa بتسوية الملفات العالقة لعملائها؟ مشكل تسيير الملفات المتعلقة خاصة بحوادث المرور هو مشكل كل السوق، خاصة فيما يتعلق بتأمين السيارات. حيث أن شركات التأمين لم تتوصل بعد إلى إيجاد ميكانيزمات (آليات) تسمح بتسوية تلقائية لملفات حوادث المرور، خاصة إذا تعلّق الأمر بالضمانات على المسؤولية المدنية، حين يتعلّق الأمر بحادث تشارك فيه أكثر من شركة تأمين واحدة. أعطيكم مثالا: عندما يكون زبون saa متعاقدا على الضمان الإجباري، ويقع له حادث مع شخص آخر يكون المسؤول عن الحادث، ويكون هذا الأخير مؤمنا لدى شركة أخرى. فلا يمكننا حينها دفع التعويض لزبوننا، إلى حين استلام مبلغ التعويض من شركة "المسؤول المدني" على الحادث. وهذا مشكل كبير تجاوزته البلدان الأخرى، فيمكن لأي شركة تامين أن تدفع مبلغ التعويض لزبونها، وتسترجعه تلقائيا من شركة الزبون المسؤول على الحادث، وذلك بموجب العقد الذي يربط بين مختلف الشركات. هل تعملون على تدارك هذه الفراغات؟ هناك أشغال نحن في طور إنجازها على مستوى اتحاد شركات التأمين، حيث انه لابد من التوصّل إلى اتفاق يجبر كل المتعاملين، لأنه من الصعب جدا الحديث عن آفاق تطور شركات التامين، أو سوق التامين بصفة عامة. بدون إيجاد آليات للدفع التلقائي لملفات حوادث المرور. أما بالنسبة لعصرنة خدمات الشركة، فنحن بصدد إنجاز عدة مشاريع على مستوى الشركة، تهدف إلى تعزيز استعمال الإعلام الآلي والرقمنة في الخدمات، خاصة وأن شركة التامين الوطنية saa مجبرة على التطور في هذا الميدان، لأنها تملك حافظة أعمال مهمة، تقدّر بمليوني زبون. وهي الأولى في تسويق الضمانات المتعلقة بالتأمينات البسيطة. ما رأيكم في العروض التي تقدّمها شركات التأمين الخاصة؟ نحترم جميع شركات التامين العامة والخاصة، ونحن في سوق وطنية مفتوحة. نحاول في شركة saa الحفاظ على الريادة في تسويق عروض وضمانات جديدة في التأمين. أما عن مستوى المنافسة، فأراها جيدة في جميع الميادين. لكن يبقى أنّه علينا البحث عن سبل لإخراج المنافسة بين الشركات، خارج إطار السعر، وهو للأسف الشديد مجال المنافسة الوحيد حاليا. الشركة باشرت العمل بنظام الدفع الالكتروني سنة 2015، وكانت مقتصرة على التامين البسيط، على غرار السيارات والمنازل، أين وصلت العملية بعد 4 سنوات؟ نحن في سباق مع الزمن لإقناع المواطنين بهذا النوع من الدفع، لكن الأمور لا تسيير وفق ما نريده، والوقت كفيل بإقناع المواطنين بالوسائط الجديدة للدفع. ونحن بصدد وضع آلية تسمح للمواطنين الذين يختارون الدفع الآلي أن يستفيدوا من خصم بالنسبة للسعر. وهذا النوع من الدفع مهم جدا لشركات التأمين، لأنه يقلل من أخطار التعامل بالأوراق النقدية، ويتيح ربح الوقت بالنسبة لوكالات البيع. ما الصعوبات التي تواجه شركة saa فيما يخص تعويض حوادث المرور؟ بصراحة، فقد شهدت السنتين الأخيرتين انخفاضا ملحوظا في معدل حوادث المرور، هذا لا يعني أنه لا يوجد حوادث بشكل مطلق، فهي مرتفعة مقارنة بالبلدان الأخرى. والشركة الوطنية للتأمين، تحاول أن تساعد بقدر الإمكان من خلال حملات التوعية عبر وسائل الإعلام، وعن طريق الحملات التي تنظمها أسلاك الأمن، وعن طريق نشر التوعية في المدارس، بضرورة احترام القانون، والتقليل من حوادث المرور، وفي هذا الإطار تسخّر الشركة (saa) مبلغا ماليا سنويا لا يستهان به. باعتباركم فاعلا اقتصاديا مهما في السوق الجزائرية، ما تقيمكم لانعكاسات الأزمة المالية على سوق التأمين الجزائري؟ أكيد، هناك انعكاسات للأزمة، يرتبط أولا بنقص القدرة الشرائية لدى المواطن، حيث أصبح المواطن يميل إلى شراء الضمانات الإجبارية فقط، عوضا عن شراء ضمانات شاملة. خاصة في تأمين السيارات. فالقدرة الشرائية وانخفاض الاستثمارات لديهما علاقة بقطاع التأمين. ولكن رغم ما مس القطاع من تراجع، إلا أن السياسة الاقتصادية الجديدة التي ستعتمدها الدولة في تنويع الاقتصاد، والتقليل من التبعية للمحروقات، سيسمح لقطاع التامين بلعب دوره في رفع معدلات النمو. إلى أي مدى تأثرت سوق التأمينات بسياسة التقشف التي فرضتها الحكومة؟ لا أظن أننا نعيش سياسية تقشف في البلاد. صحيح أن الحكومة استغنت عن استيراد بعض البضائع، لكن هذا في إطار تشجيع الإنتاج الوطني، وأنا شخصيا أثمن هذه السياسة، بالنظر إلى ما نملكه من مؤهلات اقتصادية وبشرية هائلة. كيف تتعامل الشركة مع محاولات الغش المنتهجة من قبل بعض المواطنين للحصول على تعويضات غير مستحقة؟ ظاهرة الغش ظاهرة دولية خاصة في قطاع التامين. غير اننا نملك قواعد تسيير تسمح في بعض الأحيان بكشف الغش. لدينا "شركة ألفا" مختصة في تسيير الملفات المشبوهة والتصدي للغش، لكن باستعمال الإعلام الآلي سنحد بشكل كبير من هذه الظاهرة. كما أنّنا بصدد المشاركة بمعية شركات تأمين أخرى في خلق شركة تعمل بالنظام الآلي، وفق قاعدة معلوماتية تربط كل شركات التأمين، وهذا سيساهم بصفة كبيرة في قمع الغش بفضل تبادل المعلومات بين الشركات. في إطار معاملاتكم المالية، هل تجدون أن المنظومة المالية في الجزائر تساعد على الاستثمار في مجال التأمينات؟ المنظومة المالية متأخرة نوعا ما مقارنة بالبلدان المتقدمة، وفي رأيي، لابد لشركات التامين أن تعصرن خدماتها، ولابد من الذهاب إلى سوق مالية نشيطة، فنحن بحاجة إلى بورصة القيم المنقولة، وسوق مالية متطورة للمساهمة في الاقتصاد، لأن التمويلات المالية للبنوك محدودة وقصيرة المدى، فأكثر من 80 بالمئة من عائدات البنوك هي عائدات قصيرة المدى، لا يمكن أن تساهم في تمويل المشاريع الكبرى لآجال طويلة المدى. اقتصاديا، اشتغلنا في مجال التمويل من طرف الخزينة العمومية إلى حد بعيد في السنوات الأخيرة، لكن بعد انخفاض واردات البلاد من الصادرات، وانخفاض الجباية البترولية، لم يعد بمقدور الخزينة أن تمول بنفس الوتيرة الاقتصادية، خاصة المستوى المتوسط والبعيد. ما جديد عروض saa لعملائها؟ وما آفاقها المستقبلية؟ شركة saa لديها مؤهلات كبيرة ومصداقية في السوق، سلبياتها أنها شركة ورثت من الماضي البعيد بعض الممارسات بالتسيير، وهي شركة اشتغلت لعقود في الاحتكار، ونحن بصدد الأخذ بعين الاعتبار السلبيات، لتصحيحها بالتكوين والرسكلة بسياسة التواصل، وإدخال أكبر نسبة من التقنيات الحديثة. في أي مرتبة تصنف saa نفسها محليا ودوليا؟ هي أول شركة جزائرية، إفريقيا نحن سادس شركة، ونحتل المرتبة 25 عربيا. هدفنا الأخذ بعين الاعتبار المعايير الدولية، وأن تكون saa في المدى المتوسط من بين الرواد قاريا وعربيا، ولم لا دوليا. ما النصيحة التي يمكن أن تسديها للشباب الذي يطمح في النجاح؟ سر نجاحي العمل والمثابرة، وعدم اليأس أو الرضوخ للازمات، فلكل جواد كبوة، والأهم من ذلك تفويض الأمر لله. والثقة بالنفس. كنت أطمح أن أكون طبيبا لكن الظروف لم تشأ ذلك، فقد نشأت يتيم الأب، واضطررت للتخلي عن دراستي في كلية الطب، والالتحاق بعالم الشغل. ولكن ولله الحمد، ابنتي حققت حلمي، وهي تدرس الطب.