على الأئمة محاربة الخطابات التكفيرية بيوت الله للعبادة وليست منبرا للخطب السياسية والتجاذب الحزبي المساجد خارج سيطرة الدولة تنتج كتائب الموت إطلاق مشروع المساجد والمجالس العلمية الفايسبوكية ضرورة تطرق الباحث والخبير في الشأن الديني يوسف مشرية في لقاء جمعه بجريدة "الحوار" إلى عديد الملفات التي تهم الشأن العام، سواء تعلق الأمر بالشأن الديني في الجزائر، أو بمنطقة الساحل. هذا وتناول مشرية الذي يشغل منصب إطار بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف إلى دور الإمام بوصفه الخلية الأولى التي تشكل منها نسيج المنظومة الدينية بشكل عام حول الفكر الديني وحرب الطوائف التي تريد شنها بعض الأطراف في الجزائر وأدخلها في مأزق هي في غنى عنه، وعن مسائل أخرى يحدثنا ضيف "الحوار" الدكتور يوسف مشرية. * ما جديد القانون الذي وعدت به وزارة الشؤون الدينية والأوقاف المتعلق بحماية الإمام؟ – الاعتداءات المتكررة على الأئمة التي استفحلت في الآونة الأخيرة، هي ظاهرة يمكن وصفها بالظاهرة الجديدة القديمة، سواء عن طريق اللفظ كالسب والشتم، أو عن طريق استعمال وسائل الاعتداء عليه جسديا عن طريق الضرب، علما أن الإمام ضحى بالنفس والنفيس خلال العشرية السوداء، فأكثر من 100 إمام لقوا حتفهم أثناء الفترة الحرجة في تاريخ الجزائر، لأنهم كانوا يعارضون الخطاب المعارض والمتشدد، والقرار جاء سريعا ومتزامنا، قرار وزير الشؤون الدينية والأوقاف بتجميد تجديد اللجان المسجدية، حيث حاول البعض السطو على المساجد وإشاعة خطاب التطرف، والتدخل في صلاحيات الإمام التي من أهمها التوجيه والإرشاد والفضيلة والإرشاد والوسطية. إن القانون متعلق باللجان المسجدية، وليس الجمعيات الدينية كما أشيع، لأننا في الجزائر ليس لدينا أحزاب دينية وجمعيات مسجدية، والإصلاحات الدستورية الأخيرة تحتم على القوانين الجمهورية أن تتناغم مع هذه الإصلاحات، واللجان الموجودة بوزارة الداخلية تنتظر الخروج للعيان، الآن ليس هناك إنشاء لجان مسجدية، بل هو تجديد اللجان، ونأمل أن تكون الإصلاحات المقبلة تتماشى مع الإمام وسيكون الأفضل للمسجد وحمايته. كما تم إصدار التعليمات على أئمة المساجد لأكثر من 18 ألف مسجد عبر التراب الوطني، ونحن مقبلون على حادثة حساسة في تاريخ الجزائر منها عدم استغلال بيوت العبادة والمدارس القرآنية في الخطاب السياسي والحزبي، حتى نجعل المساجد في منأى عن الخطاب الحزبي، والانتخابي، فالمسجد لكل الناس دوره العبادة والحديث فيه حول ما يهم جميع مرتاديه، وهذه التعليمة سبق وأن طرحت لكن فقط لتذكير خطبائنا وأئمتنا، المسألة مرتبطة بحادثة الاعتداءات على الإمام الأخيرة، * هناك بعض اللجان المسجدية أصحابها يتدخلون في شؤون الإمام ويحاولون فرض أفكارهم عليه وإلا سيتم تصفيته أو الاعتداء عليه بوسائل أخرى، ما تعليقكم ؟ – إن المساجد في الجزائر يشرف على بنائها وتشييدها إمام الدولة مثل جامع الجزائر الأعظم أو المساجد الأقطاب المنتشرة في ولايات الوطن، أو مساجد يبنيها محسنون يتكفلون بكل مراحل البناء أو مساجد تشرف على بنائها لجان مسجدية متطوعة معتمدة قانونا من وزارة الداخلية بمرافقة وزارة الشؤون الدينية لها صلاحيات تحددها مراسيم وقوانين الجمهورية، إلا أنه في الآونة الأخيرة كما صرح معالي الوزير وصلت الكثير من التقارير تفيد أن بعض اللجان المسجدية تعدت صلاحياتها والمتمثلة في بناء المسجد وترميمه وتدخلت في الشأن الديني والروحي والثقافي للمسجد وتعدت على الإمام الذي هو المسؤول الأول والأخير عن النظام والحياة الدينية في المسجد…بل ولاحظنا أن الكثير من أصحاب الأفكار الدخيلة عن المرجعية استغلت اللجان المسجدية وتريد إحكام السيطرة على دور العبادة مما جعل بعضها يتعدى على الإمام سبا أو ضربا أو إهانة، كل هذا جعل من الوزارة الوصية تتخذ قرارا بتجميد تجديد اللجان المسجدية، حماية للإمام وحفاظا على هيبة وحرمة المساجد وقدسيتها، فمن أراد ممارسة السياسة أو الدعاية الانتخابية أو الحزبية أو المذهبية او الطائفية الدخيلة والمستوردة فعليه أن يمارسها بالطرق القانونية ويبتعد عن دور العبادة التي هي شيء مقدس وليست شيوعا أو لمن سبق كما كان الحال في زمن مضى. * هل الخطب المسجدية استطاعت احتواء الشباب وتحصينه ضد الأفكار التكفيرية الآتية من وراء الحدود؟ – الخطب المنبرية المسجدية في الجزائر والتي تتعدى عشرين ألف خطبة منبرية كل جمعة تساهم في توجيه وإرشاد الرأي العام الداخلي والإقليمي وهي الان موحدة تساهم في الوقاية من التطرف وتجفيف منابعه بعد ما كانت في سنوات الثمانينات والتسعينات تحت سيطرة المتطرفين المتشددين، فخطابهم يومها أفسد الحرث والنسل وغامر بعقول الجزائريين على اختلاف أعمارهم فأنتجوا كتائب الموت دمروا وطنهم وقتل بعضهم بعضا باسم الدين والتقرب لله تعالى. * التحكم في تقنية تكنولوجيا المعلومات أضحى مطلبا شرعيا وضروريا في راهننا، إلا أنه نجد أغلب الأئمة لا يتحكمون في العالم الافتراضي؟ – دلت الإحصاءات الأخيرة أن عدد الجزائريين الذين يملكون تقنية 4G او 3G يتعدى 32 مليون جزائري بمعنى أن ثلاثة أرباع ساكنة الجزائر هم من مستعملي النت….ودلت الإحصاءات ان أكثر من عشرين مليون جزائري يملك صفحة الفايسبوك، بمعنى أن نصف ساكنة الجزائر تتواصل عبر تقنية الفايسبوك، لذلك حتم على دائرتنا الوزارية وغيرها من القطاعات الأخرى إطلاق مشروع المساجد الفايسبوكية والمجالس العلمية الفايسبوكية وتتواصل عبر خدمات الكترونية من الفتوى والحوار والنقاش العلمي والتواصل الحضاري. أعطيك مثالا بسيطا على مدى أهمية الفضاء الأزرق، الوزارة غطت نشاط الجائزة الدولية للقرآن الكريم في طبعتها الاخيرة في العشر الأواخر من رمضان عبر صفحة تجريبية للفايسبوك خاصة بالمسابقة العالمية لحفظ القرآن الكريم وتجويده..فتم إحصاء أكثر من 140 ألف متابع لهذه الصفحة خلال أسبوع واحد فقط. فعالم التواصل الاجتماعي والذي لا أعتبره انا افتراضيا بل صار واقعا وحقيقة استغله الكثير للترويج لأفكاره. وعليه لابد من التحكم في هذه التقنية خاصة أن هناك نخبة من الأئمة والمرشدات يستطعن أن يصنعن الفارق في مجال الدعوة والعمل الجمعوي… فالتطرف الديني والعنيف كان مصدره يومها تلكم المصليات والمساجد التي كانت خارج سيطرة الدولة فنجم عنها مانجم، أما اليوم والحمد الله الخطاب المسجدي هو خطاب يدعو للوسطية والاعتدال ويجعل من حب الوطن والولاء له هو تعبد لله رب العالمين بعدما كان كفرا بواحا بدليل أن فتنة ما يسمى بالربيع العربي وأحداث السكر والزيت التي حاول دعاة الربيع الربيع الولوج من خلالها وجدت امامها حصنا منيعا في المجتمع بفضل الوعي المتنامي لدى خطبائنا الذين لا يألون جهدا بالجهر في التحذير من فتنة الفوضى الخلاقة التي غزت دول الجوار والكثير من دول العالم العربي فجعلتها خرابا ودمارا، كما ساهم الخطاب المسجدي في مواجهة الفكر التكفيري الداعشي الإرهابي بدليل أن الشباب الجزائري هو الأقل التحاقا بالتنظيم أو العمل في جنباته. يتبع …. حاورته: نصيرة سيد علي الحلقة الثانية