الإحتجاج والتنديد والسخط عن الأوضاع القائمة والرفض لها أو المطالبة بتحسينها أو تغييرها أو إلغائها أمر مشروع، وحق من حقوق المواطنة، ما لم يؤدِ ذلك للإخلال بالقانون العام. كما يعتبر الإحتجاج والتنديد والإضراب والتعبير عن القناعات، فعل حضاري يكفله القانون وتتطلبه طبيعة الحياة الإجتماعية وتوجبه سُنن الله الكونية، كما تقوم عليه كذلك بعض الفلسفات والنظريات الوضعية، مثل النظرية الماركسية الكلاسيكية في الصراع، فالتدافع بين الجماعات والطبقات أو بين جموع المواطنين والسلطة القائمة، بل وحتى بين الأفراد هو عامل بناء وليس عامل هدم كما يعتقد البعض، به تحفظ الحقوق والمصالح، وبه إرتقت وتطورت شعوب وأمم، حسّنت من معيشتها وأخذت حقوقها أخذّا من الفاسدين والمستهترين والفاشلين من المسيرين، ومن الجشعين من أرباب العمل كذلك.
وفي إعتقادي هذا ما يحدث في معظم أرجاء الجمهورية الجزائرية، فما نسمع أو نقرأ عنه من إحتجاجات ماهي إلاّ حالات صحية سببها نقطة من النقاط التي ذكرنا سالفا، فلا خوف علينا من كل ذلك. لكن أهم شيء يجب أن نتذكره، أن نضعه نصب أعيننا ونحن نتدافع نحو التغيير وتحسين الأوضاع بأنه ليس لنا إلاّ وطن واحد، وليس لنا إلاّ عَلَمٌ واحد، عَلَم الجمهورية الجزائرية الديمقراطية، العلم الذي مات وضحى من أجله الآلاف من الشهداء ومثلهم كذلك من المجاهدين، ولهذا فكل من يحمل راية غير راية عَلَم الجزائر في إحتجاج من الإحتجاجات، هو مجرم لابد أن يحاسب وأن يعاقب عن فعلته.
فالحذر إذن مطلوب، والفِطنة لابد أن تكون حاضرة، لأن أعداء الجزائر كثر، في الخارج كما في الداخل كذلك، ومن يريد بِنَا وبأرضنا سوءا عديدون، نعلم منهم القليل ونجهل منهم وعنهم الكثير، يتحركون بنشاط في المياه العكرة، يتظاهرون أمامنا بقلوب، تبدو لنا أنها معنا، لكن حقدهم وأسلحتهم علينا، هدفهم التفريق بيننا، ومسعاهم الأخير تمزيق أرضنا. فالحذر الحذر يا أحرار الجزائر.