ما لم يكتبه القلب بعد؟ بقلم: الأديبة سليمة مليّزي تمرين على خاطري وأنت تحملين باقة جميلة من الحروف من الزمن الجميل، تسبحين في أفق من الإبداع، ترسم عيون في الأفق شوقٌا من زمن كانت فيه الكلمة مخضبة بدماء الشهداء، بين طيات حديثك الهادئ المحكم قبل أن تتحدثين أشعر أنك تنحتين الكلمات بدقة لا متناهية الجمال، كلوحة فنية خلدت في أجمل المتاحف العالمية، فتنثرين درراً يعانق أفكارنا ويأخذنا إلى زمن كانت فيه الكلمة لها ألف معنى ومعنى، وقيمةُ صنعت مجدك الإبداعي، وأنت لا تزالين سيدة الإحساس والدقة في التعبير القيم، لك نثرٌ ساحرٌ أخّاذٌ، سيدتي الأديبة الكبيرة المخضرمة، الأستاذة أم سهام. منذ نعومة أظافري حين دخلت عالم الأدب، عرفتك وأحببتُ فيك التحدي وقوة الكلمة والإحساس المرهف في أفكارك وكتاباتك، التي بقيت كوجه الصباح تطل علينا مع كل فجر جديد .. سيدتي الجميلة أم سهام، الأنيقة الوارفة في فضاء الإبداع، كشجرة السنديان التي لا تهدها رياح ولا أعاصير، وأنت تخطين خطواتك بثقل وثبات وتبحثين عن معنى لوقوفك أمام هذا العالم الفوضوي، تحاولين أن ترسمي لنا طريقاً قويا من أجل أن نحمل مشعل الفكر والإبداع على أحسن وجه، وكأنك تشيرين لنا إلى أن الزمان لن يتوقف، فقطار الكلمة أصبح سريعاً، أسرع من أفكارنا واتجاهاتنا … سيدتي الراقية أم سهام .. أيقونة الحرف، ساحرة الشباب، لقد حاولت عبثاً أن أحتسب زمني بالكلمة القوية، وكان دائماً يعوزني الانتساب الحقيقي لزمنك، ذلك أن الانتساب الذي يهتف بنا حين نصحو في الصباح، نجد فراغاً روحياً يعيدنا إلى هذا الزمن الهش، حاولت كم من مرة أمر إلى زمنك الجميل، وأعيد ترتيب أوراقي المنسية في أدراجي لأحكي لك ألف حكاية من القلب لم تكتب بعد، حين أتذكرك أشعر بشموخ الكلمة، حينها أطمئن أن الإبداع بخير … أردت أن أحكي لك حكاية بأنني أشعر أن الكلمة في حضرتك تزهر بأوسمة الأقحوان وشقائق النعمان في عز الربيع الذي ينحت من خدك لونهٌ الأرجواني، ومن بسمتك أقحوانة تعانق الوادي، على صدر حروفك ينبت العشب الندي ويستمر الربيع في العطاء .. سيدتي الحالمة أم سهام … للورد أحياناً عتاب …وعتابنا على أنفسنا أننا لم نتواصل مع جيلك الجميل بما فيه الكفاية من أجل حمل مشعل الإبداع حتى لا ينقطع حب التواصل بين الزمن الجميل وزمننا هذا، الذي يسرق منا أجمل لحظات العمر ويجري من دون استئذان، ولا يمنحنا حتى لحظة تأمل نراجع فيها أفكارنا قبل الولوج في نشر الكلمة التي لا تعود، وتشبه رصاصةٌ طائشة تصيب القلوب بوعكة فكرية، عسى أن نشفى من جمرها … إن شروق العمر يذهلني، يبعثرني إلى أشلاء من الضياع، أبحث عن بزوغ الفجر ورغبتي في التغيير، برغم الستارة التي تحوله إلى شرانق من حرير، ترسم لي المستقبل وتذكرني بألوف الحواجز التي تجعل من دروبي حرير، أنسج بها مستقبلنا بقوة حتى لا تضيع منا بوصلة الحنين، وأنت تمرين على عمر من الزمن، ربما أثقل العمر؟، لكنه لم يوقف تلك الطاقة الهائلة في إبداعاتك. دعيني أدغدغ حواسي، وأعيد تلك اللحظة الجميلة التي أكرمتني بها في الملتقى الدولي للربيع البليدي للشعر، وأنا أنزل من المنصة بعد انتهائي من قراءة قصائد من القلب، زرعتِ خطواتي بينك وبيني بأكاليل من الفرح، نعم، وبنور من الضياء الذي أضاء عتمة القلب، وأنا أنزل الدرج أبحث عن طريق تجرني إلى زاوية ما، الملمُ فيها ما بعثرتني حروفي لعلي أستفيق من وهج الضياع .. كان هناك صوتي يدوي القاعة شعراً ونثراَ للبليدة التي احتضنتنا وجمعتنا على إيقاعات الحروف التي عزفت سمفونية الربيع .. وجدتك تنهضين من مكانك وتفتحين ذراعيك لاحتضاني بكل حب، وابتسامتك الرائعة ترسم لي نوراً من الأمل أن كلمتي اخترقت ذلك الفكر النير الجميل… كانت لحظة لن تنسى في حياتي … شكراً على مرافقتي إلى الفضاء الحر والإبداع، فكانت الكلمة هي سيدة اللقاء.