بقلم النائب عن المجلس الشعبي الوطني ويشر عبد الغني ديباجة.. نشرت مجلة» فورين بوليسي» تحليلا حول التغير والتحول الذي سيشهده العالم بعد جائحة فيروس كورونا، بالقول: “ليس كمثل سقوط جدار برلين أو انهيار بنك ليمان براذرز، فإن جائحة فيروس كورونا هي حدث مدمر على مستوى العالم يمكننا فقط اليوم أن نبدأ تخيل عواقبه بعيدة المدى”. إن جائحة COVID-19 هي أكبر أزمة عالمية في هذا القرن، عمقها وحجمها هائل وتهدد الصحة العامة لأكثر من 7.8 مليار شخص على وجه الأرض. عواقب كارثية على الشعوب، عدد الموتى المنتظر وفقدان الأحبة (رئيس الحكومة البريطاني) وفقر يتمثل في فقدان مناصب العمل (تشهد الولاياتالمتحدة أكبر نسبة بطالة في تاريخها)، افلاس كثير من الشركات، حجر لكثير من الشعوب التي اعتادت الرفاهية والسياحة لأن حرية السفر والتنقل من الحريات الكبرى التي شعر الإنسان المعاصر في العهد الليبرالي الحديث أنه قادر على أن يمارسها متى ما شاء، واعتُبرت من الحقوق الإنسانية الأساسية وغيرها، انكماش الاقتصاد العالمي مع انهيار السوق النفطية ونقص العرض و وخاصة الطلب، على المدى القصير والطويل و من المرجح أن يقلل الوباء بشكل كبير من القدرة الإنتاجية للاقتصاد العالمي، خاصة إذا أغلقت الشركات وانفصل الأفراد عن القوة العاملة. هذه الأزمة تقود العالم الى خوض حرب جديدة.. الحرب من أجل تأمين الغذاء للشعوب، لأن فيروس كورونا تسبب في إغلاق المصانع بالمناطق المنكوبة بل عبر العالم تفاديا لانتشاره، مما أدى إلى ترك المحلات التجارية والمساحات الكبرى التي توفر الغذاء للناس ناهيك عن المستشفيات والصيدليات بدون مخزون أو منتجات، وهذا الأمر سيجعل الشركات تطلب المزيد من المعرفة عن مصادر إمداداتها مستقبلا. ستتدخل الحكومات كذلك فيما تعتبره صناعات استراتيجية لتأمين الدعم والاحتياطي للسوق المحلي، حيث ستقوم هذه الأزمة بتعديل هيكل القوة الدولية بطرق لا يمكننا أن نتخيلها، وسيستمر COVID-19 في خفض النشاط الاقتصادي وزيادة التوتر بين البلدان، فنحن متجهون نحو عالم أكثر فقراً وبخلاً وأصغر من ذي قبل. حيث يمكن للأزمة المالية والاقتصادية أن تتجاوز في تأثيرها الركود الكبير لعامي2008-2009 كل أزمة بمفردها يمكن أن تشكل صدمة زلزالية تغير بشكل دائم النظام الدولي وتوازن القوى كما نعرفه، و الصدمة الأساسية للنظام المالي والاقتصادي العالمي هي الاعتراف بأن خطوط التوريد وشبكات التوزيع العالمية معرضة بشدة للخلل، وبالتالي لن يكون لوباء فيروس كورونا التاجي آثار اقتصادية طويلة الأمد فحسب، بل سيؤدي إلى تغييرات جوهرية حيث بات من الظاهر أن حمى فايروس COVID-19 لا يمكن أن يصيب الناس فحسب، بل يتسبب في تسمم أنظمة بالكامل، و خطر التفكك كبير بشكل خاص للدول النامية وغيرها التي لديها نسبة كبيرة من العمالة غير المستقرة، وسيتعرض النظام الدولي بدوره لضغوط كبيرة، مما سيؤدي إلى عدم الاستقرار ونزاع واسع النطاق داخل البلدان وبينها، حيث يتوقع الخبراء أن تجد العديد من البلدان صعوبة في التعافي من الأزمة مما يؤدي الى ضعف أكثر الدول، وتصبح الأنظمة الفاشلة السمة الأكثر انتشارًا في العالم المتقدم و الثالث على حد سواء. ستكون عواقب كارثية على الحكومات التي سنشهد سقوط الكثير منها بل حتى الأنظمة، (الجمع بين فيروس قاتل وتخطيط غير ملائم وقيادة غير كفء سيضع البشرية على مسار جديد ومقلق).. ” ستيفن والت Stephen Walt” “. بالمقابل فإن إثبات بعض القادة لمواطنيهم أنهم قادرون على إدارة أزمة فيروس كورونا سيشتري لهم بعض رأس المال السياسي، كما أنه في كل بلد هناك العديد من الأمثلة على قوة الروح الإنسانية -للأطباء والممرضات والقادة السياسيين والمواطنين العاديين الذين يظهرون المرونة والفعالية والقيادة-، وهذا يوفر الأمل في أن الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم يمكن أن يخوضوا هذا التحدي الاستثنائي. الوضع العالمي وزلزال العولمة: (حتى أنه حير منظمة الصحة العالمية وأربك القدرات العلمية والتكنولوجية لأكثر الدول تقدما في العالم التي تقف عاجزة عن الحد من تفشي وباء لم يعد أي جزء من الكرة الأرضية في مأمن من شره. و ما يجري اليوم تحت أعيننا ينبئ بنهاية مرحلة حضارية في حياة الإنسان سوف تنبثق عنها بكل تأكيد مرحلة جديدة تشهد وضعا جيوسياسيا يختلف جذريا عما كان عليه العالم قبل ظهور وباء كوفيد19 (covid19)) “الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون” (رسالة الى الأطباء في 26 مارس 2020). قال أحد الاساتذة: اللحظة التي يعبرها العالم اليوم بالغة التأثير عميقة الأثر، وسوف تدخل التاريخ نقطة تحول جذرية، تؤسس أنماطا جديدة، وتعزز أخرى موجودة بالفعل في عوالم الاجتماع والاقتصاد والسياسة. إن تأثير فيروس كورونا الصحي سوف يزول مع الزمن، وسوف تتجاوز البشرية خطره كما تجاوزت أوبئة وطواعين وحروبا سابقة، لكن الأثر الذي ستتركه كل هذه الإجراءات الكونية ضد الفيروس لن يزول بنفس السرعة، وبعض تأثيره سيستمر في حياة البشرية أزمنة طويلة، وفي تاريخ الطواعين الغابرة عبرة لأولي الألباب، حيث يترقب بعض الخبراء ان كورونا سيضرب النظام العالمي والعولمة في الصميم، ويعصف بأساسها الذي حسبته البشرية صلبا عصيا على الاهتزاز. العولمة التي طغت على الانسانية، وتجبرت على الفقراء والدول النامية، وتجرأت بالدوس على نواميس الكون التي لا تحابي أحدا.. العولمة التي أدخلت الأرض في ظلم وفساد كبيرين، فالقتل والهرج وسرقة ثروات الضعفاء أصبح مقننا باسم الشرعية الدولية التي اقرتها، فكم من وطن لم تعرف شعوبه استقرارا ولا أمنا ولا رخاء، وكم بلدا لاجئوه أكثر من ساكنيه، وكم من طفل و امرأة هضمت حقوقهم جهارا نهارا ، وكم من فقير انتجته سياستها حتى تجاوز المليار فقير أي ما يعادل % 13 من سكان المعمورة، بل حتى الطبيعة لم تسلم من تسلط الكبار، كبار الصناعيين، فالتطور الحاصل في كل المجالات و عوض أن يخدم الانسانية جمعاء أصبح في يد %1 من سكان الأرض تتسلط به على باقي البشر، ومن ثم فالغازات المنبعثة والتلوث الحاصل و سباق التسلح والقضاء على الغابات قصد تصنيعها وحرقها طغيانا، إذ تعتبر رئة الكرة الأرضية، وكأن فيروس كورونا يعلمنا شيئا بمهاجمته للرئة و للجهاز التنفسي. إن العولمة المنفتِحة على كل شيء تعاني اليوم من خطر ماحق، فالحدود تغلق، بل الكوكب حاليا في حالة الإغلاق، والدولة التي لم تغلق بعد ستفعل قريبا، والتي لم تفرض حركة مشددة على الناس والأسواق ستفرض قريبا، لأنّ هذا المرض ينتقل بسرعة هائلة، فالكرة الأرضية كلها ستدخل في حالة الجمود والانعزال، حالة لم يسبق لها مثيلا أبدا، فهل هذا يعني بالضرورة أن العالم الذي عرفناه قد انتهى،؟ وهل العولمة على وشك النهاية؟ اليوم نرى أن مؤشرات الأسواق العالمية وصلت إلى درجة لم يسبق لها مثيل إلا في الأزمات التاريخية الكبرى مثل الكساد الأعظم أو الكساد العظيم great depression عام 1929م وأزمة 2008م. ويتوقع الكثير من الاقتصاديين أن ما سيحدث الآن أسوأ بكثير مما حدث في الكساد العظيم، والسبب في ذلك أن الاقتصاد العالمي يعتمد بشكل أكبر من أي وقت مضى على حالة من التواصل المركب والعولمة المعتمدة على بعضها، حيث أن الكل يتأثر بالكل؛ فمنذ أن بدأت الأزمة في الصين وانتشرت تدريجيا بدأت الأسواق في الانهيار في باقي أنحاء العالم، فسوق النفط على سبيل المثال بدأ يتدهور عندما بدأ الصينيون يغلقون مصانعهم ولم يعد هنالك طلب على النفط، ثم بعد ذلك وجدنا أن النفط ينهار إلى مستويات غير مسبوقة في السنوات القليلة الماضية حيث وصل ثمنه إلى 28 وقد يصل إلى أقل من 20 دولارا في وقت ما قبل أن تعود المصانع إلى فتح أبوابها. إن الأوبئة السابقة – بما في ذلك وباء الإنفلونزا في 1918-1919 لم تنهِ تنافس القوى العظمى ولم تبشر بعصر جديد من التعاون العالمي، كذلك COVID-19 سوف نشهد بعده تراجعًا إضافيًا عن العولمة المفرطة، حيث يتطلع المواطنون إلى الحكومات الوطنية لحمايتهم، بينما تسعى الدول والشركات للحد من نقاط الضعف المستقبلية، ومن المرجح أن تخرج الدول والأنظمة والمنظمات وكبرى الشركات من هذا الوباء بشكوك حول النموذج المنتشر عالميًا.. العولمة، وستعمل الأزمة بتعديل هيكل القوى الدولية بطرق لا يمكننا أن نتخيلها، وما يجري اليوم تحت أعيننا ينبئ بنهاية مرحلة حضارية في حياة الإنسان سوف تنبثق عنها بكل تأكيد مرحلة جديدة تشهد وضعا جيوسياسيا يختلف جذريا عما كان عليه العالم قبل ظهور الوباء. الصين أولى المتضررين بشكل كبير لكنها تستعيد عافيتها قبل العالم أجمع، مما قد يؤدي إلى معدلات نمو أفضل مقارنة ببقية العالم، فقدرة الصين على التعافي أكبر من قدرة أوروبا أو قدرة الولاياتالمتحدة نظرا لطبيعة نظامها وتركيبتها المجتمعية، وكذا لتزايد احتياجات العالم التجارية وللصناعة الصينية، التي تضررت في بداية الأزمة و بدأت تعود للعمل، فاليوم نسمع أن نسبة كبيرة من المصانع تعاود إنتاجها، حيث نشاهد اليوم كيف بدأت الصين بتزويد العالم بأكثر ما يحتاجه الآن من أدوات وتجهيزات طبية من الأقنعة وأجهزة التنفس وما إلى ذلك في إطار تضامنها مع الدول، كما أن العالم سينصب على المصانع الصينية ليأخذ منها ما يستطيع، بذلك ستستعيد عافيتها الاقتصادية ولو نسبيا وتستعيد مكانتها الاستراتيجية في العالم بالعودة إلى مصاف الدول الكبار، كما أنها ستحاول كسب دول العالم من خلالا لعب دور المنقذ عبر تزويدها بالخبرات والقدرات لمكافحة الفيروس. فهل تعافي وازدهار الصين يؤدي الى الانتقال من عولمة تتمحور حول الولاياتالمتحدة إلى عولمة تتمحور حول الصين؟ إذا كانت الصين تتعافى حسب ما هو ملاحظ، فإن أوروبا والولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأخرى تدخل في ذروة المرض، من ناحية أخرى واقع الولاياتالمتحدةالأمريكية في ظل حكم الرئيس ترامب ليس مبشرا بالخير، وصورة أمريكا ستهتز داخليا، ستعاني من اضطراب النظام الصحي الأمريكي فهو ليس مهيئا لاحتواء تداعيات كورونا، حسب تصريحات مسؤوليه، وحسب الخبراء فإن النظام الصحي الأمريكي قد ينهار بسبب نظام التأمين الصحي السيء، وهناك نسبة هائلة من السكان ليس لديهم القدرة على دفع تكاليف العلاج، مما قد يؤدي إلى تفشي المرض سريعا وإلى حالة من الذروة لا تستطيع المستشفيات استيعابها، فستحاول بشكل مستميت أن تحتوي الأزمة التي لم يحدث في التاريخ أن واجهت واقعا صحيا متعثرا مثل هذا. وهذا سيعزز من الركود الاقتصادي، رغم الأموال المذهلة التي تضخها أمريكا في الأسواق بألاف المليارات لمقاومة الانهيار الاقتصادي الحالي ومع هذا وحسب الخبراء الاقتصاديين، تواصل الأسواق بدون رحمة هبوطا مدويا كل يوم حتى بعد انخفاض نسبة الفوائد من قبل البنك الفدرالي في أمريكا إلى الصفر. لقد فقد الشعب الأمريكي ثقته بالعولمة والتجارة الدولية، ناهيك عن بقية الشعوب النامية والمضطهدة، ناهيك عن تراجع مكانة أمريكا العالمية منذ سنوات، وكورونا يسرع في تراجعها وانحسار أهميتها القيادية العالمية لحساب أقطاب دولية أخرى على رأسها الصين. فهل يعود العالم إلى فكرة العولمة المفيدة للطرفين التي حُددت أوائل القرن الحادي والعشرين؟ أو تتمحور العولمة مستقبلا حول الصين؟ من الواضح أن أوروبا أصبحت في مأزق كبير، حيث أن الاقتصاد الأوروبي كان يعاني من أزمات اقتصادية هائلة في السنوات الاقتصادية الماضية فهو لم يتعافى بشكل كامل منذ أزمة 2008، فلربما سيؤدي إلى انهيارات أكبر في منطقة اليورو، وسيؤدي قطعا إلى نزعة قومية جديدة في أوروبا، والتي ما فتئت تتصاعد منذ 2008 بشكل كبير وصولا إلى تفاقمها بعد أزمة اللاجئين، وكيف أن الأحزاب القومية اليمينية المتطرفة بدأت تنمو، وسيطرت على الحكومات في بعض الدول، فإغلاق الحدود مقترنا بالانهيارات الاقتصادية سيجعل الناس يبدأون التفكير بأنفسهم أولا بعيدا عن الآخرين. كما هو واضح أن جنوب أوروبا تعاني أكثر من شمالها، فألمانيا مثلا أكثر تحكما بالأمور من بقية دول أوروبا الجنوبية وكذلك بقية دول أوروبا الشمالية بفضل قوة اقتصادها ونظامها الاجتماعي المختلف تماما بحكم نموذج الرأسمالية الاشتراكية، لذلك نزعة التضامن الأوروبي سوف تتراجع، ونزعة الأنانية القومية سوف تتزايد، كما تصبح هذه النزعات مقدمة على الانتماء الأوروبي، وسيكون لها تأثير علينا كمسلمين بحكم صلة العالم الإسلامي بأوروبا وبالذات الأقليات المسلمة التي تعيش هناك. من خلال ما سبق يتبين: سنشهد عالما أقل انفتاحًا وأقل حرية، كما سنرى تعديلا لهيكل القوة الدولية، وسنشهد العودة إلى فكرة العولمة المفيدة للطرفين، وسيعمل الجميع لحماية المكاسب المشتركة، كما قد تعمد الولاياتالمتحدة في منافسة جيوسياسية مع الصين وقد يصل الى الانتقال من عولمة تتمحور حول الولاياتالمتحدة (القطبية الواحدة) الى الثنائية القطبية يكون للصين فيها الدور الأكبر. سنشهد معظم حكومات المعسكر الغربي تراجع استراتيجياتها نحو التحول إلى الشأن الداخلي على المدى القصير، حيث تنتقل إلى التركيز على ما يحدث داخل حدودها بدلا من الخارج، مما سيعطي وقودا للقوميين و اليمين المتطرف ومناهضي العولمة والصقور الصينيون وحتى الأمميون الليبراليون أدلة جديدة لدعم وجهات نظرهم، و ربح مساحات أكبر للتحرك نحو القومية بل ستعمد الأحزاب القومية اليمينية المتطرفة للسيطرة على الحكومات في بعض الدول، مما يؤدي الى انهيارات أكبر في منطقة اليورو، وسيؤدي إلى تراجع نزعة التضامن الأوروبي، كما سيتطلع المواطنون إلى الحكومات الوطنية لحمايتهم. سنشهد تراجع كبير للهجرة ومحاربة شرسة للهجرة غير الشرعية وبطرق أقل ما يقال عنها انها غير انسانية. وبالنظر إلى الضرر الاقتصادي والانهيار الاجتماعي سينخفض النشاط الاقتصادي أكثر فأكثر مما يؤدي الى زيادة التوتر بين البلدان وتنافس القوى العظمى. ستعمل أمريكا على تجنب أخطاء الماضي ومراجعة سياساتها نحو الأفضل. الكبار مهتمون بالتخطيط للاستفادة لما بعد كورونا. الدولة التي لا تستطيع تأمين الغذاء لشعبها لسنتين أو أكثر فهي معرضة للزوال. سنشهد إعادة النظر في الاستعمال المفرط لحق الفيتو خاصة فيما يخص القضايا الانسانية. العودة للمجموعات الإقليمية التي تضم بعض الدول حسب الجغرافيا والمصالح المشتركة، والتوجهات العرقية والدينية. العودة القوية المحتملة لمنظمة عدم الانحياز، الجامعة العربية، منظمة المؤتمر الاسلامي والمغرب العربي الكبير… غالبية الدول العربية وأنظمتها في حالة انهيار مما يرشح الجزائر للريادة. الدول التي ستنكمش على نفسها ولا تتعامل مع الواقع الإقليمي والدولي، ستُعرض نظامها السياسي إلى خطر الهيمنة من نوع جديد. العالم سوف يبدأ الحديث عن معان وجودية جديدة، بمعنى أن الأديان والمعتقدات والفلسفات سوف تبدأ بالحديث عن معنى الإنسانية ومعنى الحياة، لأن الناس بدأت تتساءل عن كيفية التعايش مع هذه المسألة دينيا، أو حتى إنسانيا والبحث عن نموذج اقتصادي عالمي أكثر استقرارا وعدالة. ستخرج الديمقراطيات من قوقعتها للعثور على نوع جديد من الحكم الأممي. سيكون للمواطنين العاديين وللمجتمع المدني دورا فعالا في تغيير الأمور للأحسن، وهذا يوفر الأمل في أن الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم يمكن أن يخوضوا هذا التحدي الاستثنائي. الجزائر.. سيستفيق العالم والأنظمة بعد كورونا وقد خسروا مواقع استراتيجية داخليا وخارجيا وستشهد بعضها انهيارا في اقتصاداتها، وسيستفيق جميع الناس وقد خسروا اموالا كبيرة جدا مما سيؤدي إلى تفاعلات اجتماعية وسياسية خطيرة في أماكن كثيرة. لم نتحدث عن اقتصادنا وعن الوضع الاقتصادي في إفريقيا والشرق الأوسط لأنه سيء أصلا، مع العلم انه إذا استمرت حالة الانهيار الاقتصادي الحالي قد نصل إلى ركود عالمي كبير، تتضرر منه الدول الصناعية التي يعتمد اقتصادها على التصدير، ومن بينها الدول المنتجة للنفط، لذا وجب علينا المثابرة من خلال اعادة رسم استراتيجية سياسية واقتصادية فعالة تواكب التطورات الحاصلة وتجعل لنا قدما في المنظومة العالمية الجديدة. التموقع الداخلي: تقوية الجبهة الداخلية باستعادة الثقة بين الحاكم والمحكوم، ومن ذلك استجابة أكثر لمطالب حراك التغيير الجذري لمنظومة الحكم القائم. وضع خطة للاستفادة من عواقب الأزمة لتطوير القدرات المحلية البشرية وكل القطاعات الحيوية. الاعتماد على الأفكار والتوصيات المحلية أفضل من المستوردة وتجنب ما أمكن اقتراحات بنك النقد الدولي ة ال FMI. التقليل ما أمكن من الاتفاقيات الدولية التجارية ما أمكن والاعتماد على المنتوج المحلي. العمل على تطوير ورفع مستوى التعليم والصحة العمومية وكذا العمل على رفع الدخل الفردي على المدى القصير. تفعيل دور الاحزاب والمجتمع المدني قصد المساهمة في القرارات المصيرية والمشاركة الفعالة في تنمية للبلاد. العمل الجدي على تنويع الاقتصاد الوطني من التبعية للنفط مع العمل على تطوير القطاع أكثر. وقصد تأمين الغذاء يجب التوجه نحو تطوير الزراعة بشتى انواعها وخاصة زراعة الحبوب وتحفيز المستثمرين في هذا المجال مع العمل على تشجيع التصدير الى البلدان المجاورة وكذا الافريقية ووضع الميكانزمات اللازمة لذلك، تحظيرا لدور إقليمي في المنطقة. تشجيع الصناعات الغذائية والعمل على تطويرها. الاهتمام بقطاعات السياحة والخدماتية والصناعات الصفيرة والمتوسطة. الدفع بالصناعة البتروكيماوية. وضع خطة عملية للصناعات المنجمية وتطويرها والتركيز على المناجم المربحة كالذهب والسليسيوم والفوسفات وغيرها. يجب وضع خطط دقيقة ومفصلة، واقعية وعملية من عدت خبراء في شتى المجالات. التموضع الخارجي: بالنظر لما سبق من توقعات لما بعد الكورونا فإنه بات من الضروري أن يكون للجزائر قدم في المنظومة العالمية الجديدة، كما يجب علينا أن نلعب الدور الريادي إقليميا، حيث بات من الضروري إعادة النظر في مبادئ السياسة الخارجية للبلاد: التوازن بين الأقطاب التي ستفرزها التغييرات الجيوسياسية المرتقبة. تعزيز الحضور الاقتصادي إقليميا وهذا عبر التبادل التجاري المكثف مع الدول المجاورة. التركيز على التعاون الاستراتيجي الأمني ضد الإرهاب وبغية تحقيق المصالح المشتركة إقليميا أولا ثم عالميا ثانيا. لعب الأدوار الأولى في فض النزاعات إقليميا وعربيا وكذا مع دول المؤتمر الاسلامي. استكمالا للدور الذي تلعبه الجزائر مع الدول والانظمة بات من الضروري عدم اغفال حقوق الشعوب والعمل على أنسنة القرارات المتخذة وكذا الحفاظ على سمعة الجزائر بين الشعوب. التركيز على حل المشكل الليبي في إطار حل (ليبي/ليبي) واعطائه الأهمية القصوى في إطار تقوية التواجد الإقليمي. تطوير علاقاتنا أكثر مع الجارة تونس والتفكير في فتح صفحة جديدة مع المغرب. تعزيز العلاقات مع دول الساحل والوقوف الى جانبها أكثر. جعل من تامنغست محور اقتصادي وسوق حرة للتبادل التجاري (جنوب/جنوب) ولم لا التفكير في بناء مطار دولي محوري للمنطقة يكون همزة وصل بين القارات ولتبادل السلع. الثبات على الموقف المشرف للدولة الجزائرية ولشعبها تجاه قضية فلسطين.