المابعدية… وأجوبة المستقبل كورونا جسرا – عفوا نموذجا-
بقلم الدكتور فاروق طيفور
وبهذا المنطق أصبحت الدراسات الاستشرافية اليوم تستخدم عدة علوم مندمجة ومنسجمة ومنها الذكاء الصناعي ومنظومات الجيل الرابع والخامس وأغلب تطبيقات الحوكمة المستقبلية ولاسيما لعمل المؤسسات، وتقوم على استخدام أساليب نوعية وكمية لتوقع طبيعة وأهمية التطورات والاتجاهات المستقبلية (الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية والبيئية وغيرها) وتحليل مدى تأثير هذه التطورات المستقبلية على المجالات المرتبطة بعمل الجهة وتحديد البدائل واختيار أفضلها بناء على قوة هذه الاتجاهات للاستفادة منها أو التعامل معها أو توجيهها نحو الأفضل بما يخدم أهداف الحكومة، ومدى عمق فكر استشراف المستقبل في تطوير استراتيجيات ومبادرات وسياسات استباقية مبنية على قراءات صحيحة للتوجهات المستقبلية بشكل يضع الحكومة في مستوى عالمي، وصارت دولة المستقبل هي الدولة التي يكون لديها الرؤية والمرونة والمبادرة والقدرة الاستباقية الناجحة والمستدامة على: الإستشراف والاستكشاف المبكر للتحديات والأزمات المستقبلية وتحليلها ومعالجتها ووضع الخطط الإستباقية لها، مواجهة تحديات وغموض المستقبل ومعالجة أعراضها بشكل مؤسسي منظم. استغلال الفرص المستقبلية بناء على الرؤى والقيم والأهداف الوطنية المستقبلية بعيدة المدى على كافة المستويات لتحقيق إنجازات نوعية لخدمة مصالح الدولة والأجيال الحالية والمستقبلية. مصطلح المابعد ونظرية صناعة السياسات المستقبلية: ونحن نناقش موضوع هذا الوباء الخطير وبعد أقل من نصف شهر ظهرت دراسات وبحوث وتصريحات لبعض المفكرين الذين لهم علاقة بالمؤسسية المنهجية الأمريكية (فورين بوليسي) تتحدث عن مصطلح (مابعد كورونا) وراحت تقوم بعملية غسيل جد عميقة لتحضير العالم لرؤية مستقبلية تعرفها هذه المخابر، وسوقت تسويقا ذكيا في فترة تزاحم الأسئلة والثنائيات المتناقضة لمشهد يفرض فرضا التغيير في المنظمات القديمة بتركيز بعض القيم والأولويات وحتى السيناريوهات التي ينبغي على الباحثين المفكرين وأهل السياسة والحكم أن يتريثوا في تصديق مايقال ويسوق، فمصطلح المابعديات ليس جديدا كما يقول الدكتور خيري منصور، ما دام التاريخ ذاته قد تم تحقيبه إلى ما قبله وما بعده، بدءا من ميلاد السيد المسيح، لكن ما امتاز به عصرنا هو التعامل مع الماضي من خلال قطيعة معرفية معلنة، وذلك بفضل الانقلابات الكوبرنكية المتعاقبة التي أحرقت مراحل، فما كان يحتاج إلى قرن أصبح ينجز في عقد، مما أصاب الإنسان المعاصر بتضخم الذات والنظر إلى التاريخ كما لو أنه بالفعل انتهى، وهذا ما فعله ‘فوكوياما' عندما نعى التاريخ، وأعلن خاتمته، وأضاف إلى هذا النعي الإنسان بشكل ما. الحلقة 06 يتبع