اتفق زعماء حلف شمال الأطلسي بالإجماع بعد مد و جزر وبعد عناء طويل، على تعيين رئيس الوزراء الدانماركي أندرس فوغ راسموسن أمينا عاما لحلف شمال الأطلسي بعد تنازل تركيا على اعتراضها عليه، ومباشرة عقب الاتفاق تعهد الأمين العام الجديد للناتو باحترام الخصوصيات الدينية، والسعي لحماية حرية الرأي وحق ممارسة الشعائر الدينية، وقال راسموسن في كلمته خلال المنتدى الثاني لتحالف الحضارات الذي استضافته تركيا ''إن الحوار مع المسلمين سيكون أحد أهم واجباته كأمين عام للناتو''... راسموسين الأمين العام الجديد، تعرض بالفعل إلى موقف محرج خلال قمة الناتو في مدينة ''ستراسبورغ'' الفرنسية، حين استخدمت تركيا حق الفيتو ضد اختياره ، وعزت ذلك إلى طريقة تعامله مع الكاريكاتير المسيئ للرسول ''عليه السلام'' والتي نشرتها صحفية بولاندس بوستن الدانمركية، وموافقته بفخر كبير على نشرها تحت ذريعة حرية التعبير، ورفضه للاعتذار رغم موجة التذمر والاستياء التي خلفتها في العالم الإسلامي .. تركيا وعلى رأسها أردوغان أثبتت مرة أخرى أنها سند قوي للاسلام، وحارسة أمينة لحقوق المسلمين، ودولة محورية على الغرب أن يسمع صوتها في كل مرة .. فبعد الموقف الشجاع والجريء الذي عبر عنه الفارس أردوغان الرافض للعدوان الهمجي الذي شنه الكيان الصهيوني على الأبرياء والعزل في غزة، وانسحابه من ملتقى دافوس في خطوة شكلت صفعة حقيقية للدولة الصهيونية وإذلالا لرئيسها شيمون بيريز الذي كان حاضرا في قاعة المؤتمر.. أثبت مرة أخرى أنه زعيم من طراز فريد، حين أجبر دول الغرب في عقر دارها على إعادة حساباتها وعقد معها ما يشبه الصفقة - فمقابل الاعتذار عن الإساءة للرسول الكريم تتم الموافقة على تعيين رئيس الوزراء الدانماركي - .. فيتو أردوغان أسال لأمريكا وحلفائها في الحلف الأطلسي العرق البارد ...فبذكاء بالغ استفاد من مكانه في أقوى الأحلاف العسكرية في العالم، واستغل صفة الإجماع التي من الضروري تحقيقها للخروج بأي قرار في الحلف ليمرر مطالبه.. وفي لحظة مفصلية في تاريخ الحلف الذي يواجه تحديات الهزيمة أكثر من النصر في أفغانستان، وفي عدد من البؤر الملتهبة في العالم، ظفر أردوغان بمكاسب هامة للعالم الإسلامي حين أجبر أعتى القوى على التعهد بالتعامل مع المسلمين على أساس من الاحترام المتبادل، بجانب تقديم راسموسين اعتذارا علنيا للمسلمين عن الرسوم المسيئة.. اتضح الآن دون أدنى شك أن أردوغان يتصرف بناء على احترامه لقيمه الإنسانية وللعدالة واحترامه لديانته الإسلامية، وما تفسيرات بعض الأصوات الضعيفة في الوطن العربي لموقفه من غزة وانسحابه من دافوس بأنه عمل دعائي، إلا مبررات وهمية وواهية..