أمام الإلحاح الشديد للعديد منهم وافق بعض الأطباء المشرفين على بعض الحالات بالسماح لمرضاهم المتواجدين بالمستشفيات بالخروج يوم أمس ومغادرة أسرتهم للتوجه إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، هؤلاء الذين رفضوا أن يكون المرض حائلا بينهم وبين تمتعهم بكامل حقوقهم في المواطنة، شأنهم في ذلك شأن الأصحاء. وفقا لما أدلى به من التقتهم ''الحوار'' بمستشفى ''الأمين دباغين'' ومستشفى مصطفى باشا من المرضى، اتضح أن نسبة معتبرة منهم أدت واجبها الانتخابي أو كما فضل البعض منهم وصفه بحقها الانتخابي، فقد طالبت هذه الشريحة من المجتمع من المشرفين على علاجها السماح لها بالتوجه إلى مكاتب الاقتراع وخاصة القادمين من باقي ولايات الوطن وكان لهم ما أرادوا. ''لم يؤت لنا بالصناديق فتوجهنا إليها'' شاءت إرادة المولى أن يتواجدوا في مثل هذا اليوم داخل المستشفيات، منهم من خضع للعملية الجراحية ومنهم من ينتظر دوره، تقبلوا مرضهم لكن لم يتقبلوا أن يتركوا أحدا يقرر مكانهم، تفاجأنا كيف لهم أن يفكروا في مغادرة أسرتهم سيما وأنهم مصابون بأمراض حساسة كالقصور الكلوي وأمراض الجهاز الهضمي والقلب، وكانت دهشتنا أكبر عندما قالت لنا سعدية ذات 37 ربيعا وجدناها تستعد لمغادرة مستشفى مايو ''لم يؤت لنا بالصناديق فتوجهنا إليها''، للإشارة سعدية تنظر الخضوع لعملية استئصال المرارة عن طريق المنظار أو كما تعرف بالسيليو سكوبي، يوم 11 أفريل، تقول''طلبت الإذن من طبيبتي أن تسمح لي بمغادرة المستشفى لمدة يومين فقط حتى أتمكن من الانتخاب فلا أرى ما يمنعني من المشاركة في تقرير مصير الوطن الذي لولاه لتدهورت حالتي الصحية، فأنا مصابة بالسكري ونصحتني طبيبتي ألا أخضع لعملية استئصال المرارة بالطريقة العادية وأن الجراحة بالمنظار هي الحل الوحيد، والتي لم تكن متوفرة ببلادنا قبل سنوات والآن والحمد لله لا نحتاج إلى التنقل خارج الوطن لإجرائها، فأنا لم اضطر إلى التنقل بعيدا عن منزلي وبقيت بنفس الحي الذي أقطن فيه ليتمكن أبنائي من زيارتي يوميا، كما أنني مطمئنة من عدم حدوث مضاعفات صحية، فكيف لا أصوت لصالح هذا الوطن. أما ''شمسة'' القادمة من ولاية بسكرة لتلقي العلاج بقسم أمراض الجهاز الهضمي بذات المستشفى فأكدت هي الأخرى رغبتها في تأدية واجبها الانتخابي، كاشفة لنا عشية التاسع من أفريل أنها لم تتمكن من الحصول على إذن لمغادرة المستشفى بسبب حالتها الصحية الصعبة إلا أنها وقعت توكيلا لابنها الأكبر للتصويت في مكانها. وإن كانت حالة ''شمسة'' منعتها من التمتع بحقها فإن نسرين التي كانت تستعد لمغادرة المستشفى رفقة والديها أصرت على الانتخاب بنفسها قائلة ''تيقنت فعلا أنني لن أجد راحتي في أي بلد آخر غير الجزائر، فلقد غادرت أرض الوطن، أضافت نسرين، متوجهة إلى فرنسا للخضوع إلى عملية زرع الكلية، إلا أن المصاريف الأولية التي تسبق العملية أرهقتني كثيرا، من تحاليل وصور طبية وإقامة وغيرها كنت في غنى عنها هنا بالجزائر لأن مصاريف العلاج داخل الوطن مهما ارتفعت تبقى رمزية بفضل جهود الدولة في الإبقاء على مجانية العلاج، فكيف لا أصوت واختار من يسهر على راحتي في وطني. حتى الأطباء لم يقفوا أمام إرادتهم في مستشفى مصطفى باشا الجامعي وبقسمي أمراض الكلى وأمراض القلب، وجدنا استجابة من طرف الأطباء لنداء نابع من قلوب المرضى، خاصة أولئك الذين لم يخضعوا للجراحة بعد والذين لا تشكل مغادرتهم المستشفى خطورة على صحتهم، فلدى دخولنا هذين القسمين في وقت الزيارة عشية الانتخابات لاحظنا أن أغلب الغرف والأسرة فارغة، فحسبنا للوهلة الأولى أن أعداد المرضى قد تناقصت. فأوضحت لنا إحدى الممرضات أن بعض المرضى حصلوا على موافقة من الأطباء للخروج من أجل الانتخاب نزولا عند رغباتهم والتي لا تتعارض وحالتهم الصحية. ومن المرضى من عبر عن أسفه لإهمال السلطات لهم وتناسيها إياهم بعدم تخصيص مكاتب اقتراع متنقلة داخل المستشفيات.