من جملة ما ميّز برامج المرشحين لرئاسيات التاسع أفريل الحديث عن مختلف الجوانب الحياتية، إلا أن الاهتمام بقطاع الثقافة لم يكن بنفس الدرجة وبنفس الاهتمام، فالمترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة خلال استعراضه للخطوط العريضة لسياسته السابقة والمستقبلية لم يسقط الثقافة من برنامجه، بعد أن ظل ولسنوات طويلة حبيس محدودية الميزانية، حيث خصص لها خلال عهدتيه السابقتين حيزا واسعا بوصفها من أهم دعائم التنمية المستدامة، على اعتبار أن القضايا المصيرية المرتبطة بمسائل الهوية تؤكد كل يوم حسبه أن قطاع الثقافة سيظل واحدا من أبرز القطاعات التي تتبلور فيها مظاهر السيادة الوطنية. قطاع الثقافة يستعيد اعتباره ظهرت نتائج سياسة ترقية قطاع الثقافة مؤخرا من خلال رفع ميزانية القطاع إلى 15 مليار دج في سنة 2009 بعدما كانت لا تتجاوز 10 ملايير دج سنويا، مما ساعد في إعادة إحياء الحركة الثقافية داخليا وخارجيا بمفهوم أوسع وأرقى، فقد تعزز قطاع الثقافة بعدد من المشاريع القاعدية في إطار إنعاش مختلف حقول القطاع خاصة وما يتعلق منها بمجال الإنتاج والبحث والنشر والإعلام والسمعي البصري. كما حظي القطاع السينمائي باهتمام خاص ومباشر من قبل الرئيس خلال السنوات الأخيرة، حيث أشرف بصفة شخصية على إنجاز عدد من المشاريع السينمائية أهمها ما يتعلق بالتأريخ للثورة الجزائرية، كما يتضمن برنامج المترشح بوتفليقة برنامجا خاصا يتعلق باستكمال ترميم قاعات السينما على مستوى مختلف البلديات والدوائر. وسيتم تفويض تسييرها لمتعاملين مؤهلين وفقا لدفاتر أعباء معدة لهذا الغرض. وفي هذا الخصوص، يجري الإعداد لاستحداث دار الأوبرا الوطنية على مستوى العاصمة، ناهيك عن مشروع قيد الدراسة يتعلق بإنجاز قاعة كبرى للعروض في العاصمة دائما، وفي سبيل تحقيق تغطية متوازنة لكافة أرجاء التراب الوطني بما تحتاجه من هياكل ترفيهية ثقافية، فقد تم تسليم 133 مكتبة في الوقت الذي يجري إنجاز ما يربو عن مائة مكتبة أخرى، فضلا عن تسليم 23 دارا للثقافة و72 مركزا ثقافيا. وثمة برنامج لإنجاز حوالي 1200 مكتبة وقاعة مطالعة لفائدة كافة البلديات النائية، بالإضافة إلى برنامج آخر يتوخى فتح قاعات مطالعة في مختلف الأحياء والمناطق السكنية بالتعاون مع الجماعات المحلية مع الأخذ بعين الاعتبار عصرنة تجهيزاتها التقنية مع مراعاة التكفل بالتراث المادي واللامادي الثقافي من خلال ضمان حمايته قانونيا، إلى جانب الاهتمام بترميم مختلف المعالم الأثرية التي ظلت عرضة للإهمال والاندثار لسنوات طويلة، وفي سياق ضمان الحماية القانونية للممتلكات الثقافية تعهد بوتفليقة خلال السنوات الخمس المقبلة بالعمل على تمتين التفاف الأمة حول ثوابت الدولة، وفي هذا الصدد سيتم الاستمرار في إشراك المنظومة الوطنية للتعليم بكل أطوارها من أجل التركيز على تلقين الجيل الصاعد قيم حضارتنا العربية الإسلامية، عن طريق تعليم القرآن الكريم وترقية المسجد وحمايته وتثمين مساهمة الزوايا في هذا المجال، فضلا عن ترقية اللغة العربية، الوطنية والرسمية، وكذلك الشأن بالنسبة للغة الأمازيغية. بعد وسام الثقافة العربية، الجزائر سنة للثقافة الإفريقية فبعد احتضان الجزائر للثقافة العربية لسنة 2007 ونجاحها في تحقيق الأهداف القومية لهذه التظاهرة من خلال تجنيدها لكل طاقاتها المادية والبشرية وفق سياسة تمتين وترسيخ الثوابت العربية تستعد الجزائر لاحتضان أكبر موعد ثقافي إفريقي بتفويض من مجلس الوزراء الأفارقة نظرا للدور الريادي الذي لعبته الجزائر في توحيد الرؤى الإفريقية وإعادة توحيد الصورة السمراء أمام العالم. حيث تعكف الجزائر من خلال قطاع الثقافة على احتضان المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني في الرابع من جويلية المقبل وذلك بعد 40 سنة من الطبعة الأولى للمهرجان الذي احتضنته الجزائر سنة ,1969 وذلك دعما من الجزائر لحركة البناء والتشييد والنهضة التي تشهدها إفريقيا بعد سنوات من الركود والسبات وتقوية منها للتحديات الجديدة لهذه القارة الفقيرة في عصر العولمة بما من شأنه أن يساعدها على إيجاد مكان محترم وسط المجتمع الدولي تحافظ من خلاله على مكتسباتها وخصوصيتها. حيث ركز رئيس الجمهورية من خلال الخطة التي رسمها في هذا السياق على إبراز تطور القارة ونهضتها وثقافتها وتراثها، وتثمين طاقاتها. والجدير بالذكر أن تكليف الجزائر بتنظيم الطبعة الثانية للمهرجان يرجع أساسا لما تتوفر عليه من إدارة لإقرار ما تزخر به القارة من مبدعين وفنانين لإظهار بطاقة تعريف تعكس خصوصية القارة وهو ما يبرزه جليا شعار هذه الطبعة ''النهضة الإفريقية''. وللإشارة فإن أغلبية الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي وكذا الدول المستضيفة للجاليات الإفريقية، الولاياتالمتحدةالأمريكية وأمريكا اللاتينية ستكون حاضرة بقوة لذلك يتوقع استقبال 8 آلاف فنان ومثقف ومؤطر وإعلامي وضيف رسمي. وقد ساهمت الجزائر في إطار إنجاح التظاهرة بغلاف مالي قدّر ب5 مليار و140 مليون دينار، منها 3 مليار ونصف أي حوالي 70 بالمائة، موجهة لبناء حي الفنانين، تبلغ سعة استيعاب حي الفنانين 2500 شخص. التتويج بالأوسمة اعتراف بدور الجزائر في خدمة الثقافة الإنسانية الأكيد أن آخر تتويج للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من قبل الأكاديمية الأوروبية العربية للثقافة والإعلام بوسام راعي الثقافة العربية لسنة2007 /2008 والذي جاء بعد أن تم انتخابه من بين عدة رؤساء دول وحكومات في جلسة مغلقة للجنة التحكيم المنبثقة عن الأكاديمية الأوروبية والتي عقدت السنة الماضية في باريس هو اعتراف ضمني وصريح بالدور الريادي الذي تلعبه الجزائر من خلال شخص رئيسها في خدمة ورعاية الثقافة الإنسانية، وذلك من خلال تواجد الجزائر عبر كل التظاهرات الثقافية العالمية ومشاركتها في مختلف المشاريع العربية والإفريقية والأوروبية ومساهمتها في تمتين العلاقات الثقافية بين كل أقطار العالم ما من شأنه تقوية التواصل الحضاري بينها.