كرّس رواق المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر زواياه بمناسبة تظاهرة ''ربيع الفنون''، للفنانين التشكيلين دون غيرهم في معرض ''نظرات متجددة''. ابشيش سمير، قاسمية محمد، فيصل، لعقون خالد، جحيش زكرياء، ازداو رشيدة، ايليس طارق، اوطو كمال، سعد بوزيد نعيمة، قطاف حكيم وايت سليم علي، هي فئة نذرت نفسها للرسم وأبدعت مجموعة من العناوين خدمة للفن والثقافة الوطنية، عناوين تلخص حياة هؤلاء الفنانين بضغوطها النفسية وتشنجاتها اليومية، هي بمثابة رحلة بحث عن فضاء للسكينة والاستقرار ومرآة حية تعكس الذاكرة الثقافية الجزائرية. ففي معرض التشكيلي فيصل ''تجسيمة'' يعرض مجسمات الكثبان، رسومات تبحث أسرار العصور القادمة وتبرز جمال رمال الكثبان، لوحات تعكس تزاوج الثقافة الصحراوية. هذه المزاوجة التشكيلية التي يعتمدها الفنان هي نتيجة عملية بحث دقيقة في ثقافة الرموز والإشارة بمختلف مناطق البلاد. هذه الرسوم والنقوش القديمة ألهمت الفنان فيصل ليعيد تشكيلها على الخزفيات ثم ينتقل بتجربته الابداعية الى اللوحات. وفي لوحات التشكيلية رشيدة ازداو تنقلنا الى رحلة رائعة الى واقع اجتماعي نعيشه اليوم من تعابير وتناقض، واقع يغوص بنا في جمود تنعدم فيه المتعة. تماما كما تفعل رشيدة من خلال رحلاتها للواقع المعيش يحاول الفنان اوطو كمال من جهته الولوج بنا في عوالم داخلية فهو يرفض أن يبوح بانتصار اللحظة الخفية او السرية كما يسميها هو لأن الصورة، حسبه، قادرة وحدها ان تجمدها دون ان تتمكن من جعلها خالدة تماما يفر النظر وتبدأ الرحلة الداخلية بخفقان. وفي موضوع الصورة دائما يقدم التشكيلي محمد قاسمية مجموعته ''اهليل'' التي يعبر من خلالها على ما وراء البصر، حيث تنكمش الصورة وتصبح قرب من التدبدبات الإيقاعية. وفي ''بصمات'' الفنان سمير ابشيش نكتشف ما تبقى من قصر النبي ''موسى'' عليه السلام، بقايا سور مهدم وذكريات لأوجه متعلقة بذكرى ماضٍ مجيد. من جانبه يقدم التشكيلي زكرياء جحيش في معرضه ''حدود''، التماس المادي بين الوجه وزجاج النافذة، وهو التماس، يقول عنه جحيش، يؤدي الى الوعي بهذا الحاجز الذي بالرغم من كونه شبه شفاف إلا أنه حقيقي ويفصل بين الأشخاص والشعوب والقارات.