قراءة الكتب تختلف من شخص لآخر ..كل له طريقته في قراءة الكتب، وأعني بها الادبية الابداعية خاصة .. ..الكتاب كما الانسان نتعامل معه مستخدمين كل ما نملك من أدوات الفهم والتركيز، وكل ما لدينا من مهارات الاستنتاج والتفاعل مع ما تقوله النصوص وما توحي به الكلمات إما رفضا أو قبولا.. ما استهجانا او استحسانا .. قد نصادف كتبا شهية ..نقبل على قراءتها كأننا نلتهمها التهاما.. وقد نسقط على كتب بالكاد نقرأ منها صفحتين أو ثلاث..للكتب دمها وروحها كما البشر.. فيها من تجده ثقيل الظل حد ندمك على اللمسة الاولى التي لمسته فيها وفيها من نجده خفيف الدم والروح فتستلب لبك، فيشدك كتاب ما إلى آخر كلمة من آخر صفحة فيه ... حتى أنك أحيانا لا تتمنى أن تصل إلى نهايتة، لا تريد أن تحرم لذة تلك القراءة . وقد يدفعك إنبهارك به حد إعادة قراءته مرة ومرتين أو أكثر... تماما كما الاكلة الشهية التي ترغب لا تشبع منها وترغب لو تملأ بها صحنك أكثر من مرة... كتبت ذلك دون أن أنوى الخوض فعلا في موضوع القراءة أو الكتاب، ما قلته لعله يلزم كمقدمة لموضوع متصل بالكتاب والقراءة .. وكمتعاطية مع الكتب والقراءة أجدني '' واعرف اني لست وحدي في هذا الموضوع '' أقرأ بطريقة بعيدة عن المنطق، أي بعيدة عن القراءة السوية بمعنى ان أبدأ الكتاب من أوله حتى أصل آخره وإن على فترات .. غالبا ما أتعامل مع الكتب التي تعجبني بعكس ذلك، أي اني أحبذ قراءة صفحاته الاخيرة أولا ، ثم أعود للاطلاع على صفحاته الوسطى... أبحث فيها عن فقرات عن جمل عن كلمات تستوقفني .. اعطيها ما يلزمها من تأمل وتفكير .. والكتاب الجيد بالنسبة لي هو الذي يمكنني قراءته بالمقلوب، وبصفة دائرية كأني أحب أن أفككه أولا ثم أعيد تركيبه .. وقد أرجع لقراءته بشكل عادي . أحيانا قد نبهر بفقرة أو فقرتين فقط في كتاب من مئات الصفحات، واحيانا تزلزلنا جملة واحدة وردت في احدى صفحاته أو فصوله وبفضلها نعطي الكتاب الذي بين أيدينا أحسن علامة ونضعه في خانة الكتب الناجحة .. كما نعثر احيانا على كتاب عامر بتلك الومضات الساحرة، والرؤى المخلخلة والمعاني المدهشة، وتسمع نفسك تهذي : من أين له هذا؟ كيف قاده فكره لقول مثل هذا؟..كيف وجدها ؟ الاجابة طبعا أعرفها ويعرفها الكثيرون من أبناء القلق .. إنه سحر الابداع وسحر القراءة أيضا..