ألف مبروك لفنانينا .. وألف صحة وهناء بالخمسة ملايير التي وزعها عليهم مؤخرا الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة .. لا يسعنا إلا أن نبارك هذه الخطوة الطيبة وهم الذين شربوا من كأس الحرمان والإهمال الكثير، وعانوا من أوضاع اجتماعية ومادية صعبة .. طبعا لا أحد يغبطهم هاته النعمة التي نزلت عليهم ربما من حيث لا يحتسبون، ولا نحسدهم على ما تحصلوا واستفاد وه من اعتراف وحق، حتى لا أقول هبة بفضل الإعانة التي منحها الاتحاد الدولي وحقوق المؤلف للجزائر . هنيئا لهم مرة أخرى ولكن وبلا أدنى شعور بالغيرة. لنتساءل لماذا الفنانون المؤدون وحدهم من يستفيدون من هذا الدعم فالمبلغ على ما يبدو ليس بسيطا .. ألم يخطر على بال القائمين على الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة أن يشركوا الأدباء والشعراء مثلا في الاستفادة بقسط منه؟ أعرف أن ثمة فنانين يعيشون على الكفاف .. ولكن أعرف الكثير أيضا عن بؤس المبدعين والشعراء والمصابين بحرقة الكتابة في الجزائر .. أعرف الكثير من الشعراء ينتظرون شهر رمضان ليس للصوم والعبادة، بل للحصول على لقمة في أحد مطاعم الرحمة التي تفتح أبوابها في شهر الصيام للفقراء والمحتاجين. أعرف أن الدنيا أرزاق ولكل قسمته ونصيبه الذي كتبه الله له من الرزق .. لكن ثمة كما يقال هم أهون من هم .. فالمغنون أو الفنانون المؤدون كما يسمونهم يحظون بفرص الربح أكثر من غيرهم، أبواب الرزق كما يعرف الجميع مفتوحة لهم على مصراعيها ليس في بلدنا فحسب، بل في كل البلدان، وحتى بالنسبة لمن لا يتمتعون بشهرة واسعة، ويكفي ما يتحصلون عليه في مواسم الأعراس والأفراح الخاصة والعامة .. لهم من الفرص التي بإمكانهم أن يتكسبوا منها ما لا يمكن أن تتوفر لشاعر مثلا أو لأديب.. فالشاعر أو القاص أو الروائي في بلدنا لا يمكنه أن يحصل على فلس واحد وإن أمضى عمره يقرأ الشعر وينشط الأمسيات الشعرية في الساحات والمهرجانات .. من ذا الذي يقبل في مجتمعنا أن يدفع مثلا ثمن تذكرة لسماع شعر هذا أو قصيدة ذاك .. من يقبل بدفع فلس واحد مقابل السماع إلى قراءة في رواية هذا أو قصة ذاك؟ .. لا أدري لماذا لم يقتطع مبلغا من ذاك الغلاف الذي استفاد منه الفنانون لإعانة بعض الكتاب على طبع أعمالهم مثلا ، أو على تسويقها وترجمتها والتعريف بها؟ أو تخصيص جائزة أدبية لتحفيز المبدعين ومساعدتهم على العطاء أكثر ..؟ أرجو ألا تكون حجة المشرفين على هذا الأمر أن الفن والغناء سلعة رائجة بينما الأدب والثقافة السلعة الكاسدة، تتذمر منها بل وتتخوف منها أغلب دور النشر ومعظم المكتبات .. الشعر لا يباع والقصة لا تباع لأنه لا أحد يقرأ الأدب، لا أحد يحب الشعر .. هذه الحلقة المفزعة المضنية سودت واقع المبدعين، ورمت بآمالهم وأحلامهم في قاع الحضيض. يجب أن تعمل الجهات المعنية على تخليصهم منها .. أعرف أن الأمر ليس يسيرا، لكنه قابل للتحقيق إن توفرت الإرادة الفعلية والنية السليمة.