كثيرا ما يعاني الفنانون والمؤلفون من مختلف أشكال الهضم والسطو على حقوقهم سواء كانت الإجتماعية حيث همشوا من الحصول على سكن أو أعتبار أعمالهم وظيفة كاملة غير منقوصة أو القانونية التي باتت تحرمهم في حالة المرض من التغطية الصحية أو التقليل من قيمة أعمالهم الفنية وذلك بالرغم من ظهور وإلى النور في جزائر الإستقلال الديوان الوطني لحقوق المؤلف والمجاورة لكن بفضل المرسوم 46/73 المؤرخ في 25 جويلية 1973 تحسنت نسبيا ظروف الفنانين والمؤلفين إلا أن ذات المرسوم أصبح في خبر كان خاصة بعد التطورات التي عرفتها الجزائر في هذا المجال وهنا اضطرت الدولة للتدخل حيث قامت بتعزيز ذات المرسوم وتدعيمه بقرار تنفيذي تحت رقم 356/05 المؤرخ في 21 ديسمبر 2005 حيث منح للمعنيين قانونا أساسيا أخرجهم من الوضعية الصعبة التي كانوا يتخبطون فيها وللغوص أكثر في مجال الأعمال التي تقوم بها ذات المؤسسة اقتربت جريدة الجمهورية من المدير الجهوي لمؤسسة " أوندا / O.N.D.A " السيد مناد عبد القادر وأجرت معه هذا الحوار . * بداية كيف تقيمون الأسبوع الإعلامي الذي أقامته مؤسستكم بدار الثقافة ولد عبدالرحمان كاكي مع مطلع هذا الشهر ؟ إن الأسبوع الإعلامي الذي أقمناه بدار الثقافة ولد عبدالرحمان كاكي أعتبره ناجحا وعلى جميع الأصعدة حيث كانت لنا فرصة تعريف مؤسستنا لعامة الزوار من جهة والبروز في هذا الفضاء الرحب من جهة أخرى كما مكننا تزامن تظاهرات ثقافية أخرى من إعطاء نوع من التزاوج بين ما كنا نقوم به وما كان يحدث من قربنا من نشاط ثقافي وفكري وهذا كله خدمة دائما للصالح العام . *هل لكم أن تشرحوا للقراء الكرام دور مؤسستكم في حماية أعمال المؤلف ؟ بداية علينا جميعا أن نفهم أن مؤسستنا مرت بمرحلتين منذ نشأتها حيث كانت سنة 1997 هي الفاصلة ، أن الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة كان يتعامل قبل هذا التاريخ بالقانون الجزائي والذي كان يعاقب كل من يمس بالملكية الفكرية بصفة عامة وقد جاء هذا بصريح العبارة في المواد 390 إلى 394 منه لكن بعد سنة 1997 كما ذكرت أصبحت الإجراءات الجزائية محصورة فقط في القوانين الخاصة للديوان خاصة بعد صدور المرسوم 05/03 المؤرخ في 19 جويلية 2003 والذي يقسم الملكية الفكرية إلى الملكية الفكرية الفنية والأدبية والملكية الصناعية التي هي من اختصاص مؤسسة المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية [I.N.A.P.I ] وهكذا اختفت الضبابية التي كانت تكتنف القانون قبل سنة 1997 . أما بخصوص التعامل مع المنخرطين دعني أقول لك أننا مؤسسة تجارية محضة لهذا يستوجب على كل من يلتحق بنا عليه الانخراط في الديوان وهنا نجد نوعان من المنخرطين منهم من يلتحق بالديوان من أجل الحماية ومنهم من ينخرط من أجل التسيير الجماعي للمؤلفات في هذه الحالة تصبح مؤسستنا في حالة منتدبة وفي حال قبولنا ملف المنخرط آنذاك نقوم بمنح الرخص الخاصة بالإستغلال واستخلاص الأتواني وتقسيم الحقوق هذه تعد بمثابة خريطة الطريق التي نعمل عليها حاليا وهذه هي سياسة مؤسستنا في التعامل مع منخرطيها . * إذا أنتم مطالبون بحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة كيف تعملون وعالم الإبداع يعيش القرصنة ؟ هذه الإشكالية موجودة ولا ننكرها حيث أننا مطالبون بحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة من جهة في حين نعيش تحت وطأة عالم القرصنة من جهة أخرى لكن دعني أقول لك كذلك على أننا نتعامل مع هذه المعضلة طبقا للقوانين التي سترتها الجمهورية الجزائرية ولك البعض من الأرقام في هذا الباب حيث حجزنا في سنة 2009 ما يساوي 37.507 قرصا مضغوطا مغشوشا وخلال السداسي الأول فقط لسنة 2010 حجزنا ما يساوي 6.660 قرصا مضغوطا مغشوشا كذلك ، لتعلم أن ظاهرة التقليد أصبحت شائعة خاصة مع الوسائل التكنولوجية الموجودة في السوق الجزائرية بعد الإنفتاح على العالم الخارجي والإنترنات وغيرها وهكذا أصبح أي كان يقلد وبسهولة تامة منتوج وجهد غيره ويضعه في السوق الموازية للسوق الرسمية وهذا دون أو مشقة المهم أن تكون لديه أدوات عمل لا أقول متطورة جدا وإنما عادية أنظر من قربك يوجد جهاز كومبيوتر كان صاحبه يقلد في الليلة الواحدة المئات من الأقراص المضغوطة وينزلها إلى السوق ليبيعها بثمن زهيد ضاربا عرض الحائط كل قيم السوق التي تسنها قوانين وحقوق المؤلفين وغيرها وهكذا ومع انتشار واستفحال الظاهرة لم يصبح التقليد من احتكار المختصين كما كان عليه من قبل وإنما بفعل التكنولوجيا كما ذكرت أي كان يمكنه القيام بعملية القرصنة لكن في المقابل قامت الدولة الجزائرية بسن قوانين ردعية منها تغريم الجاني بالسجن لمدة تتراوح من 6 أشهر إلى 3 سنوات إضافة إلى غرامة مالية تتراوح بين 500.000 إلى 1.000.000 دينار جزائري ناهيك عن المتابعة المدنية أين يستوجب عليه دفع الضرر للمتضررين . ونظرا لخطورة الوضع أقول يستوجب أن تتخذ قرارات خاصة بمحاربة القرصنة حيث تكون نابعة من إرادة سياسية وعلى مستوى أعلى لأن سن القوانين والطريقة التي نواجه بها القرصنة اليوم غير كافية في نظري وأعتقد أن الدولة شعرت بذلك واليوم تعمل على فتح عبر مختلف الولايات القطر فروع خاصة بمحاربة القرصنة على غرار كل من ولايات شلف وعين الدفلى وتيسمسيلت التي هي تابعة مؤقتة إلى فرع مستغانم التي تتولى إضافة إلى ذلك إدارة كل من ولايات معسكر وغيليزان وتيارت ومستغانم . * كيف تعرفون القرصنة ؟ القرصنة هي بصريح العبارة السرقة والإستغلال غير القانوني للمصنفات الأدبية والفنية بدون إذن صاحب المؤلفة وبدون ترخيص من الديوان وكل من يخالف هذه الأبجديات يسقط تحت طاولة القانون الجزائري وهذا ينطبق حتى على الذي له الحق واستفاد من لجننا الموجودة في الجزائر العاصمة وهران وقسنطينة بما يعرف بأبوية المؤلف حيث يوجد من يحاول أن يتحايل على المؤسسة الشيء الذي يعرضه إلى المتابعة والعقوبة مثلا : يشتري من المؤسسة 100 طابع في حين ينسخ 120 نسخة إذا هو مدان للمؤسسة ب 20 طابع ويعاقب على هذا الفعل كما ذكرت . * هل تعتقدون أن الجزائر مهيأة لدخول مغامرة محاربة القرصنة في ظل العولمة ؟ لعلمك أنه و إلى حد الساعة توجد 25 قضية قرصنة على طاولة العدالة وإن تم الكشف عن الجناة فإن الفضل يرجع بالدرجة الأولى إلى مصالح الأمن أكثر من أعوان المؤسسة ، إذا إرادة محاربة القرصنة بمختلف أشكالها موجودة ، القوانين التي سنت لهذا الغرض مطبقة ميدانيا ضف إلى ذلك أن الجزائر تكون الأفارقة والعرب في كيفية التعامل مع قوانين تسيير حقوق المؤلف كما أنها عضوة في المنظمة العالمية للملكية الفكرية [O.M.P.I ] إضافة إلى أنها عضوة في الكونفدرالية الدولية لشركات سيزاك [ C.I.S.A.C ] كما أنها لم تتأخر في التوقيع على المعاهدات الدولية لحماية المؤلف وأكثر من هذا فإن المؤلفات الأجنبية محمية عبر كامل التراب الجزائري ، إذا كل هذه الأدوات أراها كافية في دخول الجزائر مغامرة محاربة القرصنة رغم ظل العولمة . *هل لكم أن تعطونا بعض الأمثلة عن ما جنيتموه من أعمال محاربة القرصنة ؟ نعم قبل تقديم القضايا التي تحدثت عنها إلى العدالة كنا قد سلمنا ملفات إلى المصالح المعنية وأعني العدالة التي حكمت على الجناة بالحبس النافذ إضافة إلى تغريمهم بغرامات مالية ثقيلة لكن هذا الردع لم يفشل الجناة بقدر ما أفشل كل من المنتجين و الفنانين و المسيقيين والملحنين والمؤلفين وغيرهم الذين اختار الكثير منهم الإنسحاب من الساحة في هدوء بدل الدخول في صراع ضد القرصنة التي باتت تسرق كل جهدهم وتعبهم لك مثال عن ذلك قبل استفحال ظاهرة القرصنة كان يدخل إلى السوق 15 منتوجا فنيا في اليوم الواحد أما اليوم يدخل منتوجا واحدا في كل 15 يوما بمعنى أن ظاهرة القرصنة تمكنت من تجفيف منابع الفن والفنانين وبعد عملهم هذا وأمام نقص العمل الفني تحولوا القراصنة للأفلام الأجنبية كيف ما كانت ويعرضونها في الأسواق السوداء منها السوق العين الصفراء في ذات السياق حتى تعرف خطر القرصنة على الفن والعمل الفني عندنا كان يخرج من الغرب الجزائري 45 شاحنة تقوم بتوزيع منتجاتها عبر الكثير من الولايات أما اليوم فتخرج 3 شاحنات فقط بمعنى أن الخزينة العمومية تخسر في هكذا عملية مئات الملايير وبهذا يمكننا أن نسمي ما يحدث بالجريمة الإقتصادية . * يوجد بمستغانم أسواق أهمها " سوق العين الصفراء " حيث تعرض بها مختلف الأعمال الفنية والأدبية على شكل أقراص _ كيف تتعامل مصالحكم مع هذه المنتجات وأصحابها ؟ سوق العين الصفراء بمستغانم أصبح سوق تباع فيه كل السلع المقلدة والمغشوشة لهذا وبحكم الظاهرة يكون هذا المكان صعب التعامل معه هذا لا يمنعنا من إلقاء القبض من وقت لآخر على البعض من هؤلاء الباعة الطفيليين وتقديمهم إلى العدالة لكن الأمر صعب كون المسألة تتطلب تدخل القوات العمومية و كانت لنا للأسف تجربة في ذلك حيث نجمت عنها اختلالات بالأمن العام ومنها ما حدث السنة الماضية لما أرادت القوات العمومية استرجاع الأرصفة والأماكن العمومية ومطاردة ومتابعة باعة الأدوات والوسائل المقلدة أو المهربة إذا التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب اليوم تدخل عدة أطراف لحلها وليس فقط مؤسسة " أوندا / ONDA " و قوات الأمن . * في الباب الأول من القانون الأساسي للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق لمجاورة وفي الشطر 10 من المادة 5 تشجعون الإبداع في مجال المصنفات الأدبية والفنية بكل عمل ملائم _ هل لكم أن توضحوا للقارئ الكريم هذه النقطة ؟ طبعا نحن لا نكتفي بحماية حقوق المؤلف وإنما نعمل وبفضل لجنة خاصة على تقديم هدايا إلى الفرق الفائزة خلال المسابقات التي تعرفها ولايتنا مستغانم أو الولايات المجاورة فمثلا يمكنني أن أذكر هنا أننا نقدم جوائز للفائزين بالمسرح الوطني للطفل وكذا للمتفوقين بالمسرح الهاوي التي تعيشه دوريا ولاية مستغانم كما أننا نضمن التقاعد للفنانين وكذا تغطية معاشاتهم الخاصة بالشيخوخة هذا كله تحت شروط طبعا كما نساعد في ما يعرف بالترقية الثقافية ونقدم مساعدات اجتماعية للمرضى والمحتاجين من الفنانين . * ما هي الأدوات التي يستعملها الديوان من أجل حفظ التراث الثقافي التقليدي على اختلاف أنواعه من النسيان والتشويه والإستيلاء غير المشروع ؟ نحن في هذا الباب نعمل على الحفاظ على كل ما يسقط في ما يعرف في الحالة العامة لأنه سيصبح ملك الأمة بعد 25 سنة من صدوره وهذا حفاظا على العمل المنجز و احترام والحفاظ على الوثيقة الفنية من التلف أو الإستغلال غير المشروع. * في وقت ليس بالبعيد كانت أسواق مستغانم حافلة بما كان يعرف " بالمداح " " السحارين " و " البهلونيين " وغيرهم _ هل لهؤلاء حق في التصنيف والحماية، كيف ؟ _ هذه الأصناف لها الحق في الإندماج والإنخراط في الديوان لأنها أصناف مما يعرف بالفنانين وينالون حقوقهم كاملة شريطة كما ذكرت أن يكونوا مسجلين ومنخرطين في الديوان الوطني . * مؤخرا تعرض فيلم " بن بولعيد " إلى القرصنة حيث ظهر على طاولة الباعة في الأسواق الشعبية بسعر يتراوح بين 50 إلى 100 دينار جزائري وهذا قبل أن يعرض في القاعات والشاشة الوطنية _ ما قولكم في هذا ؟ إن قرصنة فيلم بن بولعيد إن حدث فإن مؤسسة ONDA غير مسؤولة عليه إلا في حال ما كان منخرطا فيها هنا تتدخل مصالح محاربة القرصنة بما فيها مؤسستنا في الوقت نفسه تبقى حقوق المؤلفين والفنانين لهذا الفيلم محفوظة في حال تكون مطابقة مع القانون . * يوم 25 جويلية 2010 سيحتفل الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة بعامه 37 _ ما هو التقييم الذي يمكنكم تقديمه للقارئ الكريم ؟ بعد كل هذه المدة الطويلة التي قطعتها مؤسسة ONDA تكون حتما قد سارت وقطعت شوطا كبيرا من الطريق حيث أصبحت اليوم تتمتع بالمقرات وأدخلت على طريقة عملها أدوات وسائل عمل هامة كالحاسوب والإنترنات والإنترانيت كما عرفت ترقية قانونية هامة وحتى الدولية التي أصبحت تسمح لها بحماية المؤلف أكثر من هذا تعمل مؤسستنا اليوم على الإنخراط والتعامل وفق النظام [I.S.W.C ] الخاص بالترقيم الدولي للمؤلفات حيث سيسمح هذا النظام من أن تكون حقوق المؤلف محفوظة في الجزائر أو خارجه إذا مؤسستنا تساير اليوم كل التطورات الحاصلة في العالم وهذا شيء إيجابي للفن والفنانين الجزائريين .