أكد المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة فريد بن بلقاسم أمس بالعاصمة أن الوساطة لا تتعارض مع مهنة المحامي، وأن المحامي يمكن أن يكون وسيطا في حل النزاعات. وقال بن بلقاسم على هامش اليوم الثاني من الملتقى الدولي حول ممارسات الوساطة إن المحامي مؤهل لأن يلعب دور الوسيط، شرط أن يكون محايدا كليا فيما يخص القضية التي يتوسط فيها وأن لا تكون له أي علاقة من أي نوع مع أطراف النزاع. كما بإمكان المحامي الاتفاق الذي يتوصل إليه أطراف النزاع حسب بن بلقاسم الذي أشار إلى أنه ''لا يوجد أحسن من المحامي لتحرير الاتفاق''. وفي هذا السياق سجل المحامي أنه لاحظ بأن العديد من زملائه المحامين يرفضون فكرة أن يستعمل المحامي كوسيط''، مبديا استغرابه من ذلك ''رغم أن هذا الشيء معمول به عالميا'' كما قال. ويرى بن بلقاسم أن ''المحامين يعتقدون خطأ أن الوساطة ستستولي على جزء من صلاحياتهم بل جزء من مصدر رزقهم''، موضحا بأن المحامين بإمكانهم إفادة الأطراف المتنازعة بنصائحهم''. وبالنسبة له فإن المحاماة لا تتعارض مع الوساطة، ولذلك دعا المؤسسات وممثلي المحامين إلى عدم تقديم أفكار خاطئة حول الموضوع وشرح الوساطة بالشكل الذي تضمنه القانون الذي كما قال لا يستثني المحامي من ممارستها. ومن جهة أخرى أشار بن بلقاسم أن قانون الإجراءات المدنية والإدارية الصادر في مارس ,2009 والذي دخل حيز التنفيذ في أفريل 2009 '' لم يلقى حماسا كبيرا في وسط المحامين وكل منظماتهم''. ويعود هذا حسبه إلى غياب ثقافة الوساطة في الجزائر وغيابها أيضا من إجراءات الوقاية وحل النزاعات ''باستثناء بعض الحالات في المجال الاجتماعي'' . كما أرجع سبب رفض المحامين لعب دور الوسيط إلى ''غياب'' تدريس مادة تتعلق بالوساطة في الدراسة الجامعية كما هو الحال بالنسبة لمادة التحكيم في دراسات ما بعد التدرج. وأعاب بن بلقاسم على زملائه المحامين عدم استغلالهم للسنة التي خصصت لشرح القانون الجديد (من تاريخ صدوره إلى تاريخ دخوله حيز التنفيذ) للاستيعاب موضوع الوساطة ''بشكل جيد''. وتأسف المحامي كون الملتقيين الذين نظما في الجزائر العاصمة لفائدة المحامين لم يكونا كافيين على ما يبدو لأن عدد الحاضرين كان قليلا'' وهذا ما تسبب في كون ''عدد المحامين الذين يجهلون الوساطة تماما كبيرا'' كما قال. ودعا بهذه المناسبة إلى حملة تحسيسية في وسط المحامين لإعطاء دفعة للوساطة التي بإمكانها أن تعرف نجاحا كبيرا وذلك في صالح الجميع''. للإشارة حضر الملتقى الذي نظمه مركز البحوث القانونية والقضائية الرئيس الأول للمحكمة العليا قدور براجع ورئيسة مجلس الدولة فلة هني، ونواب عامون إلى جانب سفراء بريطانيا واسبانيا والقائم بالأعمال اللبناني. ويشارك في اللقاء ما يفوق 400 وسيط وقضاة جزائريون وأجانب من عدة دول عربية كالأردن ولبنان وتونس والمغرب وأخرى أوروبية من إسبانيا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا وألمانيا.