تسجل الجزائر سنويا من خلال الإحصائيات التي تدلي بها مصالح الدرك الوطني حصيلة جد ثقيلة من الاعتداءات الجسدية على النساء. فقد عرفت سنة 2007 تعرض 8277 امرأة للعنف، علاوة على الإحصائيات المقدمة من وزارة التضامن الوطني و التي أظهرت أن %70 من المتزوجات يتعرضن للعنف المنزلي، وأن 74 % من هذه النسبة ترفض تقديم شكوى خوفا من انعكاسات ذلك على طبيعة الأسرة الجزائرية. استفحال الظاهرة دفع السلطات إلى عقد الملتقى الأول حول الوقاية من العنف ضد المرأة أول أمس. 70 بالمائة من المتزوجات يتعرضن للعنف من طرف أزواجهن أكد المختصون في قضايا وشؤون الأسرة على الدور الهام الذي تلعبه وسائل الإعلام في مكافحة العنف في المجتمع، ولاسيما الموجه ضد المرأة. واعتبر هؤلاء المشاركون أول أمس في الملتقى الأول الموجه لوسائل الإعلام حول الوقاية من العنف ضد المرأة من تنظيم المعهد الوطني للصحة العمومية بالأبيار، بالتعاون مع المنظمة العالمية للصحة، أن الصحافة همزة وصل بين المجتمع والسلطات العمومية لتوصيل أصداء الظواهر، ومكافحة الآفات الاجتماعية. ''العنف يهدد الصحة العمومية بالجزائر'' أوضح منسق المنظمة العالمية للصحة بالجزائر الأستاذ ''كايته باه'' أن العنف ضد المرأة مشكل عويص يحدق بالصحة العمومية وحقوق الإنسان، مشيرا بالمناسبة إلى أن المرأة في أية مرحلة من مراحل الحياة قد تتعرض إلى المعاملة السيئة الجسدية والنفسية منها، ما يؤثر على حياتها الاجتماعية. وتطرق ''الأستاذ كايته'' إلى إعلان الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة لسنة 1993الذي عرف العنف ضد المرأة بأنه ''كل عمل عدواني موجه ضد أنثى و يتسبب في آلام جسدية، جنسية، أو نفسية ويعيق حرية الضحية وحياتها العامة والخاصة'' وقال ممثل المنظمة العالمية للصحة أن كل الدول التي أنجزت بها دراسات حول العنف ضد المرأة أكدت أن ما نسبته 10 إلى 50 بالمائة من النساء تعرضن إلى اعتداء جسدي خلال حياتهن من طرف الشريك، مخلفا بذلك نتائج سلبية على صحتهن، حيث أن هؤلاء النساء اللواتي يتعرضن إلى سوء المعاملة غالبا ما تقعن فريسة سهلة للانهيار العصبي والكآبة والاضطرابات النفسية والغذائية والمشاكل الجنسية. ''..علم النفس يستنجد بالإعلام'' أكدت الأخصائية النفسانية بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا والمشرفة على خلية الإصغاء للنساء المعرضات للعنف السيدة وهيبة حساني هي الأخرى على دور وسائل الإعلام في محاربة الظاهرة، ولاسيما الإذاعات الجوارية بالمناطق النائية البعيدة عن المؤسسات والجمعيات والجرائد الوطنية. وقالت حساني أن ظاهرة العنف ازدادت خلال السنوات الأخيرة نتيجة البطالة ومشكل السكن والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى. فالإنسان الذي يعاني من هذه المشاكل يبحث عن وسائل لتفريغ شحنة المعاناة فيما يذهب العنصر النسوي الضعيف ضحية هذا العنف. العنف ضد النساء يمارس في الوسط العائلي كشف آخر تحقيق أعدته الوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة حول الظاهرة أن العنف ضد النساء عادة ما يمارس في الوسط العائلي . وجاء في هذا التحقيق الذي خص عينة متكونة من 2000 عائلة أن النساء عادة ما يقعن ضحايا لظاهرة العنف ضمن الوسط العائلي، حيث تتعرض إمرة من بين كل عشر نساء يتراوح سنهن بين 19 و64 سنة ضحية للعنف الجسدي. و أوضح نفس التقرير أن ظاهرة العنف تكون أكثر انتشارا بين الأزواج، حيث تتعرض امرأة جزائرية من بين 10 نساء إلى العنف على يد أحد أفراد عائلتها وفي أغلب الأحيان الزوج، وحسب الدراسة التي تشير إلى أن النساء المطلقات والأرامل هن الأكثر عرضة للعنف ضمن الوسط العائلي فإن 16 بالمائة من النساء تتعرضن للإهانات، بينما تتعرض 5بالمائة منهن للعنف الجسدي، ويتطرق التحقيق إلى العنف الجسدي (ضرب وطرد بالقوة ) والعنف اللفظي (الإهانات) والنفسي (التهديد بالطرد). إستراتيجية وزارة الأسرة تكفل حق النساء في سبيل التصدي للظاهرة باشرت الوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة في إستراتيجيتها لمكافحة العنف ضد المرأة(2007-2011) قصد ضمان تكفل أفضل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وتهدف هذه الإستراتيجية إلى إعداد الوسائل الضرورية لضمان التكفل الجسدي والنفسي والاجتماعي والقانوني، للتصدي للعنف الممارس ضد المرأة، ومن أجل تحسيس المجتمع ومؤسساته المتمثلة في العائلة، ووسائل الإعلام، والمدرسة. من ضمن أهداف هذه الإستراتيجية أيضا إنشاء تحالفات بين البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة، والتنظيمات المهنية، من أجل إحداث تغيير على الذهنيات، وتعزيز النصوص القانونية لضمان المزيد من العدل والمساواة، ومن شأن الدراسات التي تباشرها الأجهزة الوطنية خلال السنوات الأخيرة أن تبين إرادة السلطات العمومية في التحكم في هذه الظاهرة التي تولي لها أهمية كبيرة، لأنها منتشرة بشكل لا يمكن الاستهانة به.