لا يزال المجهول يكتنف مصير عدد كبير من العائلات التي وجدت نفسها أياما قليلة قبل حلول شهر رمضان المعظم معرضة للطرد وإخلاء مساكن قضت فيها جزءا كبيرا من حياتها. قد تختلف أسباب ومبررات ذلك لكنها تشترك في انها تشكل بداية مأساة حقيقة لأفراد وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها في الشارع. تعاني أسرة بورقعة رابح المتكونة من 13فردا رفقة 5عائلات أخرى تقطن معها في مساكن كانت تابعة في 1976 لمديرية التكوين المهني باسطاوالي وتحولت ملكيتها فيما بعد الى مصالح وزارة الفلاحة، وأصبحت خاضعة للتعاونية الوطنية لإنتاج البذور وشتائل الخضر. ولم يطرأ خلال فترة تواجد هذه التعاونية أي أمر بإخلاء هذه السكنات لكن بعد إفلاسها وتحولها الى أملاك مدنية بعد تصفيتها قرر المالكون الجدد طرد العائلات المقيمة داخل مركز التكوين السابق مع أنهم يملكون وثائق تمنع إصدار قرار الإخلاء في حقهم. ويؤكد السيد''بورقعة'' ان الوثائق التي بحوزتهم تؤكد عدم شرعية قرار الطرد الصادر بحقهم وبحق جميع الأسر الموجودة بمركز التكوين باسطاوالي كما يتأسف لقرار الطرد الذي لم يراع الجانب الاجتماعي والنفسي للعائلات خاصة وأنه يأتي أسبوعا قبل رمضان وقد حدد موعده في 12أوت 2009، وهو الشهر الذي يعرف التمام شمل العائلات الجزائرية. ويتساءل كيف يعقل ان تقضي عائلة متكونة من 13فردا اغلبهم أطفال شهر رمضان في الشارع وبعده يأتي الدخول المدرسي؟ ويوجه السيد بورقعة نداءه الى السلطات المعنية للتدخل من اجل وقف قرار الطرد. فبعد ان طرقت العائلات المهددة بالطرد أبواب العديد من المسؤولين دون جدوى، ترفع نداءها اليوم عبر وسائل الإعلام عل صداه يكون أقوى ويصل بسرعة أكبر. ضحية إرهاب يطرد من مسكنه يوجه السيد حكيم سالمي نداءه الى السلطات المعنية التي يمكنها إيجاد حل لمشكلته. فالسيد سالمي شرطي سابق ضحية من ضحايا العشرية السوداء، نجا من الموت ثلاث مرات متتالية كاد ان يفقد فيها الحياة. يعتبر نفسه ضحية من ضحايا الأزمة التي كادت تعصف بالبلاد. لكنه يؤكد انه ورغم كل الماسي التي مر بها بداية بإصابته ومرورا بطرده من المسكن الذي كان يشغله بحجة انتهاء مهامه، يوجه نداءه الى السلطات المعنية لإنصافه وتمكينه من مسكن لائق على الأقل نظير الخدمات التي قدمها للوطن في عز اشتداد الأزمة الأمنية. ففي الوقت الذي تراجع فيه الكثيرون عن حمل السلاح فضل حكيم العمل في سلك الشرطة لإيمانه العميق بأن للجزائر رجالا يجب ان يقفوا الى جانبها، وقد قام بواجبه تجاهها وهو الان ينتظر التفاتة المسؤولين وأخذ بعين الاعتبار ما قدمه. طردها كافلوها ورفضتها مراكز الإيواء تختلف قصة حنان عن سابيقها لكنها تشترك معهم في تهديدها بالطرد والمبيت في الشارع. فحنان، وكما روت لنا، تربت في أسرة كفلتها منذ كان عمرها سنة واحدة فقط. تربت حنان وكبرت في أحضان هذه الأسرة التي تخلت عنها ولم تكمل المسؤولية تجاهها. وتقول حنان التي تعمل صحفية مصورة بإحدى الجرائد الوطنية إنها تربت وسط هذه الأسرة التي وفرت لها الأكل والمبيت فقط طوال سنين حياتها معها لكن وبمجرد بلوغها سن الرابعة والعشرين، فوجئت بطلب والدتها الكفيلة بإلزامها بالخروج من المنزل والبحث عن مأوى تقضي فيه حياتها. تقول حنان ان الأمر فاجأها لدرجة لم تعرف أين تذهب ومن تقصد. توجهت حنان الى مركز بئر خادم حيث رفض طلبها في المبيت داخله بحجة انه لا يستقبل إلا الحوامل والأمهات العازبات، وهو ما أثار دهشة حنان واستغرابها في نفس الوقت فتوجهت بعدها الى مركز الزغارة وبواسماعيل واشترط كلاهما قبولها بترك عملها إذ ان كلا المركزين يمنعان خروج المتواجدات به مهما كان السبب، وهو الأمر الذي رفضته حنان التي تقضي لحد كتابة هذه الأسطر أسبوعا كاملا في الشارع بعد ان تخلت كافلتها عن ضميرها ورمت بفتاة في ريعان الشباب الى الشارع الذي لن يكون رحيما باي حال من الأحوال. وتوجه حنان نداءها الى السلطات المعنية بتمكينها من دخول احد المراكز التي تتكفل بهذه الشريحة من المجتمع او إعلامها بهوية والدتها الحقيقة التي ترفض السلطات الوصية إخبارها به تحت حجة ان ذلك ممنوع. طرد عجوز في الثامنة والسبعين من عمرها بالقبة يمنع القانون الجزائري طرد من يفوق سنهم الستين سنة إلا ان هذا الأمر لم يطبق على حالة السيدة ''أمين فاطمة'' التي تبلغ من العمر ثمانية وسبعون سنة، وهي أرملة وأخت شهيد لا تزال الى غاية اليوم دون مأوى وتم طردها من مسكنها بالقبة في 28جويلية 2007 ورغم صدور حكم قضائي يمنع تنفيذ قرار الطرد إلا ان السيدة أمين وجدت نفسها في الشارع ودون مأوى رغم انها تسكن بيتها منذ الاستقلال. ويتساءل ابنها السيد أمين عن تجاهل المادة التي تمنع طرد من يفوق سنهم 60سنة وكيف تنفذ مثل هذه الأحكام دون مراعاة طبيعة الأسر الجزائرية وتركها في الشارع عرضة لمختلف الأخطار، خاصة ونحن على مقربة من الشهر الفضيل.