دخلت الحرب على الإرهاب مرحلة جديدة بمرور الأسبوعين الماضيين، حيث عرفت المرحلة الآنفة تعاظما للضربات الإرهابية التي سقط بمقتضاها العديد من الضحايا في العالم، وقد أعقبها تزامنا مع التوقيت اجتماع رابع لقادة أركان ووزراء الدفاع لمنطقة شمال إفريقيا بالعاصمة الجزائر، ولم تمض أيام على ذلك حتى خرج الذراع الأيمن لزعيم تنظيم القاعدة متوعدا عبر خطاب ضرب المصالح الفرنسية التي ضربت قبل يومين في العاصمة الموريتانية وهو ما استنفر كل المصالح الأمنية والاستخبارات الفرنسية وحتى الدولية في الداخل والخارج. ففي خضم تسارع الأحداث وغموض الفرضيات المحتملة حول وجود حرب مصالح بين المخابر الدولية التي أفرخت بعض التنظيمات ودعمتها كحال جماعة ما يسمى بالمجاهدين الأفغان، والذين تم تسليحهم من طرف المخابرات الأمريكيةوالغربية عن طريق كل من المخابرات الباكستانية والسعودية للقضاء على الاتحاد السوفياتي السابق، وكل هذه الدول تعاني وتصور للعالم حجم الأثر الفادح للعمليات الإرهابية، وهو ما علق عليه الكثير بانقلاب السحر على الساحر، بل تعداه لإحداث الضرر بدول أخرى عربية وإسلامية خرج منها كثير من هؤلاء دون إذن أو موافقة هذه الدول ليعودوا فيما بعد إلى هذه البلدان من أجل تخريبها وإضعافها ومحاولة القضاء على أسس الدول التي خرجت للتو من مصاعب اقتصادية نتيجة اتباعها للاقتصاد المخطط أو نتيجة هبوب عواصف عاتية على الاقتصاد الحر. ويأتي ذلك أيضا في جو استغلال العديد من أجهزة الأمن والمخابرات لتصفية حسابات قديمة أو جديدة مع دول غرقت في طوفان الإرهاب وهو اليد المنفذة لكنه يتشابه إلى حد كبير مع مسرح الارغوز الشهير والذي تحرك خيوطه من خلف الستار، فإلى حد قريب تأكد دور ما كانت تلعبه الاستخبارات المغربية في دعم الشبكات الإرهابية تصريحات لعبد الحق العيادة الأمير السابق للتنظيم المعروف بالجيا والذي أكد محاولة ابتزاز الملك المغربي الراحل له مقابل غض الطرف عن قضية الصحراء الغربية -، وكذلك فعلت بعض الدول التي لم يعجبها موقف الحياد الذي اتخذته الجزائر في حرب الخليج الثانية، بالإضافة إلى رواسب الاستعمار وملفات الأقدام السوداء وغيرها. يضاف إلى ذلك الصراع القائم اليوم على قاعدة الأفريكوم التي دشنتها واشنطن مؤقتا في ألمانيا، وقد تحركت معها الأحداث وبسرعة مذهلة في مناطق لم تعرف الإرهاب من قبل كمنطقة الساحل والصحراء والتي كانت بعيدة في سنوات الأزمة عن الخطر المحدق، لكن نقاط استفهام عديدة تطرح حسب الخبراء حول التوقيت الذي هبت فيه الإدارة الأمريكية في هذه الآونة للاهتمام بالقارة السمراء التي تعرف زيارة مطولة لكاتبة الدولة للخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في وقت تعاظم فيه التواجد الصيني في إفريقيا، حيث أضحت بكين الهاجس الخطير للمنتجات الأوروبية والأمريكية التي ورثت أو تبحث عن الأسواق التقليدية زيادة على أهمية البحث عن مصادر جديدة للطاقة سواء تعلق بالبترول والغاز أو باليورانيوم المتواجد بكثرة في الحدود الجزائرية - المالية. لكن يبقى حسب الخبراء أن الكثير من النواحي الايجابية ستصب في مصلحة الدول التي تضررت أو ما تزال تضرر من ضربات الإرهاب، فبالأمس القريب فقط رفضت الكثير من الدول بيع حتى واقيات الرصاص أو أجهزة الرؤية الليلية المساعدة على تقفي العناصر الإرهابية، فما بالك ببيع طائرات الاستطلاع بدون طيار بحجة خلفيات سياسية وأخرى متعلقة بالتطبيع مع الدولة العبرية، لكن الجديد هو الاندماج الشبه كلي لهذه الدول في الحرب ضد الإرهاب سواء بالاستشارات والتعاون الاستخباراتي كما يحدث مع واشنطن منذ مدة أو بالتصريحات الأخيرة للوزراء الفرنسيين وكذلك بالحملات التي تقودها الأجهزة الاستخباراتية التي تقاعست قبل ال2001 ''كالسي أي أي'' و''الآف بي آي'' و''الدي أس تي'' و''دي جي أس أو'' و''الأم أي ''6 و''لادجيد'' المغربية .