في أيام الله وشهوره هناك مايفضل بعضها البعض، كما يذكر الشاعر العظيم المتنبي الذي قال يوما وهو يمدح سيف الدولة الحمداني. هو الجد حتى تفضل العين أختها *** وحتى يكون اليوم لليوم سيدا وكان الطبيعي أن يتساوق محل التكليف ''الإنسان'' مع هذا التفضيل، فيجعل من أعماله وأقواله نتاجا جميلا يقدمه بين يديه، كالعسل الذي تخرجه بطون النحل بعد أن تطوف على الزهر الكثير. وكثير من الناس فهموا أن شهر الصيام إنما هو شهر لكثرة الأكل والمنام، ولو عقلوا لقدموا في هذا الشهر أجود وأفضل ماتطيقه وتستطيعه مامنحوه من قدرات وجهود، إذ للإنسان عمر واحد محدود البدايه والنهاية، ونفس واحدة هي أغلى موجود لديه، فمن ذا الذي لا تعز عليه نفسه، فيحوطها بسياج من المكارم والطاعات يلقى بها ربه، ويكون بها وبرحمة الله من أهل الله وحزبه، والعجب أن شهر الصيام الذي هو امتناع عن الأكل والشرب وسائر المفطرات، تضاعف فيه ميزانية كثير من الدول الإسلامية، لاستيراد مالذ وطاب من المواد الغذائية واللحوم والشحوم ، وكان المفترض أن يكون العكس، لوجود وجبة واحدة بدل ثلاث. فمتى نعقل ونتعلم ، ونجعل لشهواتنا كابحا من الصبر المقدس؟.