مع استئناف الحياة الدراسية والعملية للكثير من المواطنين الجزائريين تبدأ معاناة العديد منهم مع وسائل النقل، حيث يشكل هذا الأخير كابوسا حقيقيا خاصة مع اقتراب دخول موسم الشتاء، حيث يلقى المواطنون صعوبات كبيرة بعد انقضاء ساعات العمل والدراسة في العودة إلى مقرات سكناهم، خاصة منهم القاطنين في أماكن بعيدة ومستعملي النقل الجماعي. يجد العديد من المواطنين خلال هذه الأيام صعوبة كبيرة في الظفر بمقعد في حافلات نقل المسافرين أو في سيارات الأجرة، مما يخلق لديهم جوا من التوتر والقلق ولاسيما خلال الساعات الأخيرة من المساء، وهو الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى فوضى عارمة وشجارات بالأيادي والألسنة بسبب التدافع الكبير الذي يقع على هذه الحافلات. محطات مكتظة بالمسافرين وفوضى تطبع النقل من خلال الجولة الاستطلاعية التي قادت ''الحوار''، إلى بعض محطات ومواقف الحافلات شهدنا موقفا واحدا يتعلق بالتدافع على حافلات نقل المسافرين. غير أن تفاقم هذه الظاهرة يختلف باختلاف المحطات وخطوط نقل المسافرين توجهنا إلى محطة 20 ماي بالعاصمة باعتبارها منفذا إلى العديد من الاتجاهات ووجهة لمختلف مناطق العاصمة وضواحيها،، أول ما لفت النظر هو طوابير المسافرين في كل جهة واكتظاظ عارم يغطي المكان، حيث تلاحظ أنه كلما أتت حافلة لتنزل مسافرين قادمين من محطة أخرى حتى يتجمع آخرون عند بوابتي الحافلة محاولين الصعود في آن واحد مما يخلق مناوشات وشجارات بين الصاعدين والنازلين، وهو ما دفعنا إلى أن نسأل بعض المسافرين عن رأيهم في حالة النقل، فقال ''جمال'' الذي كان على أهبة امتطاء الحافلة باتجاه بودواو: ''أكثر ما يؤرقني خلال عودتي للعمل بعد انقضاء إجازتي هو تنقلي من بودواو إلى العاصمة وذلك بسبب صعوبة الظفر بمقعد في حافلات نقل المسافرين خاصة في الفترة المسائية، وعند ساعات نهاية العمل التي تبدأ من الساعة الرابعة والنصف مساء إلى غاية الساعة السادسة مساء لا أتنفس الصعداء إلا في أيام العطلة الأسبوعية حيث لا أجد صعوبة كبيرة في التنقل نتيجة قلة الضغط على حافلات نقل المسافرين''. تركنا جمال، وانتقلنا إلى محطة حافلات أخرى وبالضبط إلى محطة تافورة التي تشهد، هي الأخرى، فوضى أخرى ناهيك عن الأرضية الهشة التي كلما سقطت الأمطار شكلت بركا مائية توحي لك وكأنها مسبح عارم، مما يؤدي إلى عرقلة حركة المسافرين. توجهنا إلى الخط الرابط الجزائر -درڤانة حيث إن الأعداد الكبيرة من المسافرين على مستوى هذا الخط توحي بأن كل العاصميين قاطنون في هذا الخط. ومن هنا تحدثنا مع ''عز الدين'' أحد المسافرين الذي فشل في امتطاء الحافلة وذلك بسبب التدافع الكبير عليها، حيث أبى إلا أن ينتظر الحافلة الأخرى لعله يظفر بمكان ويصل إلى وجهته، حيث قال ''لقد سئمنا من هذا الوضع الذي خلق في نفوسنا جوا من التوتر ولا سيما في هذا الوقت، غير أن ما يحز في نفسي هو تلك المعاملة السيئة التي يلقاها المسافرون من طرف القابضين والسائقين على حد سواء الذين يتعمدون في كثير من الأحيان إهانتهم ومعاملتهم كأنهم عبيد ونعتهم بأوصاف غير أخلاقية، ناهيك عن امتلاك مقاعد الحافلات عن آخرها قبل ركونها في الموقف الخاص بها''. أما ''نسيمة'' فتقول من جهتها: ''أجد نفسي مضطرة وفي كل مرة أن أزدحم وسط الرجال للظفر بمكان والجلوس والوصول في الوقت المحدد للمنزل، لأننا في أيام الخريف حيث يطول الليل وتقصر فترة النهار ويحل الظلام سريعا، لذلك أتفادى الانتظار في المحظة وأجازف كوني امرأة لأنه لم يعد الأمر كالسابق حيث كان الرجال الجالسون يستحون ويتركون أمكنتهم لكي تجلس النساء بل على العكس فهم يديرون أوجههم ولا يشكل لهم ذلك أي حرج، ولذا فالأحسن لي هو التدافع والظفر بمقعد خير من أن أبقى ساعات في الانتظار''. القطار الحل الأمثل للتنقل براحة وتنظيم وفي حديثنا مع أصحاب حافلات النقل، صرح لنا البعض منهم أن المسافرين يتعمد،ن خلق الفوضى ومحاولة الصعود إلى الحافلة وذلك بالرغم من عدم شغور المقاعد مما يؤدي، حسبهم، في كثير من الأحيان إلى تكسير أبواب عرباتهم. ومن ناحية أخرى وجدنا أن العديد من المسافرين يفضلون التنقل عن طريق القطار خاصة بعد أن تدعمت حظيرة النقل بالسكك الحديدية بعربات حديثة ومريحة، فضلا عن حالة التنظيم التي تسود هذه الأخيرة ولاسيما فيما يتعلق بمواقيت الانطلاق والوصول، حيث أخبرنا في هذا الخصوص معظم المسافرين الذين التقيناهم في محطة آغا بالعاصمة أن القطار هو أفضل وسيلة للتنقل كونه يوفر الراحة ويضمن الوصول في الوقت المحدد بالإضافة إلى الشعور بالأمن والطمأنينة وذلك لتوفر حراس الأمن بها.