لم يكن أحد من أهل قريتي مهتما أو كان من ذي قبل كذلك... بفكرة علاقتنا نحن بالشمس... كم نبعد عنها وكم تبعد عنا... وكيف استطاع العلماء أن يحددو بالضبط المسافة التي تجمع بين كوكبين حجريين (هي ونحن) وهو بالفعل ما حدث وكان، حيث كنت أنا من أشعل قنبلة هذا السؤال وسط الجمع الكريم الذي كان يميزنا عن باقي الجماعات الأخرى. والتي لا حديث لها إلا عن قضايا الساعة، فلم نكن في حضرة المأمون ولا هارون الرشيد، ولا زياد بن أبيه، إنما شلة من المجتهدين لا غير.. نسبح في بحر الأسئلة المعقدة وفي كل ذلك مسابقة للزمن..؟ الوقت كان بداية الصيف... وهو أعظم الأزمنة التي تحدث توازنا بين الفرح والحزن لدى الإنسان... فالكل يتخلص من طحين الطباشير الجاف من على زصابعه وطوى مئزره إلى أجل غير مسمى. لأن أغلب سكاننا يرتزقون من مهنة التعليم، وهي الفئة المعروفة لدينا ميكيتها ونشاطها المعهود. أما ما تبقى من الأكثرية فهم تجار غنم وسيارات وعمال بسواعدهم.... وفئة أخرى تجار أواني منزلية وتلفزيونات وما يلحقها من أجهزة مشفرة، هذا هو المجتمع الذي يشبه الطورتة حيث يسهل عليك تقسيمه، شريطة أن تكون من أسرة عتيقة؟ عندما قرأت المعلومة هذه بمجلة العربي سرح بي الخيال إلى هذا الاكتشاف العظيم.. وبفطرتي الساذجة تذكرت أرمسترنغ وكيف استطاع حقا أن يضع بأول قدم بشرية على ككوكب القمر... تذكرت الكلبة (لايكا) ويوري غاغارين وعباس بن فرناس، وتساءلت من جديد هل يا ترى حدث ذلك فعلا .. لأنني لازلت أشك في ذلك (وهذا من حقي) لأن عمود أحد الصحفيين بجريدة مغربية نبهني إلى فكرة مهمة وهو يهاجم عظمة أمريكا يوم راحت صحفها عام 96 الاشتراكي... لكن الأقدار كانت لها بالمرصاد- فحينما نقلت تلفزيونات العالم صور أرمسترنغ وهو يحط على يابسة القمر غرس رمحا يعلو قبضته علم أمريكا، وهذه قمة التحدي لكن وبناء على أن لكل فرعون موسى فقد تنبهت إحدى العقول الروسية وقيل يومها إنها أكبر كذبة عرفتها البشرية(لماذا) وواجهوه هذه غيرة يا رجل أم حسد من انتصار القطب الأول عليكم. قال هذا العالم لا) معي الدليل الذي يثبت أن أرمسترنغ لم يصل القمر (قالوا له- ما هو) قال : ... أعيدوا الصورة المتحركة (فعلوها) قال: ماذا لاحظتم .. أنظروا العلم الأمريكي إنه يرفرف أليس كذلك (نعم- صح) أهذا معقول يا معشر الصحفيين.. أسمعتم بوجود ريح فوق القمر أو خارج أي كوكب آخر غير الأرض. وهنا خرج هذا العالم من قاعة المجمع الصحفي وعشرات الكاميرات تتهجم على رأسه كالصقيع الشتوي. مازلت أتذكر هذه الحادثة ومن يومها وأنا أعتبر أمريكا هذه مجتمع سياسي ظل يغشنا منذ عشرات السنين، وهذا ما ألزمني كي أشك في كل معلومة أحوزها وأقرأها لهذا عدت إلى موضوع قياسي بعد الشمس عن الأرض فهل صحيح هي من يبعد عنا ب 051 مليون كم؟! أريد أن أعرف نوع الأجهزة التي قبست بها هذه المسافة... سؤال قض مضجعي وحيرني كسؤال الدجاجة والبيضة.. كيف عملت هذه الأجهزة ... بناء على أن الشمس مجرة ملتهبة وأي جهاز يقترب منها يذوب كذوبان الملح في الماء.. ولا يتفتت فقط؟! صيف كامل وأنا سؤالي هذا كشمعدان في دهاليز مجهولة... أطرحه على كل من أشتم فيه رائحة العلم والمعرفة... لكن دون جدوى؟! وبالصدفة التقيت أبا بكر... طالب جامعي شريعة- نصف ملتحي- يخجل حتى من ظله ولا أدري كيف وجدتني أقدم له هذه الخدمة الجليلة حتى وأنها في الأصل من منافعي الشخصية فقد قال لي: هل من جديد؟! هل لازلت تلتقي بنفس العناصر؟! فأجبته (بنعم ناقصة) حيث كنت قلقا من جماعة تمارس السفسطة والمجادلات البيزنطية لأن إجاباتهم كانت بعيدة عن المنطق تماما فمنهم من قال لي: بأنهم أرسلوا مركبة فضائية حطت على الشمس وآخر قال لي بأنهم قاسوها بمنطق رياضي وبمعادلة 3 / 41 ولم يستطع أن يفهمها بالتدقيق كيف تمت هذه العملية المهيمنة، وآخر قال بأنهم قاسوا الشمس عن طريق التيليسكوب دون أن يوضح ذلك بالتفصيل... فجأة وبعد أن سمع مني أبو بكر السؤال قال على المباشر وكان وكأن به يمتحنني أتعرف أشعة الليزر قلت: أكيد.. أسمع بها ثم أضاف وهل تعلم بأن هنالك أجهزة ضخمة على شكل محطات ترسل هذه الأشعة على بعد آلاف الكيلومترات لم يكمل أبو بكر تفاسيره حتى فهمت الإجابة كاملة فقط راح يضيف لي كيف تعمل أشعة الليزر ومن أين تستمد طاقتها الضوئية ووصلنا في الأخير (ويا للعجب) من الشمس؟! العلماء إذا قاسوا الشمس بضوئها منها وإليها، طمعوا الليزر بالشمس ليقيسوا بها الشمس؟! والليزر وحدها المادة القادرة على اقتحام خيوط النار الملتهبة، وصولا للقشر... كان أبو بكر إنسانا ورعا في يومياته شغوفا بارتداء ألبسة الأفغان وقد كان كلامه مدججا بالحجج لهذا وذلك فقد كانت علاقتي به علاقة ثقة. لأن حديثه كان دوما يقطر بالصدق... وحين تتعمد متابعته تتأكد بأنه لا ينطق عن هوى... في إحدى المرات قال أحد الزملاء ومن باب التنكيت والسخرية (أين الزنداني) وهذا حين تذكرنا أبا بكر، إجابة هذا الزميل الصوفي أقنعتني وأعطتني دفعا قويا لمراجعة الذات فقد كنا نتخيل المسألة كبيرة ها هي تصغر وتتقزم فمن منا لا يعرف الليزر فعملية القياس كانت جد بسيطة لكن من كانت تخطر على باله هذه الإجابة، حتى وهي لربما موجودة في الكتب الابتدائية؟! وكم من مسألة بسيطة عنها نحن غافلين.. أبو بكر هذا الشاب الذي يكره أمريكا حتى لو وضعوها له في ضمن عسل كان وسميا في لقاءاته بنا وفي كل لقاء كانت عدة أشياء تتغير بيننا وقلت في عدة مرات إن هذه الهيبة المكتسبة هي نعمة ربانية لا تتوفر في أيا كان. أبو بكر بمعلومة من ذهب هل تعلم أيها المعلم بأن أشعة الليزر أكبر وأقوى من أشعة الشمس أربع مرات؟!