حان الوقت اليوم لفتح ملف زنا المحارم حماية للضحايا ومعاقبة للجناة أصرت المحامية بن براهم على وجوب محاربة زنا المحارم بصرامة، باعتباره من الفواحش الكبرى التي ترتكب بين الأقارب سواء كانوا أشقاء أو والدين أو مع أحد فروع والد الزوج أو الزوجة أو زوج الأم أو زوجة الأب وفروع الزوج، مشيرة إلى أن هذه الاعتداءات الجنسية تخلف أضرارا بسيكولوجية كبيرة جدا، خاصة على الأطفال القصر، وأضافت: ''حان الوقت اليوم لنتكلم وبقلب مفتوح عن هذه الجرائم التي ترتكب داخل الأسر''. كمحامية وناشطة في مجال حقوق الإنسان، ما هي الأسباب والدوافع والظروف التي أدت إلى انتشار ظاهرة زنا المحارم بهذا الشكل في مجتمعنا؟ وما هي الحلول في نظركم؟ زنا المحارم كان دائما موجودا، ولكن هذه الظاهرة كان مسكوتا عنها تجنبا للفضائح حين يكون الأب مثلا هو المجرم أو الأخ، الجد، العم أو الخال، إذ يصعب على العائلة التكلم عن هذه الفضيحة والضحية هي ''البنت المسكينة'' التي تعامل دائما على أنها السبب فيما جرى لها، خاصة لما تتبرج وتبدي زينتها، فهي الملامة بالدرجة الأولى على عرض جسدها ، مما يؤدي إلى خلق شهوة لدى الأب أو الأخ أو غيرهم. وفي مجتمعنا الفتاة ليس لها حق التكلم عن هذه الفضيحة، والكل يفضل السكوت على الكلام هذه النقطة الاولى. أما الثانية فقد كانت المرأة أو الفتاة التي تتعرض لهذا الاعتداء حين ترى أنه لا يوجد من يشجعها على كشف الجاني أو عقاب المجرم وترى بان الأسرة كلها تتضامن مع المجرم وهي الضحية تصبح هي المجرمة، تسلك طريقا آخر وهو الهروب من البيت، ولما تخرج من البيت تلجأ للعمل بالملاهي الليلية وبيوت الدعارة. وعدد كبير من النساء يتوجهن للعمل ببيوت الدعارة، وإذا تكلمت مع إحداهن ترد قائلة ''أفضل هذه المعيشة ولا الجحيم الذي كنت فيه، لان أهلي هم الذين أوصلوني إلى هذا الطريق''. أما اليوم فالمرأة فهمت بأن لها حقوقا، وبناتها أيضا لهن حقوق، وعندها مسؤولية إزاء بناتها، وإذا قام زوجها أو خالها أو أي إنسان بالاعتداء على ابنتها، تجدها تدافع عنها بكل الوسائل، ولا تتركها ضحية بدون حق. اليوم الناس بدأت تتكلم، والملفات تفتح، والفضائح تصل إلى الرأي العام. والملاحظ أيضا أن هذا الأمر ليس خاصا بالجزائر فقط، وإنما منتشر في كل دول العالم، ربما تلاحظون كم الاعتداءات الجنسية على الأطفال في فرنسا سواء من طرف المدرسين أو من الأهل، اليوم الضحايا يؤسسون جمعيات حينما يكبرون ينددون فيها بالاعتداءات على الأطفال، رغم أنهم أصبحوا رجالا في سن الثلاثين والأربعين وما فوق، يرفعون دعاوى ضد من قام بالاعتداء عليهم وهم صغار، والقضاء يأخذ بعين الاعتبار هذه الشكاوى. وهذا يعني أن الإنسان أصبح غيورا على حقوقه الفردية وعلى ملكية حياته الجنسية، لأن هذه الاعتداءات الجنسية تخلف أضرارا بسيكولوجية كبيرة وكبيرة جدا على الأطفال ومهمة في نفس الوقت، واليوم حان الوقت للتكلم وبقلب مفتوح عن هذه الجرائم التي ترتكب داخل الأسر. هل صادفتم حالات في المحاكم في هذا الشأن كانت لها حساسية خاصة؟ نعم عرفنا عدة حالات ليس حالة أو اثنين، وإنما عرفنا اعتداءات على الأطفال الذكور، حيث تجدين الأب، الأخ الكبير أو الخال يعتدي على الأطفال من نفس الجنس، كما تلقينا حالات أخرى أين الأب يتعدى على ابنته، وأعطي لكم مثالا قضيتين أثرتا في كثيرا. فالقضية الأولى كانت في مجلس قضاء البليدة القسم الجنائي، حدثت في عائلة ساكنة بعمارة تحوي قبوا، حيث قام شاب ذو تسع عشرة سنة بالتعدي على طفل عمره خمس سنوات يقطن بذات العمارة، حيث أخذه إلى محل لشراء حلويات واختطفه، ثم ذهب به بعيدا عن الأعين وتعدى عليه، ولما خاف من الطفل أن يفضحه ويخبر والديه، خنقه بسلك. وقد أثرت في صورة ذلك الطفل، وعيناه خارجتان حجمهما أكبر من حبة البيض من رأسه. هذه الصورة بقيت في ذهني ولن أنساها أبدا، وبعد ذلك قام بوضعه داخل كيس بلاستيكي ووضعه داخل القبو وكأن شيئا لم يكن. وبعد أيام بدأ ت الرائحة الكريهة تصل إلى مدخل العمارة، والأولياء لا يزالون يبحثون عنه، لتجده الشرطة بالقبو، وتبين بعدها من خلال التحريات والبحث أن المعتدي هو ابن الجار الذي يسكن بالطابق العلوي من ذات العمارة، ليحكم عليه بالمؤبد والقضية الثانية التي أثرت في كثيرا هي قضية أب في الثالثة والخمسين يقطن بعين البنيان بدأ يبتعد عن زوجته ويقول لها لا تنامي معي ولا تأتيني بالغداء أو العشاء، ابنتي هي التي تقوم بكل ما أحتاجه. وفي يوم من الأيام بدأت الطفلة تتوجع، قامت والدتها بأخذها عند الطبيبة، فقالت لها أن ابنتك حامل، فاندهشت أمها قائلة: ابنتي مريضة ولا تخرج من البيت. وبعد التحاليل تبين بأنه حامل واعترفت بما كان يمارسه عليها والدها المتقاعد من فعل مخل بالحياء حينما تذهب الأم إلى العمل وتبلغ الضحية أربع عشرة سنة. وكانت هذه القضية أيضا في مجلس قضاء البليدة. وهل القانون الجزائري يحمي بشكل واضح ضحايا زنا المحارم، خاصة أن المجتمع لا يصرح بمثل هذه الجرائم في الغالب ويفضل أن يبقيها في طي الكتمان؟ إذا رجعنا إلى القانون هناك قانون العقوبات، فالمادة موجودة، فقد أعد المشرع الجزائري ترسانة قانونية للحد من هذه الممارسات؛ فالمادة 337 من قانون العقوبات مكرر الأمر رقم 75 47 المؤرخ في 17 يونيو ،1975 تعتبر زنا المحارم من الفواحش بين ذوي المحارم والعلاقات الجنسية التي ترتكب بين الأقارب من الفروع أو الأصول، الإخوة والأخوات، الأشقاء من الأب أو الأم، بين شخص وابن أحد إخوته أو أخواته من الأب أو الأم أو مع أحد فروعه: الأم أو الأب، الزوج أو الزوجة والأرمل أو أرملة ابنه أو مع أحد آخر من فروعه، والد الزوج أو الزوجة، أو زوج الأم أو زوجة الأب وفرع الزوج الآخر، أو من أشخاص يكون أحدهم زوجا لأخ أو لأخت، تكون العقوبة فيها بالسجن من 10 إلى 20 سنة في الحالتين الأولى والثانية، وبالحبس من 5 إلى 10 سنوات في الحالات رقم 03 و04 و،05 وبالسجن من سنتين إلى 5 سنوات في الحالة رقم .06 هذا فيما يخص تشريع العقوبات بالنسبة لزنا المحارم. وهل من سبيل لمواجهة مثل هذه الظاهرة الشائكة التي تشين المنظومة الأسرية ببلادنا؟ أنا أذهب دائما إلى القرآن الكريم، لأنه العلاج الوحيد، فالقرآن جاء لينصح وينهي عن كل الجرائم. والمؤكد أننا لو نرجع إلى القران الكريم فسوف يبعدنا عن مغبة مثل هذه الجرائم. والنقطة الثانية هو الحوار والكلام عن هذه المواضيع للفت الانتباه ومواجهة الجريمة بكل شفافية وعدالة، والأفضل هو العمل على عدم وقوعها.