أوضح ''عثمان بوروبة'' رئيس جمعية ''إيدز الجزائر'' ليومية ''الحوار'' أن التضارب في الأرقام حول ملف السيدا في الجزائر لا يزال قائما، رغم التأكيدات والمجهودات التي توصي بوجوب تحطيم الطابوهات وإزالة الهالة عن هذا الداء، إلا أن التباين بقي مسيطرا وألقى بظلاله على حقيقة إجمالي حاملي الفيروس، في ظل غياب إستراتيجية الكشف الطوعي، لتشهد معدلات الايدز ارتفاعا، حيث تم تسجيل على المستوى الوطني منذ عام خمسة وثمانين وحتى ثلاثين سبتمبر ألفين وتسعة حوالي 1011 حالة إصابة بالسيدا، و 4840 حامل للفيروس. وأكد أن الجزائر تمتلك تجربة رائدة في مجال معالجة المصابين بداء الإيدز،ولكن يشار إلى أنّ هناك عملا كبيرا منتظرا لمكافحة هذا الداء الفتّاك، بعدما تم تسجيل 20 حالة سيدا و 54 حالة حاملة للفيروس في ظرف ثلاثين يوما من شهر سبتمبر الفارط . ماذا حضرت جمعية ''ايدز الجزائر'' للمساهمة في اليوم العالمي لمرض فقدان المناعة؟ عثمان بوروبة: سيشهد الفاتح من ديسمبر القادم، وهو اليوم العالمي لمكافحة داء السيدا، ثلاثة برامج تحوي عدة نشاطات وتظاهرات كبيرة بالتعاون مع مسؤولي فندق ''الماركير'' وبنك الجزائر، فالبرنامج الأول يتعلق بالحملات التحسيسية من خلال تنظيم ورشات وندوات فكرية تحسيسية داخل مراكز التكوين المهني، الثانويات، المدارس العمومية والخاصة، دور الشباب والمساجد على مستوى العاصمة، بوضع تعاريف دقيقة لانتشار مرض الايدز، وعرض وسائل الحماية وطرق الوقاية للحد من انتشاره، وكيف يتم التكفل بالمصابين به في الجزائر. هذه التحضيرات باشرنا فيها منذ منتصف شهر أكتوبر المنصرم، وستدوم إلى غاية نهاية شهر ديسمبر القادم، وللعلم فإن هذه الأيام التحسيسية لا تقتصر على شهر ديسمبر، وإنما على كل أشهر السنة. والبرنامج الثاني، يتعلق بمشروع في الوسط الجامعي، نظمناه بالتعاون مع سفارة هولندابالجزائر، ويتعلق بالصحة الجنسية والوقاية من داء الايدز في الوسط الجامعي، بدأنا فيه منذ شهر افريل وماي الماضي، حيث تم تكوين 20 طالبا جامعيا على أيدي مختصين وخبراء في السيدا، لينشطوا ضمن الجمعيات الفاعلة في هذا المجال، وسيشمل هذا العمل كل الجامعات بالعاصمة، بهدف تلقين الطلبة سلوكيات المحافظة على صحتهم وتمكينهم للوصول إلى مصالح الوقاية والعلاج، وسيباشرون العمل الميداني يوم 5 نوفمبر الجاري أما البرنامج الثالث فهو مشروع جديد مع ''انو أوروبيا''، هذا المشروع يتكفل بالهجرة والمهاجرين للوقاية من مخاطر السيدا، سيتم التوقيع عليه يوم الرابع من شهر نوفمبر، لتكون الانطلاقة الرسمية به يوم الفاتح من ديسمبر القادم. هذه البرامج كلها تدخل في إطار الاحتفالات باليوم العالمي للسيدا. إلى أين وصل عمل الجمعية في تحقيق استرتيجية 2008-2012 التي تعمل فيها بالتنسيق مع ''أونو'' سيدا في مجال التوعية والتحسيس بخطورة المرض وطرق الوقاية منه؟ يقتصر عمل الجمعية على تطبيق الإستراتجية الوطنية في إطارها الشامل، فجمعيتنا لها تدخلات وأولويات منصبة بالدرجة الأولى حول الجماعات الأكثر عرضة للإصابة. فالمشروع الجديد الخاص بالهجرة ''المهاجرين''، يدخل في صلب الإستراتجية الوطنية، فنحن نقوم جاهدين بتطبيقه على مستوانا، العمل المنوط بنا لتطبيق الإستراتجية الوطنية. فالسنة الماضية قمنا بثلاثة مشاريع، تم إدماجها في إطار الإستراتجية الوطنية، مشروع مع الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة نساء ورجال، مع التركيز على عنصر الرجال، هذان المشروعان كانا متبوعين بحملات تحسيسية وتوعيات كبيرة عبر مختلف ولايات الوطن، منها ولاية بشار، قسنطينة، بجاية، كما نظمنا ثلاثة ملتقيات ودراسات على المستوى الوطني، دخلنا في شراكة في إطار مشروع '' اونيجي ,''2 وكذلك شراكة مع سفارة فرنسا وسفارة هولندابالجزائر، كل هذه التطبيقات أدمجت في إطار الإستراتجية الوطنية والمخطط الاستراتيجي 2008 .2012 ما رأيكم في مستوى الثقافة الجنسية لدى الشباب الجزائري؟ عثمان بوروبة أقول إن لديهم ثقافة ولكن ثقافة محدودة جدا ، ثقافة في معظم الأحيان خاطئة، لأنه لا توجد دروس توعوية على جميع المستويات. كثيرون يجهلون الفرق بين حامل الفيروس والمصاب بالايدز، مما يجعلنا نتلقى صعوبات من هذا القبيل، بصريح العبارة ليست لهم أية ثقافة، وهو شيء واضح إذا خرجنا إلى الشارع نجد هناك علاقات جنسية غير شرعية تتم بطرق عشوائية وخاطئة. فالعلاقات الجنسية من هذا النوع هي الأكثر انتشارا وهي السبب الأول في الإصابة بداء فقدان المناعة وتقدر بخمسة وتسعين بالمائة، لتبقى ثلاثة بالمائة يصابون بطرق أخرى، كتلوث الدم عن طريق حقن المخدرات، فرشاة الأسنان وشفرات الحلاقة وغيرها، واثنان بالمائة عن طريق الأم المصابة التي تصيب ابنها أثناء الحمل أو الوضع أو أثناء الرضاعة، وهو الأمر الذي يدق له ناقوس الخطر في الجزائر. كيف تدعمون الشباب المصاب بالفيروس؟ نحن جمعية إعلامية، فأساس عملنا هو الإعلام والتوعية من مخاطر السيدا، ولكن عندنا خطا استراتيجيا آخر في أهدافنا، وهو تدعيم ''جمعية الحياة''، وهي جمعية الأشخاص المصابين بالسيدا والأشخاص المتعايشين مع الفيروس، هذه الأخيرة نعمل على تدعيمها بكل الإمكانيات المتوفرة لدينا، كالدعم التقني والمعنوي والفني، لأجل دوامها وبقائها للعمل مع هذه الفئة. هل تركزون في حملات التوعية على المناطق التي ينتشر فيها النشاط الجنسي؟ نحن نحاول عمل المستحيل للوصول إلى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة، هذا في إطار الإستراتجية الوطنية التي حددت الأولويات، فتحديد الأولويات والأهداف شيء واحد، لذا لابد من تحديد الأشخاص الذين نتعامل معهم. ولكن نحن في هذه الإستراتجية نحاول الوصول لفئة الأشخاص الأكثر عرضة ونعمل معهم، ولكن هذا لا ينفي ولا يمنع العمل مع أشخاص آخرين، قد تعرضوا في مشوار حياتهم للإصابة، إذا مع التحديد والتنسيق والأولويات، لا نبخل بمد يد العون لهذه الفئات. تشير إحصاءات منظمة الأممالمتحدة لمكافحة السيدا إلى أن هذا الأخير يصيب أكثر فأكثر فئة النساء والمواليد الجدد، هل لمستم ذالك في الواقع؟ في الجزائر هذا واقع معروف، ففي السنوات الماضية كانت الإحصاءات تشير إلى نسبة إصابة 5 من الرجال مقابل امرأة واحدة، أما الآن فالنسبة أصبحت واحد بواحدة أي رجل مقابل امرأة، ما يشير إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالفيروس من الرجال. ففي شهر سبتمبر الفارط، سجلنا 20 حالة إصابة بالسيدا و54 حالة لحاملي الفيروس، وتسجيل حالة واحدة من المواليد الجدد على المستوى الوطني، هذه الإحصاءات مؤكدة ورسمية من معهد باستور وعلى المستوى الوطني، تعتبر أرقام مخيفة جدا مقارنة بالسنوات الماضية، فالإحصاءات كانت تشير إلى 200 حالة حاملي الفيروس و50 حالة مريض مصاب بالسيدا في العام. في نظركم هل هناك أسباب وراء ارتفاع هذه الأرقام؟ نحن كجمعية نقول إن هناك عدة أسباب، ووزارة الصحة تقول أيضا هناك أسباب وراء ارتفاع هذه الأرقام، حيث ترجع هذا الارتفاع إلى عمليات نظام التشخيص ، أي أن الناس بدأت تذهب إلى المخابر لإجراء التحاليل، وهنا بدأت الأرقام ترتفع بشكل عادي لأنها بدات تظهر من الخفاء إلى العلن. ونحن لا نخفي أن نسبة الإصابة في الجزائر حسب آخر إحصاءات ''أونو سيدا'' ومنظمة الصحة العالمية وحتى الحكومة الجزائرية متوافقة مع هذا الرقم، حيث أحصينا حوالي 1,0 بالمائة يعني من 34 مليون مواطن هناك حوالي 34 ألف إصابة . هل يمكنكم تحديد أعمار الحالات التي يشيع فيها المرض أكثر؟ النسبة الأكبر لحالات السيدا في الجزائر، هي لفئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 17 سنة وخمسة وخمسين سنة، رجالا ونساء، والمواليد الجدد إلى يومنا هذا هناك حالة واحدة على المستوى الوطني تم تسجيلها. في حين نحن نعلم بأن هناك حالات أخرى، ولكن الجزائر تتستر على ذلك، لأن الأرقام ليست صحيحة، نظرا للتعقيدات ونقص الدعم المالي لكل الجمعيات الفاعلة والناشطة، والنقص المسجل على مستوى وزارة الصحة. يعني أن كل الإجراءات المتخذة ضعيفة ''لأن كل جهة تعمل بمفردها في ظل غياب التنسيق بين الجمعيات ووزارة الصحة''. وهل تقومون بإجراء الكشف المجاني لاكتشاف الإصابات بالفيروس في أوساط الشباب؟ نحن لا نقوم بالكشف المجاني لاكتشاف الإصابات بالفيروس في أوساط الشباب، ولكن عملنا يقتصر على توعية وحث الأشخاص على القيام بالكشف على مستوى العيادات المتخصصة كعيادة ببوقرمين بساحة أول ماي، ومستشفى القطار بباب الوادي، وإن كان التشخيص ايجابيا يرسل على مستوى المخبر المركزي بسيدي افرج، وهو الوحيد الذي يعطي الإحصاءات الرسمية للأشخاص المصابين. يقال إن مرض السيدا ينتشر بكثرة في المناطق الريفية النائية، هل هناك إحصاءات لحالات صادفتموها من هذا القبيل؟ ككل سنة نحن نقوم بحملات تحسيسية كبيرة نبرمجها على مستوى الولايات الداخلية للوطن كتمنراست، بشار، الوادي، وهي تدخل ضمن إستراتجية الجمعية. وبالنسبة للمناطق الريفية أكثر عرضة لانتشار هذا الداء يمكن أن يكون ذلك صحيحا لأن أشخاص القرى عندهم ضعف في وصول المعلومة الصحيحة للتوعية أيضا، وهذا يدل على أن المناطق الريفية أكثر عرضة من المدن الكبرى. وأنا كرئيس الجمعية أقول إن كل المناطق في الجزائر معرضة للإصابة، فمرض السيدا موجود في كامل التراب الوطني. وبلغة الأرقام تضم العاصمة أكبر عدد إصابات على المستوى الوطني، لتليها الولايات الساحلية الكبرى كوهران، بجاية، سطيف، تيارت، تمنراست لتليها الولايات الأخرى ولكن الأرقام تختلف. وفي الأخير هل من كلمة ختامية توجيهية لدق ناقوس خطر يحدق بشبابنا اسمه ''السيدا ''في الجزائر؟ بودي التوجه بنداء لكل المتدخلين، الأشخاص المصابين والعاديين، وحتى أنتم كإعلاميين كي نعمل سويا على إيصال الرسالة والمعلومة الصحيحة وعرضها لشبابنا وتحذيرهم من خطر انتشار هذا الداء الفتاك على المستوى الوطني، وكل واحد مسؤول على حماية نفسه والآخرين وحماية المجتمع، بشيء بسيط ألا وهو التوعية ثم التوعية.