لم يكن الاهتمام بالنباتات المنزلية حديث العهد، بل هو قديم منذ زمن جداتنا اللواتي كن يحضرنها إلى المنازل لتزيين الشرفات والنوافذ ويتباهين بها أمام قريناتهن من الجيران لما فيها من اخضرار وجمال يبعث الراحة في النفوس. مما لا شك فيه أن نباتات الزينة يفضلها الكثيرون لما فيها من منافع جمالية ونفسية، فهي أولا تبعث الرغبة في التمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة وتربي النفوس على حب الجمال بألوانه وأشكاله المختلفة وثانيا تريح النفس لأنها تضيف إلى المنازل روحا جديدة تبث فيها حياة البهجة والراحة النفسية. ارتفاع عدد المشاتل في الجزائر دليل على اهتمام الجزائريين بالنباتات في جولة استطلاعية قادت جريدة ''الحوار'' إلى منطقة برج البحري بحي ''النخيل'' وبالتحديد إلى مشتلة ''سي رابح''، وهي من أهم المشاتل بالمنطقة، حيث يقوم بالاهتمام وببيع أنواع كثيرة ومتعددة بمختلف أصنافها وأحجامها وألوانها وهذا ما يبدو من مدخل المشتلة، حيث وجدنا العشرات من الزائرين يتجولون بين هذه النباتات. توجهنا إلى صاحب المشتلة لمعرفة مدى اهتمام الناس بهذا العالم المخضرّ، فأجاب أن الكثير منهم يريد شراء أنواع كثيرة من النباتات الخضراء، ولكن الشيء الذي يقلقهم هو كيفية بقائها حية منتعشة إلى أطول مدة ممكنة، فدوري هنا هو التوعية وإعطاء النصائح المناسبة. ويضيف أن النباتات المنزلية تحتاج إلى عناية وصبر لتظل مخضرة لذلك لا بأس من منحها قليلا من وقتك، ولكي تعيش النباتات الخضراء في البيت مدة طويلة، تحتاج إلى أن توضع في الظل بعيدا عن الشمس، وألا تتعرض للتيار الهوائي. أما بالنسبة للسقي، فهي تحتاج لأن تسقى مرتين في الأسبوع فقط، وتمسح أوراقها باستمرار كلما علق بها الغبار، لأنها تتنفس عبر الأوراق. وينصح ''سي رابح'' بعدم وضع النباتات في غرف النوم لأنها تمتص الأوكسجين من الجو. علاقتي بالنباتات تطورت إلى علاقة وجدانية مما لا شك فيه أن الشخص الذي يهتم بالجمال والإحساس المرهف يبحث دائما عن الرغبة في الإبداع من خلال تنسيقه بين الأشياء كالنباتات بما فيها الزهور، لذلك توجهت ''الحوار'' إلى محل بيع النباتات والزهور في حي من أحياء ''الرغاية'' حيث الطبيعة الخلابة وكثرة الاخضرار، وهناك رحب بنا السيد ''بدر الدين''، وهو من أشهر بائعي النبات في تلك المنطقة، حيث يقول: ''اهتمامي بالنبات لم يكن حديث العهد بل منذ طفولتي، كنت أساعد أبي في البستان الذي كنا نملكه مما جعلني أحب عالم النبات بما فيه من أشكال وألوان وروائح''. ويضيف ''إن الزبائن الذين يرتادون محلي ليسوا من النساء فقط بل الرجال أيضا يهتمون بتربية النبات، سواء نباتات الظل أو تلك التي تعيش في الحدائق، وبحكم خبرتي فإن كل من لديه هذه الهواية تتحول علاقته بالنباتات إلى علاقة وجدانية وكأنه يتعامل مع أطفاله الصغار الذين يحتاجون إلى الرعاية والحب''. ويقول إنه من دون شعور يجد نفسه ينظر أحيانا إلى النباتات أينما وجدت في الأماكن العمومية تراقب نموها، ويقدم لأصحابها النصائح عن كيفية سقيها وأنواع التربية التي تحتاجها، فمثلا النباتات التي توضع في المنزل متعددة الأنواع والأشكال والأحجام. وقبل شراء النباتات يجب معرفة أولا المكان الذي ستوضع فيه ودراسة هذا المكان جيدا من حيث تعرضه لأشعة الشمس والنهوض واتساع المكان، كذلك يجب معرفة هل المطلوب نبات يعطي أوراقا أو نبات مزهر، كذلك هل المطلوب نبات قاتم أو مفترش أو متسلق، وأيضا معرفة كيفية العنابة بالنباتات وتوفير الوقت الكاف للعناية بها. وقد يكون المكان المطلوب وضع النبات فيه مكانا مظلما أي الإضاءة ضعيفة كما هو الحال بالنسبة للنباتات التالية: يوسي، سفندر وهدرا. أما إذا كان المكان به إضاءة جيدة فيمكن وضع نباتات الشفليريا، دراسينا وانتوريم، أو إذا رغب في شراء نبات مزهر فيمكن استعمال الهيدرانجيا، البيجونيا وانتوريم المزهرة. وعند مغادرتنا أهدى لنا إصيصا من النبات يدعى الأوكاليبتوس كرما منه، وقدم لنا نصائح قيمة حول كيفية الاعتناء به منها: 1- يجب استكشاف أوراق النباتات جيدا مع ملاحظة أي عيوب أو تلف وخاصة الأوراق الممزقة. 2 - هناك بعض النباتات التي تنمو نموا إضافيا إذا ما تلف جزء من أطراف أوراقها مثل نبات جلد التمر، فعليك أن تفحص هذا النبات جيدا. 3 - فحص البراعم الخضراء وساق النبات جيدا بدقة. النباتات الاصطناعية لها أيضا معجبوها لقد ظهرت في الأسواق حديثا أنواع أخرى من النباتات ولكنها تختلف عن الطبيعية في الرائحة والعناية بها وتتشابه نوعا ما من حيث الشكل، ألا وهي النباتات الاصطناعية والتي وجدت في الأسواق من يشتريها لما فيها من مزايا وجدها فيها الكثيرون، ومنهم السيدة ''منال'' حيث تقول: ''أفضل النباتات الاصطناعية لا لشيء إلا لأنها أقل أهمية للاعتناء من الطبيعية، فما عليّ إلا نزع الغبار عنها أما النبايات الطبيعية فهي حساسة كثيرا من التيارات الهوائية أو الحرارة المرتفعة أو الضوء الساطع.. الخ. إضافة إلى أنك إذا ذهبت للسفر أو عطلة فعندما ترجع تجدها قد ماتت لعدم سقيها، بعكس الاصطناية فما عليك إلا غسلها أو نزع الغبار عنها، كما أن شكلها يقترب إلى الطبيعي فأحيانا لا يمكنك التمييز بينها لدرجة اقتراب التشابه في اللون والشكل''. اختيار الأواني النباتية لا يقل شأنا من النبات نفسه اهتمت الأسواق الجزائرية بالأصص التي توضع فيها النباتات حيث تعددت أشكالها وألوانها، فمنها الأصص البلاستيكية والبراميل الخشبية وأصص السيراميك والأصص الفخارية، أما الأكثر شيوعا حاليا هي الأصص البلاستيكية لسهولة تصنيعها وتوافر الخامات، وهي متواجدة في أحجام وألوان متنوعة يغلب عليها اللون الأسمر والبني بدرجاته. ويوجد بالقاع ثقب أو أكثر حسب مساحة قاعة الإصيص. ومن مميزاتها خفة وزنها ورخص أسعارها وسهولة الحصول عليها، كما أنها مكملة لجمال صورة النباتات فنجد هذا النوع في المنازل والمحلات التجارية وحتى المراكز والمؤسسات والشركات وغيرها، فهي الأكثر شيوعا. وللتعرف أكثر على هذه الأنواع توجهنا إلى محل مختص في بيع أصص مختلفة النوع والحجم، حيث يقول كمال إن الأكثر رواجا في بيع الأصص هي البلاستيكية ولكن أفضل الأواني الفخارية لزراعة النباتات الطبيعية ك ''السيراميك'' والتي فيها مسامات تسمح بالتهوية.