رياضي وكاتب سيناريو وشاعر وملحن ذوصوت جبلي صداح، استطاع أن يخلق طابعا موسيقيا يميزه عن باقي الفنانين، يعشق الفن حد النخاع، عرف بأغانيه الإجتماعية الهادفة والعاطفية المهذبة، وبكلماته الرقيقة والمشاعر الفياضة وصدق العاطفة، غيرته على وطنه وعلى فنه جعله يحمل هم بلده، ويتعلق الأمر بالمطرب القبائلي الفنان بوعلام بوقاسم الذي أثرى الساحة الفنية بأغانيه التي دخلت إلى العائلة الجزائرية دون استئذان. قضى جل حياته خدمة للفن الأمازيغي الأصيل فخلال 28 سنة من عمر مسيرته الفنية أنتج ما يربو عن 35 ألبوما بمعدل 8 أغاني لكل شريط غنائي، و10 كاسات فيديو، و80 كليبا، حيث نزل ضيفا على جريدة ''الحوار'' واختارها ليطل من خلالها على عشاقه ومحبي فنه بعد غياب طويل حيث تطرق في هذه الدردشة الشيقة إلى العديد من النقاط التي تصب في خانة الإهتمام وكل ما يمس الفن الجزائري. لنبدأ بجديد الفنان بوعلام بوقاسم؟ ** لدي خمسة ألبومات لم تر النور بعد فهي ما تزال حبيسة أدراجي . إذن ما سر غياب المطرب بوعلام بوقاسم عن الساحة الفنية الجزائرية؟ ** اسمحي لي بتوضيح هذه النقطة، الساحة الفنية الجزائرية لم تبق كما كانت من قبل، أمور كثيرة طرأت عليها يصعب التطرق إليها في هذا المقام. ولكن نريد أن تشرح لنا ذلك ولو باختصار؟ ** صراحة يعز علي كثيرا حين التقي بمحبي وعشاق فني الذين يسألونني في مرات عديدة عن سبب غيابي، وهنا قول شيئا وأنا مسؤول على كلامي أنا لم أغب بل غيبت عن قصد. كيف ذلك؟ ** قبل قليل أشرت إلى أنه لديك العديد من الأشرطة لم يتم توزيعها بعد، والسبب واضح للعيان، فجيل الفن القديم حسب ما يعتقد بعض الموزعين لم يعد يخدم الذوق الفني للمتلقي الحالي، وأغلب الموزعين أصبحوا يبحثون عن الأشرطة التي تدر عليهم أرباحا طائلة، أي ما يسمى بالأغنية التجارية، فالموزع الذي يفترض عليه الالتزام بمسؤولية ربط علاقة بين الفنان والمتلقي أصبح يشترط على الفنان تسليمه منتوجه مجانا بحجة أنها غير مطلوبة من قبل الجمهور، إلا أنني أعود وأقول في أحيان كثيرة يكون هذا الموزع معذور على فعله هذا فهوكذلك ضحية لمؤامرات قد تعرضه لخسائر جمة في ظل موضة قرصنة الأقراص المضغوطة التي اجتاحت سوق الكاسيت في الآونة الأخيرة نظرا لغياب النصوص القانونية التي تجرم مثل هذا العمل اللاشرعي. هل الموزع وحده من يتكبد الخسارة الناتجة عن القرصنة؟ ** الخسارة تمس كلا الطرفين الموزع والفنان معا، ففي السابق كان الفنان عندما يذهب إلى الموزع ويعرض عليه منتوجه يدفع له مقابل ذلك نقدا دون تردد، لكن ونظرا لهذه الإشكالية التي باتت تنخر جسم الفن الجزائري جعلت الموزع يقترح على الفنان تسليم أشرطته بالمجان إلى حين بيعها في السوق، فهناك من يرضى بهذا الأمر كهؤلاء الذين يتوقون إلى عالم الشهرة ويسعون اليه مستعملين شتى الوسائل، همهم الوحيد الظهور وهذا طبعا ما يرفضه البعض الآخر لاعتبارات اخلاقية ومهنية . وماذا عنك أنت؟ ** ما يجب ان يعرفه الجميع انني لم أتخذ الفن كمهنة بل اتخذته هواية لا أكثر، فانا والحمد لله لدي تجارة محترمة في عالم السيارات التي أعيل بها عائلتي، ففكرة تسليم أعمالي للموزع لا ارتاح اليها لانها قد تركن اعمالي جانبا وهذا ما لا اتحمله . إذن متى ينفض الغبار ويرفع الحضر على تلك الألبومات التي تراكمت من على مكتبك؟ - فكرت في إنشاء موقع تفاعلي عبر شبكة الأنترنت تحت عنوان : www. Boulem boukacem.com حيث أعبئ فيه تلك الأشرطة الجديدة والقديمة وأترك لكل عشاق بوعلام بوقاسم حرية زيارته والإستماع إلى تلك الأغاني بمجرد ضغط على زر مفتاح الحاسوب ويكون ذلك بلا مقابل وأظنها الطريقة الأنجع لتوصيل اعمالي إلى الجمهور، ما دامت كل الأبواب أوصدت في وجهي منها مؤسسة التلفزة والقنوات الإذاعية، مع انني لا أتوسل لا للإذاعيين ولا للقائمين على التلفزة فأنا لست بحاجة لأحد كما أشرت لدي أعمالي الخاصة ولا أحتاج إلى المال الذي قد أجنيه من وراء بيع الألبومات، فهدفي هوالبحث عن وسيلة لتوصيل من خلالها إنتاجي الفني إلى الجمهور، فوجدت في الشبكة العنكبوتية ملاذي لتطبيق ما أصبوإليه، وحتى أسهل العملية على هواة القرصنة المعلوماتية لتحميلها على الأقراص المنسوخة وبيعها على الأرصفة في الشارع . عهدنا متابعة أعمالك الفنية على شاشة التلفزيون الوطني وعلى أمواج القناة الثانية الناطقة بالأمازيغية لكن حاليا تقلص حضورك الإعلامي؟ ** خلال فترة الثمانينات والسبعينات غزت الأفلام المصرية مقر الإذاعة الجزائرية نظرا للثمن البخس الذي كانت تسوق به تلك الأعمال السينمائية، والتي أخذت حصة الأسد من الشبكة البرامجية موهت الأسر الجزائرية التي كانت تظن أن ما تبثه تلك الأفلام مرآة عاكسة للمجتمع المصري فاعلنت السينما المصرية طغيانها على الإنتاج السينمائي الجزائري أيام محمد حلمي ورويشد وحسن لحسني.. نظمت أغنية في ذات الموضوع بعنوان '' أَرَوْ نْفَرْعُونْ'' بالمعنى أبناء فرعون، وتناولت من خلالها تلك القضية، وللأسف الشديد فان الغزوالفني المصري لم يبرح الساحة الجزائرية منذ ذلك الحين حيث ظهر بثوب جديد لمتمثل الفيديوكليبات ذات المستوى الرفيع، أما الفنان الجزائري المغلوب على أمره فلم ينبه من التلفزة الجزائرية اليتيمة سوى الظهور بمقتطفات واقتطاع جزء من حصة سبق له وأن شارك فيها، فإذا أجرينا مقارنة بين مظهر الفنان في الكليب السابق والفنان الذي اقتطفت أغانيه من حصة ما نلاحظ ذلك الفرق الشاسع بينهما، فشتان بين المظهرين. بالأمس تعرضنا للغزوبالصورة أما الآن فقد تحول إلى الغزوبالموسيقى ودخلت على المجتمع الجزائري بموجب ذلك عادات وتقاليد غريبة وسلوكات سيئة لم نعهدها من قبل مما أدى إلى انتشار الفساد وعمت الفوضى. وتهميش الفنان الجزائري في عقر دياره وفسح المجال لهؤلاء الوافدين من خارج حدود الجزائر بمبالغ مالية خيالية، بينما بقي الفنان الجزائري يعض أصابعه من الغيض لأن أمواله وضعت في شيكات وأدخلت في حسابات نظيره دون وجه حق، والسؤال المطروح ما الغرض الذي ترمي إليه الهيئة المسؤولة التي تواصل مسلسل استراد فنانين من البقاع العربية، حيث أضحت الجزائر بالنسبة لهؤلاء بقرة الحلوب تمدهم بالمال والشهرة التي ضاعت منهم في بلدهم الأصلي. وماذا عن القناة الثانية؟ ** هنا مربط الفرس، لم يعد لدي مكان في تلك القناة، في ظل تعدد اللهجات الامازيغية التي تبث بها هذه القناة الوحيدة على مستوى المركزي، وهذا المشكل يمس كل الفنانين الأمازيغيين من الشلحية إلى الميزابية إلى الشنوية والشاوية والترقية والقبائلية. وأرجوألا يفهم كلامي تعصبا للقبائلية لانني اقصد من هذا الكلام أن الفنانين الناطقين بالأمازيغية على تنوع ألسنتهم لم تعط لهم الفرصة الكاملة لتقديم أعمالهم على أكمل وجه، وفينا من لم يسمع صوته فيها لأيام وربما لاشهر وهذا ما يعيق عملية التواصل بيننننا وبين المتلقي. أين الحل في رأيك؟ ** أقترح إنشاء قناة مركزية في العاصمة إضافة إلى قناة إذاعة محلية جهوية لكل منطقة الناطقة بالأمازيغية حتى يتسنى لأمازيغ الجزائر الاستفادة بشكل جيد. لوطلب منك تغير طابعك الغنائي ماذا تقول؟ ** ما يجب أن يعرفه الجمهور أنني تمكنت من خلق طابع ولون غنائي لم يكن من قبل وهذا الطابع يميزوني عن غيري من الفنانين، وأظنه إضافة نوعية إلى الرصيد الفن القبائلي خاصة والجزائري عامة، وإن جعلوا كل الطبوع العالمية في كفة وهذا الطابع الذي أنا بصدد ابتكاره في كفة لرجحت الكفة الأخيرة عن الأولى. كيف توصلت لابتكار هذا الطابع؟ ** قمت بتحويل نغم وإيقاع الزرنة القبائلية التي تتم بواسطة خشبات تضرب على الطبل إلى رتم يتم عن طريق آلات موسيقية حديثة، فحصل تناغم وانسجام بيم الألتين فكان هذا الطابع الذي أعتز به كثيرا. ما رأيك في الفنانين الذين يعلنون اعتزالهم ثم لا يلبثوا أن يعودوا إلى قاطرة الفن؟ ** أنا لا ألوم ذلك الذي أعلن اعتزاله ثم عاد إلى نشاطه الفني، فالاعتزال قد يكون لأسباب مرضية أومادية أومعنوية، أوأن يكون المعتزل ينوي أن يصبح إمام مسجد. لنعود إلى بداية مسيرتك الفنية هل وجدت إعتراضا من الوسط العائلي؟ ** أولا دعيني أقول لك أن زوجتي كانت تلميذة عندي، فهي تحترم رغباتي وتشاركني أحاسيسي، نفس الشيء لقيته من الوالديبن الكريمين ، لكن هذا لم يمنع تعرضس لبعض الانتقادات من قبل لهل الدشرة. هل سبق وأن تعاملت مع فنانين أخرين في مجال التلحين اوكتابة الكلمات؟ ** تعاملت مع الكثير من الفنانين منهم : المطربة وردية والفنان مزيان إيزوران واخرين من هوالفنان الذي كان قدوتا لك خلال مسيرتك الفنية؟ ** القائمة طويلة أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر المطرب لونيس أيت منقلات، طالب رابح، معطوب لوناس، سليمان عازم، شريف خدام... إلى جانب عملك الفني ما هي النشاطات التي تستهويك؟ ** أهوى ممارسة الرياضة، وأعشق فريق شبيبة القبائل، لأنني كنت لاعب كرة، إضافة إلى ميولي للكتابة وحاليا أنا بصدد كتابة سيناريولفيلم وهي قصة مأخوذة من الواقع المعاش، سأختار أبطاله شخوص لم يسبق لها وأن مارست أي عمل تلفزيوني حتى أعطى لهذه القصة طابعها المميز. متى سيكون هذا العمل جاهزا؟ ** هذا الفيلم يحتاج إلى ميزانية ضخمة وإلى عمل جبار، ويحتاج إلى يد فنية كبيرة وتقنية عالية تعمل على إعداد وتكوين المرشحين لتجسيد أدوار الفيلم.وبالتالي فساخذ كل وقتي ليكون العمل متميز ويرقى إلى المستوى الذي اطمح إليه . حول ماذا تدور أحداث القصة؟ ** لنترك هذا الأمر أوانه. ختاما للقاء ماذا يمكن أن تقول؟ ** اشكر جريدة الحوار وطاقمها الإداري والصحفي والتقني الذين أتاحوا لي فرصة التواصل مع جمهوري الذي أكن له كل الاحترام والتقدير فقد كان هذا اللقاء فرصة لأعبر عما يختلج به صدري فشكرا مرة ثانية.