بنفس المشاكل ونفس المطالب تحيي المرأة الجزائرية عيدها العالمي وككل سنة تنظر بعين إلى ما خلفته وراءها من إنجازات وبأخرى إلى الأمام، متطلعة للوصول إلى ما لم تتمكن من تحقيقه طيلة السنة والسنين الماضية. لازالت المرأة الجزائرية بعد مرور 48 سنة من حصولها على الاستقلال تطالب بحقها في المواطنة الكاملة، مواطنة تتضمن حقها في الصحة والتعليم والمشاركة السياسية الفعالة جنبا إلى جنب مع الرجل مثلما كان حالها قبل تقريبا نصف قرن من الزمن، حيث لم يرفض الرجل أن تشاركه المرأة مهمته الصعبة في افتكاك حرية الوطن، حيث تعبر العديد من الناشطات في الحركة الجمعوية النسوية الجزائرية عن رغبتهن في تجسيد القوانين التي كرست حقوقهن في الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر، معتبرات أنهن مواطنات منقوصات المواطنة طالما أنهن غير حاصلات على كامل حقوقهن حسبما يخوله القانون. تقيم دول المعمورة مع كل بداية شهر مارس وضعية المرأة في كل واحدة من هذه الدول، وتتسابق مراكز البحوث والدراسات إلى إصدار التقارير النهائية عنها، ففي كل سنة تظهر مؤشرات تعكس واقعا مأساويا في غالب الأحيان، حصيلة كبيرة وسلبية على جميع المستويات، تزايد في عدد النساء المعنفات، المغتصبات، المقتولات، المجرمات والجانيات، المهربات، المصابات بالأمراض المزمنة وأمراض العصر من إيدز وسرطان وحتى من المنتحرات. وتكون الأرقام عموما غير عاكسة للحقيقة باعتبار أن ما يخفى عن صفحات تلك التقارير أعظم من ذلك بكثير.لكن وإلى جانب كل هذه الوقائع السلبية تظهر بعض النتائج الإيجابية التي تمكنت المرأة من الظفر بها من خلال نضالها المستمر، فكان لها أن تفتك وتتبوأ مناصب كانت وإلى وقت غير بعيد بالجزائر حكرا على الرجل، كالقضاء والأمن مثلا، فإجمالي عونات الأمن الجزائريات يقدر ب 6049، بينما تحصي الجزائر عموما 8202 شرطية، وتشكل النساء قرابة ال 7 بالمائة من العدد الإجمالي للمنتسبين لجهاز الشرطة والمقدر عددهم ب 160 ألف عون، كما أن خمسة من هؤلاء الشرطيات تقلدن رتبة عميد أول وهي أعلى رتبة في سلك الشرطة، بالإضافة إلى 14 عميدة شرطة، 97 محافظة شرطة و580 ضابطة شرطة. وتنخرط النساء الجزائريات في جميع تخصصات سلاح الشرطة، حتى تلك التي كانت بالأمس القريب حكرا على الرجال، وآخر تخصص فتح أبوابه أمامهن ''حفظ النظام العام ومكافحة الشغب والتدخل السريع''، حيث باشرت شرطيات هذا التخصص مهامهن مع بداية أكتوبر من العام المنصرم، بعد أن خضعن لأول مرة في تاريخ التكوين في الشرطة الجزائرية لتكوين وصف ب''الرجل القاسي''، حيث تدربن على سبل مواجهة الأخطار والطوارئ، وكيفية تطويق مكامن الخطر. وتقف اليوم شرطيات هذا التخصص في الحواجز الأمنية لمواجهة مختلف الجرائم التي ترتكب من قبل الأيادي الناعمة، وهي ظاهرة تعرف تزايدا كبيرا في البلاد خلال السنوات الأخيرة، حسبما أعلن عنه مسؤولو الأمن. أما بالنسبة للقضاء تعد الجزائريات من أبرز النساء الممارسات لمهنة القضاء في البلاد العربية، فمن جهة تشكلن أزيد من ثلث عدد القضاة، ومن جهة أخرى تتقلدن أعلى مناصب المسؤولية في قطاع العدالة والمسؤوليات الممارسة في الجهات الفضائية، فكقاءة القاضيات فرضتهن وجعلتهن تعين رئيسات محاكم ومجالس قضائية. ... و''المرأة في اتصال'' تطالب بترسيخ حق المرأة في المواطنة طالبت مجموعة من النساء في ملتقى شاركت فيه حقوقيات وإعلاميات ونقابيات، نظمته جمعية ''المرأة في اتصال'' بتمويل من السفارة الهولندية بالجزائر يوم 19 فيفري ,2010 بتجسيد القوانين الموضوعة لصالح المرأة. وتركزت أغلب التدخلات على الحقوق السياسية للمرأة، خاصة وأن التعديل الرئاسي للدستور في نوفمبر 2008 من خلال المادة 31 مكرر كرس الحقوق السياسية للمرأة ونص على توسيع مشاركتها في المجالس المنتخبة وتوسيع تمثيلها السياسي. لكن هذا برأي الكثيرات لا يعني نسيان الحقوق الاجتماعية، فهي بالنسبة لشريحة كبيرة في المجتمع الأولوية الأولى. وأجمعت الحاضرات على أن تحقيق القيادة ليس مهمة مستحيلة في مجتمع ذكوري مثل المجتمع الجزائري. كما اتفقت المشاركات والمشاركين في الملتقى على مقترحات عرضت خلال النقاش وتتمثل في الدعوة إلى التصويت على الاتفاقيات والبرتوكولات العالمية الخاصة بحقوق المرأة بتحفظات معقولة، فضلا على ضرورة مسايرة القوانين الداخلية لهاته المواثيق والمعاهدات، والدعوة إلى تدريس قانون الأسرة وحقوق الإنسان في المنظومة التربوية الجزائرية.