تعد صناعة الفخار والخزف بولاية بسكرة، من المهن الحرفية التي تعرف تطورا مستمرا بفضل الحضارات المتعاقبة.. وفي مدينة القنطرة بالتحديد فرض هذا النشاط الإنساني القديم وجوده بقوة، من خلال المؤسسة البلدية للصناعة التقليدية منذ سنة 1976، حيث حظيت هذه الأخيرة مؤخرا في إطار الاحتفاء باليوم الوطني للصناعة التقليدية بزيارة وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية، مصطفى بن بادة، فكان ذلك فرصة لمسيرها لطرح الانشغالات التي باتت تؤثر على مردوديتها وتهدد بقاءها. تعاني هذه المؤسسة التي تحافظ على إحدى أقدم الحرف ببسكرة، من جملة من الصعوبات التي تعد مالية بالدرجة الأولى، مما جعلها على شفا حفرة من الخوصصة. وخلال زيارة ميدانية للمؤسسة عرض مسيرها، السيد كمال حفناوي، أهم العقبات التي تهدد استمرار نشاطها، ليؤكد بداية أن المؤسسة بحاجة إلى قيمة مالية تتراوح بين 500 و800 مليون سنتيم لتجديدها، إذ يلزمها قبل كل شيء تجديد عتادها الذي يتميز بقدمه، مما يتطلب تكرار عمليات الصيانة في كل مرة. وأضاف أن هذا العامل يؤثر على مردودية العمال التي قلت بنسبة ملحوظة. في حين تهدف المؤسسة البلدية للصناعة التقليدية بالقنطرة، والتي تشكو من ديون بلغت قيمتها مليوني دج إلى رفع نسبة الإنتاج بغية تغطية المصاريف المكلفة، والتي تسبب لها عجزا يتراوح بين 15 و20 بالمئة. وينتظر في الوقت الراهن أن تصبح هذه المؤسسة تابعة لغرفة الصناعة التقليدية والحرف لبسكرة حتى لا تضيع ولا يكون مصيرها الخوصصة. وتتوقف هذه العملية، استنادا إلى تصريحات رئيس الغرفة المذكورة آنفا، السيد إسماعيل رمضاني، على الحصول على الموافقة من طرف مؤسسة تسيير الشركات، التي وصلت عملية التفاوض معها بهذا الشأن إلى المرحلة الأخيرة. غير أن ضم هذه المؤسسة إلى غرفة الصناعة التقليدية والحرف لا ينفي كون هذه الأخيرة غير قادرة حاليا على المتطلبات المالية الكفيلة بتجديدها، يؤكد نفس المصدر. وبخصوص تسويق منتجات هذه المؤسسة، أكد المسير كمال حفناوي، أنه يعتمد على زبائن يتعاملون مع المؤسسة وعلى نقاط بيع مخصصة للمارة. مبرزا في ذات السياق أن منافسة الفخار والخزف الأجنبيين لا يهددان منتجات المؤسسة البلدية للصناعة التقليدية بالقنطرة، بدليل أن الطلب يفوق العرض، باعتبار أن الناس الذين لديهم معرفة بنوعية الفخار والخزف الجيد، يفرقون بين المنتوج المحلي والأجنبي.. وعلى هذا الأساس يفضل الأجانب اقتناءها من المؤسسة. ومن باب فتح آفاق أخرى لفن الفخار والخزف، شاركت المؤسسة البلدية للصناعة التقليدية في عدة صالونات عربية ودولية، سجلت من خلالها إقبالا معتبرا على منتجاتها.. الأمر الذي سمح - حسب مسؤول المؤسسة - بخوض تجربة شراكة مع متعاملين يتعاملون مع المؤسسة البلدية للصناعة التقليدية، لينقلوا المنتوج إلى الخارج ويتكفلوا ببيعه، حيث تمت الخطوة الأولى في هذا المجال من خلال عرض عينات من المنتجات بالخارج. للعلم، تأسست المؤسسة البلدية للصناعة التقليدية بالقنطرة سنة 1976، وهي تابعة حاليا لمؤسسة تسيير الشركات، تضم فريقا يتكون من 28 عاملا. وتتحصل هذه المؤسسة على المادة الأولية (الطين) من تيمقاد ومشونش، في حين يتكون عتادها من خمسة أفران، إضافة إلى آلات الخراطة، التي يسفر العمل بواسطتها عن إنتاج تحف فنية تتحد فيها اللمسات البربرية بتأثير الثقافة العربية الإسلامية والشرقية مع اللمسات التركية، فهي في النهاية إبداع في قوالب ثقافية مختلفة. أعمال فن الفخار والخزف بهذه المؤسسة، عبارة عن قطع مختلفة الأحجام، منها التقليدية ومنها تلك التي تحاول التوفيق بين الأصالة والمعاصرة، فهي في مجملها تحف فنية تشبثت بالماضي لتحكي عن الحاضر بلغة الطين والريشة.