لا تزال العديد من العائلات تتجرع مرارة السكنات القصديرية التي لا تقي لا من البرد ولا من الحر، خاصة وأن العاصفة تعصف بها في أية لحظة ودون سابق إنذار، الأمر الذي أدى بمختلف العائلات التي تقطن في مثل هذه السكنات إلى ترميم ما يمكن ترميمه أمام تخلف الوعود التي صدرت من طرف السلطات المحلية وبقيت حبرا على ورق، دون اكتراث بالسكان الذين ملوا هذه الحياة، واصفين إياها بالحياة البائسة رغم أنها لا تبعد عن قلب العاصمة إلا بكيلومترات معدودة. وما يشد الانتباه أن البيوت القصديرية باتت منتشرة على مستوى العاصمة ومن بين أهم هذه البيوت تلك المتواجدة بغابة ''المرأة المتوحشة'' التابعة إقليميا لبلدية المدنية، حيث بات الخوف والهلع رفيقا السكان الذين طالبوا السلطات المحلية بانتشالهم من جحيم المعاناة التي زادت حدة مع تعاقب الزمن من جهة وقسوة الطبيعة من جهة أخرى. استياء كبير وسط سكان غابة ''المرأة المتوحشة'' أبدى السكان المتضررون عند استقبالهم ليومية ''الحوار''، تذمرهم واستياءهم جراء الوضعية التي يتخبطون فيها وسط المخاطر التي تعصف بهم يمينا وشمالا، وما زاد من امتعاضهم تجاهل السلطات المحلية والولائية لوضعيتهم وعدم مبالاتهم بحجم المعاناة وشبح الموت الذي يهددهم، كما أكدوا أنهم ضاقوا ذرعا بالظروف المحيطة بهم، مؤكدين في السياق ذاته أن الحياة بالشارع أفضل من الحياة بتلك البيوت، خاصة وأن سكناتهم في تدهور مستمر والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم نتيجة تصدع الأسقف والجدران المتمثلة في الصفائح، معربين عن استيائهم أيضا من تماطل السلطات المعنية في دراسة ملفات السكن المودعة منذ سنوات خلت بذات البلدية والتي، حسبهم بقيت حبيسة الأدراج دون النظر فيها لحد الساعة. وأضاف هؤلاء الذين رفعوا صرختهم عبر يومية ''الحوار'' إلى السلطات المعنية، أنه لم يعد بإمكانهم تحمل تلك المعاناة والخوف الذي نغّص عليهم نومهم وراحتهم، وما زاد من تأزم ظروف العيش فترات تساقط الأمطار، مما ينجر عنها تسرب المياه إلى داخل البيوت التي ألحقت بهم أضرارا بليغة، ناهيك عن ارتفاع نسبة الرطوبة التي أدت إلى إصابة بعض السكان بالحساسية وضيق التنفس والربو وغيرها من الأمراض المزمنة والمستعصية، التي أصبحت هاجس هؤلاء طالما أنهم لا يزالون مقيمين بمثل هذه البيوت التي تفتقر لأدنى متطلبات الحياة الكريمة، ناهيك عن مشكل اهتراء الطرق الذي بات هو الآخر من بين أكثر المشاكل التي تقف عقبة في وجه السكان المقيمين بغابة ''المرأة المتوحشة'' الذين باتوا يركنون سياراتهم بالأحياء المجاورة خوفا من الأعطاب التي مست مختلف السيارات، ويزيد هذا المشكل تأزما خلال فصل الشتاء حيث يتحول هذا الأخير إلى مساحة خاصة بالأوحال تغرق السكان من جهة وتعرضهم للانزلاقات من جهة أخرى، الأمر الذي عشناه ونحن متوجهين إلى ''غابة المرأة المتوحشة''. عائلة أوزرار تستقبل ''الحوار'' في ظروف صعبة أعربت عائلة أوزرار عن امتعاضها بسبب الوضعية التي باتت تتخبط فيها حيث باتت الحياة صعبة داخل الكوخ الذي يفتقر لأدنى ضروريات العيش الكريم لاسيما بعدما باتت الأمراض عدوها اللدود، حيث أكد رب العائلة أن مرض الربو بات يعرف طريقه نحو البيوت القصديرية دون أن يدله أحد حيث بات تحول أطفاله إلى أشخاص مصابين بهذا المرض الذي يزيد حدة كلما حل فصل الشتاء. وما زاد من استياء هذه العائلة هو مرور سبع سنوات على تواجدهم بهذا الكوخ ولكن لا وجود لسائل يسأل عنهم أو يواسيهم دون البحث على من يخرجهم من تلك الحياة البائسة، مؤكدين في السياق ذاته أنه حلم يطول الوصول إليه. وما زاد من استياء هذه العائلة افتقارهم للغاز الطبيعي، الأمر الذي يؤدي بهم إلى اقتناء قارورات غاز ''البوتان'' وسط المسالك الصعبة للطريق المؤدي إلى بيتهم، إضافة إلى انعدام الماء والكهرباء التي يدفعون ثمنها مقابل استهلاكها من طرف بعض السكان الذين لا يضيعون مثل هذه الفرص. من ناحية أخرى تساءلت ربة عائلة أوزرار متأسفة في نفس الوقت عن المانع من تواجدها بمسكن لائق بدل الجحر الذي تعيش به، خاصة وأنها ابنة شهيد ومن حقها الظفر ببيت لائق يكفيها وعائلتها التي تدفع ثمن الضيق الذي بات عدو كل المواطنين، آملين في مستقبل أكثر تطلعا من الحياة القاسية التي تعصف بهم، مطالبة من جهة أخرى بالتدخل العاجل من طرف السلطة الوصية من أجل الحد من تلك المعاناة لحين ترحيلهم. سيناريو معاناة ''الشتاء'' لا يقل خطورة عن سيناريو ''الصيف'' من جهته رب عائلة أوزرار أكد تكرار معاناة الشتاء خلال فصل الصيف، حيث تنتشر الأوساخ والروائح الكريهة، مما ينجر عنها جذب كل أنواع الحشرات الضارة كالبعوض، في حين وجدت الجرذان ممرات خاصة بها، الأمر الذي أرهق هذه العائلة وحول حياتها إلى جحيم، مؤكدا في ذات السياق أن طبيعة المكان باتت تشكل خطرا حقيقيا على صحتهم ونفسيتهم. وبلهجة استنكار يتأسف رب العائلة من سياسة اللامبالاة والتهميش التي تنتهجها السلطات المحلية ضدهم، والتي ضربت بانشغالاتهم عرض الحائط، مؤكدين أن هذه الأخيرة لم تقدم لهم سوى شعارات ووعود زائفة لا أساس لها من الصحة رغم أنهم أبناء بلدية المدنية أبا عن جد وليسوا من الوافدين الجدد عليها الذين فروا من بطش الإرهاب، مطالبا بسكن لائق، خاصة وأنه من حقه العيش داخل بيوت لا تفتقر للضروريات مثلما الحال عليه داخل بيته الصغير. أمام الظروف القاسية التي تتخبط فيها عائلة أوزرار، فضل رب العائلة رفع انشغاله من خلال يومية ''الحوار''، عساه يجد آذانا صاغية تخرجهم من المعاناة التي يتخبطون فيها.