لا تزال العديد من العائلات تتجرع مرارة العيش في السكنات الهشة والآيلة للسقوط في أية لحظة ودون سابق إنذار، بعدما لم يبق أمام العائلات التي تقطن بمثل هذه السكنات سوى ترميم ما يمكن ترميمه أمام تخلف الوعود الصادرة عن السلطات المحلية والتي بقيت مجرد حبر على ورق، في الوقت الذي مل فيه السكان تلك الحياة واصفين إياها بالبائسة رغم أن تجمعهم السكني لا يبعد عن قلب العاصمة سوى بكيلومترات معدودة. وما يشد مؤخرا أن تلك البيوت الهشة باتت منتشرة على مستوى كامل بلديات العاصمة ومن بين أهم هذه البنايات تلك المتواجدة بحي ''النخيل'' التابع إقليميا لبلدية باش جراح الواقعة شرق العاصمة، حيث بات الخوف والهلع رفيقين دائمين للسكان الذين لا زالوا يلحون على السلطات المحلية انتشالهم من جحيم المعاناة التي زادت حدة مع تعاقب الزمن من جهة وقسوة الطبيعة من جهة أخرى، خاصة مع تزايد تساقط الأمطار ورداءة الطقس الذي تشهده العاصمة منذ أسابيع. السكان يشتكون .. ووعود السلطات المحلية حبيسة الأدراج أبدى عدد كبير من سكان حي ''النخيل'' خلال اتصالهم ب''الحوار''، تذمرهم واستياءهم من الوضعية التي يتخبطون فيها وسط المخاطر التي تعصف بهم يمينا وشمالا، وما زاد من امتعاضهم هو تجاهل السلطات المحلية والولائية لوضعيتهم وعدم مبالاتهم بحجم المعاناة وشبح الموت الذي يهددهم، كما أكدوا أنهم ضاقوا ذرعا بالظروف المحيطة بهم، مؤكدين في السياق ذاته أن الحياة بالشارع أفضل من الحياة بمثل تلك السكنات، خاصة وأنها في تدهور مستمر والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم نتيجة تصدع الأسقف والجدران المتمثلة في الصفائح، معربين عن استيائهم أيضا من تماطل السلطات المعنية في دراسة ملفات السكن المودعة منذ سنوات خلت بذات البلدية والتي - حسبهم - بقيت حبيسة الأدراج دون النظر فيها لحد الساعة. حي ''النخيل'' يغرق في الأوحال مع كثرة تساقط الأمطار وأضاف هؤلاء الذين رفعوا صرختهم عبر ''الحوار'' إلى السلطات المعنية، أنه لم يعد بإمكانهم تحمل تلك المعاناة والخوف الذي نغص عليهم نومهم وراحتهم، وما زاد من تأزم ظروف عيشهم، هي فترات تساقط الأمطار، وما ينجر عنها من تسرب للمياه إلى داخل البيوت التي ألحقت بهم أضرارا بليغة، ناهيك عن ارتفاع نسبة الرطوبة التي أدت إلى إصابة بعض السكان بالحساسية وضيق التنفس والربو وغيرها من الأمراض المزمنة والمستعصية التي أصبحت هاجس هؤلاء طالما أنهم لايزالون مقيمين بأقبية وسكنات العمارات الآيلة للسقوط. السكان اشتكوا أيضا من مشكل اهتراء الطرقات الذي بات هو الآخر من بين أكثر المشاكل التي تقف عقبة في وجه السكان المقيمين بحي ''النخيل'' الذين باتوا يركنون سياراتهم بالأحياء المجاورة خوفا من الأعطاب التي قد تمس سياراتهم، ويزيد هذا المشكل تأزما خلال فصل الشتاء، أين يتحول هذا الأخير إلى مساحة خاصة بالأوحال تغرق السكان من جهة وتعرضهم للانزلاقات من جهة أخرى، فغالبا ما ينسى المواطن أن هذا الحي بقلب بلدية تجارية ومقصد مختلف سكان البلديات الأخرى، مما يزيد من استيائهم الشديد وتذمرهم الكبير، آملين في حدوث معجزة تخرجهم من تلك الحياة اليائسة. نفس سيناريو المعاناة يتكرر في الصيف أكد السكان أن نفس سيناريو المعاناة يعيشونه خلال فصل الصيف، حيث تنتشر الأوساخ والروائح الكريهة التي ينجر عنها جذب كل أنواع الحشرات الضارة كالبعوض، في حين وجدت الجرذان ممرات خاصة بها، الأمر الذي أرق هؤلاء المتضررين وحول حياتهم إلى جحيم، مؤكدين في ذات السياق أن طبيعة المكان باتت تشكل خطرا حقيقيا على صحتهم ونفسيتهم. السكان يعيشون على أمل ترحيلهم إلى سكنات لائقة وبلهجة استنكار تأسف بعض المواطنين من سياسة اللامبالاة والتهميش التي تنتهجها السلطات المحلية ضدهم والتي ضربت بانشغالاتهم عرض الحائط، مؤكدين أن هذه الأخيرة لم تقدم لهم سوى شعارات ووعود زائفة لا أساس لها من الصحة ''رغم أنهم أبناء العاصمة أبا عن جد وليسوا من الوافدين الجدد عليها الذين فروا من بطش الإرهاب''، مطالبين بسكنات لائقة، خاصة وأنه من حقهم العيش داخل بيوت لا تفتقر للضروريات مثلما هو الحال الذي يعيشونه منتظرين لحظة الفرج في أية لحظة. وأمام الظروف القاسية التي يتخبط فيها سكان حي ''النخيل''، فإن تدخل رئيس بلدية باش جراح بات أكثر من ضروري لإخراج العائلات المتضررة من التشرد والضياع.