إذا زعمت أنني على ذُكر كنت بيقين ساذجا، وعند الآخرين خائنا. إنكِ في نفسي ولي شبهٌ بك أستبطن أشجانكِ، أفراحك، وأحلامكِ حين أحدث النفس عنكِ ليس لي إلا أن أسبر أغواري التي هي أغواركِ، فأنت وأنا لا أُرانا في الحقيقة إلا واحدا. فلن تتلاشيْ إلا إذا عُدم وجودي. أو بالأحرى ما أنا إلا أبدٌ سرمدٌ إذ أنت عدمٌ. سنزول يوما، ولكن أحلامنا ستظل حقيقة نُبعث من جديد. في ذلك العالم الطاهر النقي الذي أمَّلْناه معا، عالم يكون فيه اسمكِ على لساني ولسانِك كالحجل. كم من ضحايا مثلَنا غادرت هذا العالم وكلٌّ يحمل معه مأساته عبر القرون، والفرق ربما في أنك لا تعين، ولكني أعلم أن ذاكرتكِ تعبّر عن ذلك بصيغ متباينة كثيرة. نستخلص في كل يوم بل في كل لحظة نظرتكِ التي تعكس في مرآتها الجوْرَ الفظيع الذي صُب على رجال ونساء. هذا الجور الذي يسكننا ويحتوينا قد عمم الندوب في ثورة تراكمت فيها طاقات كل الآمال، إنها تقوينا وهي تروم إضعافنا ما بقي هؤلاء الجائرون بين ظهرانينا وسيبقون. إنك تشوفت فيّ ذاك الرجل الفائق أقرانه كما يعبر عنه بالقبائلية (وين ييفن ثيزييوينيس)، ف(ثيزييوينيس) مفهوم مرن يتناسب مع السن، وغيابك ربما من محاسن الأقدار لأنك لن تفهمي عني قولي أن لا سن لي، وستأسفين بالتأكيد لأنني لن ألبي لك آمالك الطيّعة الراهنة. وستفهمين ربما أنني معتوه بلغة الأمهات اللواتي يخاطبن (ثيزييوين) بقولهن أننا في زمان غير زمانكم. الزمن، هذا المفهوم الدال على حركة الأشياء، عدو الشهوات والرغائب، ولكنه صديق ل ثيزييوين لأن كل الحركات لها طابع متميز، إذن فلها شاهد من تاريخ مليء بالمآسي، والتي نقرنها خطأ بالقوى الخارقة لا لشيء إلا لتزييفها أو محوها. إذا أنا سألتُ عن إمكانية تزييف أو محو الأحداث كنت تافها! فذاكرتنا الجماعية المروعة لا يسكّنها إلا العودة بها إلى عز المأساة. وإذا نحن عدنا فلكي نضع فقط المسؤوليات في أماكنها، وأنا أعلم أنك ستوافقينني إذا تحمّل هؤلاء ما ارتكبوه وعزموا بصدق على الاعتراف بجرائمهم واضطهادهم، كرجال متحضرين ليتبنوا ضرورة مطالبنا الرئيسية حتى يضمنوا سلما دائما معنا أولا، ونفتح أيدينا لاحتضان من هم بحاجة إلينا. اضطجعي في سلام في انتظار البعث يا حديقتي الجميلة وحلمي الأبدي المتضوعة بعطور الحب السرمدي فالنبات الزهي يزهر في تمادي وهذا الدُّبال يخصب النوادي الطيور البريئة الساذجة تجد الكُوى والمآوي في هدوء لا يعكر صفوة نابح ولا عاوي مجال واسع غني مختلف المعالم والألوان فذوق الروعة عطل الوقت والزمان إذ لا شيء صواب ولا من الخطأ في أمان حديقتي الجميلة الهاربة من الحروب الأربع تفيء إلى نفسها بعدما كابدت من الهلع تحت أشعة شمس ذوبت مرارة الزمان حديقتي الجميلة يا حياة كان فيها ما كان أنشأت بإتقان عربة تحرث الأوطان أرادها قبلي ناس بكل صدق وإيمان فكانوا على يقين من شرور الأزمان رجال جابهوا كبرياءها فمنوا بالخذلان حديقة حققت شعاران مجموعة في الحب والعدالة والحرية. بلغت فيها كلها منتهى النضج والتمام