أصبح لا يمكن تشبيههما إلا بأوتار القيثارة للمعزوفات الموسيقية الهادئة، التي تساعد على الخلود إلى النوم وهناك من الموسيقى حتى ما تساعد في التقليل من الآلام، وهذا ما أكدته العديد من الدراسات العلمية بخصوص الموسيقى وفوائدها الجسمانية الأخرى والذهنية غير الرقص. وبذلك أصبحت وفي كل الأحوال حالة هادفة بل ومفيدة خارج إطارها قد يلجأ إليها البعض، وذلك هو حال بعض الحركات السياسية ''السيمفونية''، والسيمفونية هي مؤلف موسيقي يتكون من عدة حركات موسيقية طبعا، وللتشابه الكبير الذي أصبح موجودا أو الذي وجدناه بين الحركات السياسية هذه والحركات الموسيقية ، لا يمكن إلا أن نصنفها في صنف'' الظواهر'' السلبية خارج إطارها طبعا. إن المتابع لوتر زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي السوداني وخلافاته المستمرة مع النظام وعمليات اعتقاله وإخلاء سبيله المستمر، ليفتح الشهية لدى الكثير من الناس الباحثين عن جلب الأضواء والدخول في هكذا معارك لا منتصر فيها ولا خاسر، غير ذلك الذي يعاني الحرمان والقهر جراء هذه الحروب الهامشية التي لا معنى لها، فإذا اعتقل حسن الترابي اليوم نهارا، انتظر إطلاق سراحه ليلا أو غدا كأقصى حد ، على خلفية ''الخزعبلات'' أو لنقل بعض التصريحات التي يراها البعض نارية والاتهامات للحاكم ، وحال الزعيم الترابي لا يختلف عن حال رجال يشبهونه في كثير من الدول العربية. ولم يقتصر الأمر على هؤلاء، بل هناك حالات مشابهة أخرى أصبحت شاذة في جمهورية مصر صاحبة أطول تاريخ في المطاردات المستمرة، وصانعة الحركات السياسية السيمفونية، ومنها حركات إخوان مصر التي دخلت هي أيضا في حروب هامشية، السلاح المستعمل فيها الكلام والتصريحات النارية في ظاهرها، تتخللها حملة الاعتقالات وتمثيل المطاردات، تنتهي في أقسام التحقيق والهبوط الاضطراري الشبيه بالتزود بالوقود لدى الطائرات، وان كان هذا الأخير غير مخطط له، وبعدها الإقلاع لمواصلة الرحلة . خلاصة القول وباختصار شديد هو أن كل هذا الخلاف الظاهري ما هو في حقيقته إلا تجاذب رومانسي بين هذه الأطراف أو لنقل شخوص ''الرواية الهزلية'' الواضحة الغرض منها الترويح عن النفس من جهة، واستعراض للعضلات وذلك من خلال سلوكيات تعامل النظام مع المعارضة وحاله يقول لو لم تكن موجودة لأوجدتها، وكذا آليات المعارضة في تغيير الواقع الذي تراه فاسدا، وهذا ما لم نجده أو نلتمسه فيها كمعارضة غير عمليات الكر والفر، الشبيهة بمطاردة القط للفأر، ويبقى الأمر محيرا ومستمرا.