وضع الوزير الأول السيد أحمد أويحيى خلال تدشينه للطبعة ال 43 لمعرض الجزائر الدولي، النقاط على الحروف من خلال عبارة أطلقها هي أبلغ من أي حديث أخر. لقد قال الوزير الأول ''لا نعتزم استيراد ما قيمته 286 مليار دولار بل نريد تطوير آلتنا الاقتصادية''، في إشارته إلى برنامج الخماسي 2010 و2014 الذي رصدت له ميزانية ضخمة تسيل لعاب المستثمرين والطفيليين و'' البزناسية '' على حد سواء. هذه الرصاصة التي أطلقها أويحيى في معرض الجزائر الدولي الذي حضرته 850 مؤسسة وطنية وأجنبية، تعني أن سنوات اقتصاد '' البازار '' الذي دخلت فيه الجزائر غداة تحرير التجارة الخارجية في سنوات منتصف التسعينات، لن تعود ولا محل لها في أجندة السلطات العمومية مستقبلا. كلام أويحيى يضع خطا أحمرا كبيرا على ممارسات عششت طيلة سنوات في السوق الوطنية التي تحولت في ظل انشغال أجهزة الدولة بمهمة محاربة الإرهاب وتمتين ركائز مؤسسات الجمهورية، بانتشار فطريات سامة تدعى '' الاستثمار '' ولكنها تعيش مثل '' الڤرادة '' تمتص في الدعم المالي الذي كانت تخصصه الخزينة العمومية، دون أن تقدم أي مقابل لذلك سواء في مجال التنمية أو محاربة البطالة أو المساهمة في النمو الاقتصادي. لقد قام هؤلاء الطفيليون أو بالأحرى ''المستثمرون المزيفون ''، بجعل الموانئ الجزائرية '' مشرعة '' لاستقبال ما يستوردونه من أنواع النفايات و '' الخردة '' دون أدنى وازع أخلاقي ودون مراعاة على الأقل المصلحة الوطنية وكأن الجزائر بلاد ''البايلك ''. وتكون الرصاصة التي أطلقها أويحيى ضد كل من تسول له نفسه '' البزنسة '' بأموال المخطط الخماسي ( 285 مليار دولار ) على علاقة بإنشاء منتدى جديد لرجال الأعمال، الذي أشرف عليه وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بلخادم، وذلك قصد '' تطهير '' قطاع المقاولين والمستثمرين الحقيقيين من الدخلاء و'' الطرابنديست '' الذين أساؤوا للمهنة عندما كانت الدولة منشغلة بأمور أخرى. وعندما يقول الوزير الأول أن الجزائر التي تعتبر سوقا واعدة '' هي أساسا دولة تريد تطوير اقتصادها''، فهو تحذير شديد اللهجة للذين كانوا يصطادون الصفقات في المياه العكرة، ومن ثم فقد أعذر من أنذر، لأن للدولة يدا طويلة، وكم من إمبراطورية مالية بنيت في ظرف قياسي وسقطت مثلما صعدت في ظرف قياسي.