لقي أمس 43 شخصا حتفهم وأصيب 45 آخرون بجروح خطيرة جراء الانفجار الانتحاري الذي استهدف المدرسة العليا للدرك الوطني بمدينة يسر شرق عاصمة الولاية بومرداس. كانت الساعة تشير إلى حوالي السابعة والنصف صباحا حينما دوى انفجار قوي هز مدرسة الدرك الوطني بيسر مستهدفا الطلبة المترشحين لاختبار مسابقة الالتحاق بالمدرسة، محولا معظمهم إلى جثث متطايرة أشلاؤها في كل مكان، قاطعا بذلك أحلامهم التي رسموها منذ أمد بعيد بحيث توجهت سيارة من نوع طويوطا هيلوكس نحو طابور الطلبة الذين كانوا ينتظرون الدخول إلى المدرسة لإجراء المسابقة. الدمار والخراب يرسم خيوطه على المدينة انتقلنا إلى موقع الحادث هالنا منظر الدمار والخراب الذي طال المنطقة فالأشلاء متطايرة في كل مكان، بقايا الملابس والأحذية منتشرة بالقرب من موقع المدرسة، الأمر كان مروعا حقا، فعلى بعد أيام قليلة من شهر رمضان المعظم ترتكب مجزرة يروح ضحيتها أبرياء عزل قطعوا مئات الكيلومترات، جاهلين أنهم يتوجهون نحو حتفهم، ذنبهم الوحيد أنهم أرادوا الالتحاق بالمدرسة، تاركين بذلك حرقة كبيرة لدى أوليائهم الذين سيستقبلون أولادهم في النعوش وأنهم لن يروهم بعد الآن مطلقا. أب يوصل إبنه إلى مثواه الأخير بنفسه دلنا عليه أحد الأشخاص القاطنين بالقرب من موقع الانفجار اقتربنا منه وجدناه متكئا على جدار أحد المنازل صامتا، ليقدم لنا صاحب المنزل كراسيٍ نجلس عليها ومن ثمة يسرد لنا حكايته التي جعلته يقطع مئات الكيلومترات كي يعود دون ابنه، فقال: ''جئت أول أمس رفقة ابني البالغ من العمر 23 سنة وصديقه اللذين حصلا لتوهما على شهادة الليسانس في علوم الإعلام والاتصال، من أجل أن يلتحقا بالمدرسة الوطنية للدرك الوطني لإجراء اختبار المسابقة، فباتوا ليلة أول أمس بتيزي وزو ليشدوا الرحال صباح أمس إلى يسر تركت ابني وصديقه بالسيارة متجهين نحو المدرسة، وأنا بقيت بالمقهى غير البعيد عن موقع الانفجار لأتجه نحو مكان المدرسة من أجل إحضار ابني كي يشرب العصير قبل دخوله الامتحان،إلا أن الأقدار شاءت أن تخطفه من قبل أن أصل إليه. الأب لم يعثر على جثة ابنه، ويصر على عدم العودة دون جثته حتى لو كانت أشلاء وفي سياق حديثه إلينا انفجر الأب باكيا أنا لا أستطيع الرجوع دون جثة ابني، سأنتظر إلى غاية حصولي على جثته أو سأجمع أشلاءه وأعود بها معي، فمثلما أحضرته معي سأرجعه معي. لنتركه بعد ذلك داعين الله أن يأجره في مصيبته التي ألمت به، فتقبل الأمر بصبر وإيمان قويين.