مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة التي تفوق في كثير من الأحيان 35 درجة في العاصمة، تجد العديد من العائلات الجزائرية ضالتها في التوجه إلى شواطئ البحر لتتمتع بزرقة المياه وأشعة الشمس الحارقة التي تلقي بأشعتها لتعطي للرمال لونا ذهبيا يبعث البهجة في أنفس المصطافين ويحثهم على التمتع بأوقات تنسيهم تعب ومشقة العام بأكمله، وهو ما يتطلب منهم اقتناء اللوازم الضرورية لذلك وعلى رأسها ملابس السباحة، فهذه الأخيرة تشكل محل اهتمام العديد من النساء، خاصة المحجبات منهن واللواتي يفضلن التوجه إلى البحر لكن مع الحفاظ على زيهن الديني ودون الشعور بأي حرج. تعرف تجارة بيع ألبسة السباحة تزامنا مع حلول موسم الاصطياف انتعاشا وإقبالا كبيرا من طرف النساء المستعدات لأي شيء من أجل الحصول على ذلك اللون البرونزي، وتعرف أذواق المصطافين تباينا كبيرا عبر شواطئنا يرجع إلى اختلاف الأذواق وتنوع المشارب والقناعات، وبالتالي الأشكال والموديلات المعروضة في الأسواق، حيث تقف النساء حائرات في اختيار ما يناسبهن نظرا للسلع الكثيرة المعروضة في المحلات وبمختلف الأسعار. فأثناء تجوالك عبر شوارع العاصمة لاشك أنه لفت انتباهك تغيير بعض الباعة لسلعهم الخاصة بملابس النساء حتى يواكبوا موسم الاصطياف بعرض مختلف ملابس البحر والاصطياف، فيضعون على واجهاتهم ألوانا مختلفة من ملابس السباحة النسائية ''المايوهات'' التي تتنوع بين القطعة الواحدة، القطعتين وحتى تصاميم جديدة خاصة بالمحجبات يطلق عليها ''البوركيني'' دخلت السوق الجزائرية حتى لا تحرم هذه الفئة من التوجه إلى شاطئ البحر، فيما يقول الكثيرين بأن ''البوركيني'' يتحدى ''البيكيني'' في أغلب الشواطئ لأنه الغالب على الأذواق اليوم وبالذات في الشواطئ العائلية. أسعار ''البيكيني'' و''البوركيني'' تتراوح بين 1500 و 3800 دج تحرص النساء دائما مع انبعاث أولى أشعة الشمس الحارقة وإحساسهن بارتفاع حرارة الجو على اقتناء أحلى وأجمل التصاميم الموجودة في الأسواق من ملابس السباحة تحسبا لاستقبال فصل الصيف، حيث يدفعن بسخاء مقابل شعورهن بالرضى. وفي جولة قادتنا إلى بعض محلات العاصمة، لاحظنا ذلك الإقبال الكبير من طرف الزبونات على اقتناء هذه الملابس والتي تختلف أسعارها من محل لآخر، وأول وجهة لنا كانت باتجاه شارع حسيبة بن بوعلي وسط العاصمة الذي يعرف حركة كبيرة من العابرين كل يوم بحكم وجود نشاط تجاري معتبر به ، حيث قصدنا محلا هناك مخصصا لبيع ملابس السباحة للنساء، وقد أثارت دهشتنا تلك الموديلات الموضوعة على العارضات المختلفة الألوان بين الأحمر، الأخضر، الوردي وغيرها من الألوان الفاتحة والزاهية. وعن أسعارها أجابنا ''محمد'' صاحب المحل بأنها تختلف من نوع لآخر، حيث يقدر سعر لباس السباحة المكون من قطعة واحدة ب 1500 دج في حين يتراوح سعر اللباس الخاص بالمحجبات أو ما يعرف بالبوركيني بين 2800 دج و3200 دج. و ليس بعيدا عن هذا المحل توجهنا إلى محل آخر يقع بنفس الشارع الذي يعرف ببيع ملابس السباحة أيضا، حيث استفسرنا عند صاحبه السيد ''مراد '' عن الأسعار عنده فأجابنا بأن سعر لباس السباحة من قطعة واحدة يقدر ب 2200 دج وبقطعتين ''البيكيني'' فيبلغ 2400 دج ، أما ''البوركيني'' اللباس الخاص بالمحجبات فيصل إلى 3800 دج. وعن مدى الإقبال على هذا الزي، أجابنا صاحب المحل بأنه تصميم جديد دخل السوق الجزائرية ويتم اقتناؤه بكثرة من طرف الزبونات الملتزمات. بعد ذلك قصدنا سوق ''علي ملاح '' بأول ماي للاطلاع أكثر على الموضوع حيث يكثر الإقبال من طرف الزبائن على هذا المكان وكانت لنا دردشة مع الشاب ''سفيان'' الذي يبيع ملابس سباحة نسائية والتي تتراوح أسعارها بين 1500 و 1800 دج وقد أكد لنا بأن التصاميم المكونة من قطعتين، تلقى روجا كبيرا من طرف الزبونات خاصة أنها من صنع فرنسي. منافسة شديدة بين الأزياء الغربية والإسلامية للسباحة تختلف آراء ومواقف النساء فيما يتعلق بإرتدائهن لملابس السباحة، فبالنسبة لغير المحجبات الخيار واسع ومتوفر بكثافة في الأسواق حيث يمكنهن أن يقصدن أي محل ويقتنين منه آخر الصيحات في هذا اللباس سواء كان ذا قطعة واحدة أو قطعتين. فبمجرد توجهك إلى البحر تلاحظ ذلك التنافس الشديد بين الشابات وكأن الأمر أشبه بعرض الأزياء، حيث تختلف الألوان والتصاميم، وفي هذا الشأن تقول ''سعاد'' شابة التقينا بها بأحد المحلات بشارع حسيبة بن بوعلي بأنها تفضل ارتداء زي سباحة المتكون من قطعة واحدة وهي تعتبر الأمر عاديا طالما أن التمتع بالبحر يستلزم منها لباسا خاصا بهذا المكان، وهي معتادة على تغييره كل سنة وبالنسبة لهذه المرة فقد اشترته بمبلغ 1500 دج. أما بالنسبة ل''أمينة'' فهي الأخرى لا تجد حرجا في ارتدائها للباس السباحة، حيث تفضل أن تلبس ذلك المكون من قطعتين مع إضافة قطعة قماش من الأسفل أو ما يسمى ب ''الباريو'' وعن سعره أجابتنا بأنها دفعت مقابله مبلغ 2000 دج. غير أن مظهر هذه الملابس لا يروق لبعض العائلات الجزائرية ما جعلها في وقت مضى تعزف عن الذهاب إلى شواطئ البحر بسبب غياب روح الحياء، مفضلة بذلك تحمل حرارة الطقس والبقاء في بيوتها على مشاهدة تلك الصور التي تخدش الحياء، خاصة بالنسبة للمحجبات اللواتي وجدن صعوبة كبيرة في التوجه إلى البحر بسبب انعدام ملابس خاصة بهن. ولكن في الآونة الأخيرة عرف ظهور لباس السباحة الخاص بالمحجبات عبر مختلف دول العالم الإسلامي رواجا كبيرا، وهو ما يعرف ب''البوركيني''، لينتشر بسرعة في الجزائر، فاسحا المجال لفئة الملتزمات بعدما حرمن من مياه البحر لفترة من الزمن، فكثيرة هي التصاميم التي أنجزت ببراعة نجدها في المحلات لتنافس بذلك ملابس السباحة العادية، فنجدها بأشكال وألوان متنوعة معروضة على الواجهات، وبأسعار مختلفة، فإذا ما دققنا في طريقة تفصيله نجده مكونا من ثلاثة أجزاء، قبعة غطس تعوض الخمار، فستان وتحته سروال مصنوع من قماش يمنع كشف أجسادهن عند دخولهن إلى الماء، فدخول هذا اللباس إلى الأسواق الجزائرية لاقى ترحاب واستحسان العديد من النساء. وفي هذا الصدد، تقول السيدة ''جميلة'' وهي متحجبة بأنها من قبل لم تكن تستطيع الذهاب إلى البحر لانعدام لباس يليق بالمكان، ولكن بعد وصول ''البوركيني'' إلى الجزائر، عاد إليها الأمل في التمتع بزرقة مياه البحر دون أن تكون مضطرة إلى كشف جسدها. ونفس الأمر ينطبق على ''نوال'' فهي أيضا استحسنت فكرة وجود لباس سباحة خاص بالمحجبات، فهي ترى أنه من حقهن أيضا الاستمتاع بالذهاب إلى شواطئ البحر دون أن يقف اللباس عائقا أمامهن، فليس من العدل وجود ملابس سباحة خاصة بفئة وحرمان فئة أخرى منها. محلات الشيفون مقصد البعض من النساء تفضل بعض النساء اللجوء إلى محلات بيع الملابس المستعملة أو الشيفون من أجل اقتناء ملابس السباحة نظرا لارتفاع أسعارها في الأسواق بشكل يعجزن معه عن اقتنائها جديدة حيث تفوق في معظم الأحيان 2000 دج، الأمر الذي يثقل قدراتهن الشرائية ويجعلهن يغيرن وجهاتهن نحو هذه المحلات، فهذه الأخيرة عرفت مؤخرا إقبالا كبيرا من طرف الزبائن الباحثين عن النوعية الجيدة باعتبارها مستوردة من دول أوروبية، وما يميز سلع محلات الشيفون هو أسعارها المعقولة حيث نلاحظ تلك اللافتات على واجهاتها التي تتراوح من 50 دج إلى 1200 دج، وهي أرقام تعتبر في متناول الجميع مقارنة بالأسعار المعروضة في الأسواق، وعلى هذا الأساس يتوجه البعض من الشابات إلى هذه المحلات لاقتناء ما يحلو لهن من ملابس السباحة، وفي هذا السياق تؤكد لنا ''نسرين'' بأنها تجد أسعار ملابس السباحة باهظة الثمن، ولهذا فإنها تدخل المحل فقط من أجل الاطلاع على الأشكال والألوان الجديدة، لتغير وجهتها مباشرة نحو محلات بيع الشيفون، فتحصل على القطعة الواحدة بمبلغ لا يتجاوز 500 دج. ومهما تنوعت الآراء وتعددت بين موافق ورافض للأمر، تبقى قناعة كل واحد وحريته الشخصية في اختيار الملابس المناسبة له سيدة الأمر، وكلها تتجه نحو الرغبة في الاستمتاع بمياه البحر والشمس الدافئة.