حاول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوياتها بحسب استطلاعات الرأي، استعادة زمام المبادرة عبر مقابلة متلفزة تهدف إلى احتواء الأزمة التي اندلعت حول فضحية بيتانكور السياسية-الضريبية التي تحولت إلى قضية دولة خلال الأيام الأخيرة. وأفادت مصادر قريبة من الرئيس أن ساركوزي حاول على مدى ساعتين على قناة فرانس 2 العامة التركيز خصوصا على ''مشاكل الفرنسيين الحقيقية'' أي الأزمة الاقتصادية وتدابير التقشف المتخذة لخفض العجز العام في الميزانية وإصلاح نظام التقاعد، المشروع الأساسي في ولايته والذي يريد أن يستند إليه لإعلان ترشحه لولاية ثانية سنة .2012 وتعين على الرئيس إقناع الفرنسيين الذين يشككون في عدالة هذا الإصلاح الذي يتمثل عنصره الأساسي في تأخير سن التقاعد من 60 إلى 62 سنة. وسيطرح مشروع القانون في اليوم التالي على مجلس الوزراء. وشكلت المقابلة فرصة أمام ساركوزي لتجديد دعمه وزير العمل اريك فيرت المكلف هذا الإصلاح لكنه منهك جدا من ''قضية بيتناكور'' التي تتصدر مفاجآتها المتواصلة الصفحات الأولى للصحف منذ شهر وستطرح على ساركوزي أسئلة بشأنها لأول مرة. ويشتبه بقيام اريك فيرت المتهم ''بتضارب مصالح'' على خلفية عمل زوجته في شركة تدير ثروة أكبر ثرية فرنسية صاحبة شركة مستحضرات التجميل لوريال، ليليان بيتانكور، بتمويل سياسي غير شرعي بعد الاتهامات المدوية التي وجهتها اليه المحاسبة السابقة للثرية بيتانكور، كلير تيبوه. واتهمت كلير تيبوه المشرف على إدارة ثروة بيتانكور باتريس مستر بأنه طلب منها سحب 150 ألف يورو من المصرف فيمارس 2007 لإعطائها لاريك فيرت الذي كان حينها أمين خزينة حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية من أجل تمويل حملة ساركوزي الانتخابية. إلا أن فيرت نفى ذلك وقد يخضع قريبا لجلسة استماع أمام القضاء في إطار ثلاثة ''تحقيقات تمهيدية'' فتحت حول جوانب عدة من هذا الملف. وتعتبر هذه القضية ذروة سلسلة من الفضائح أدت إلى استقالة اثنين من الوزراء واضطرت ساركوزي إلى إعلان تدابير تقشف في إنفاق مال الدولة في أجواء مشحونة، اعتبر فيها الفرنسيون أن غالبية قادتهم متورطون في الفساد، كما أفاد استطلاع. وفي خضم أزمة الثقة هذه، لا يتوقع أن يلبي نيكولا ساركوزي دعوات اليسار وبعض نواب اليمين إلى إجراء تعديل حكومي متوقع في الخريف المقبل. وأكد رئيس الوزراء فرانسوا فيون أن ''التعديل الحكومي ليس من أولوياتنا السياسية''. ولا يريد الرئيس الإيحاء بأنه يتراجع أمام الصحافة التي اتهمها القريبون منه ب''التلاعب'' وحتى بانها تلجأ إلى ''طرق فاشية'' في قضية بيتانكور. ولدعم اريك فيرت، يعول ساركوزي على نشر تقرير إداري داخلي حول إدارة ملف ليليان بيتانكور الضريبي الذي يشتبه بان فيرت غض فيه النظر عن مخالفات محتملة عندما كان وزيرا للمال بين مارس 2007 ومارس .2010 وهذا التقرير الذي أعدته المفتشية العامة للشؤون المالية نشر الأحد وأظهر أن وزير العمل اريك فيرت ''لم يتدخل'' في الملف الضريبي للمليارديرة ليليان بيتانكور حين كان وزيرا للميزانية. وقال التقرير الذي نشر في بيان لوزارة الميزانية إن فيرت و''أثناء الفترة التي كان فيها وزيرا للميزانية، لم يتدخل لدى المصالح الموضوعة تحت سلطته ليطلب او يمنع او يوجه قرارا أو مراقبة تتعلق بالسيدة بيتانكور''.