يقصد يوميا مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا بالعاصمة عدد كبير من المرضى الذين يأتون من كل مكان و أملهم في تلقي الإسعافات الأولية التي تخفف من معاناتهم، غير أنهم يصطدمون بواقع مرير وصعوبة كبيرة في الوصول إلى طاولة العلاج يزيد من تعقيد حالتهم تهاون الأطباء واستهزاءهم بوضعيتهم الصحية، والتي تجعل منهم حقلا للتجارب يطبق فيه المتربصون ما تعلموه في مدرجات الجامعة وسط غياب المختصين و المسؤولين عن متابعة حالة المريض منذ دخوله المستشفى إلى غاية خروجه منه، مع تسخير كافة الشروط الضرورية لسلامته و هذا بالنظر للوضع الطارئ الذي ألزمه بالقدوم إلى تلك المصلحة . لم يكن دخولنا إلى قاعة الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا من اجل القيام بزيارة أو بهدف إجراء هذا الربورتاج و إنما من اجل تلقينا للعلاج بسبب تدهور حالتنا الصحية، غير أن ما صادفنا هناك لا يعكس تماما الغرض من وجود هذه المصلحة التي تتطلب التعجيل وعدم التماطل في إسعاف المرضى، حيث يبقون بانتظار وصول دورهم فترة من الزمن رغم أنه يستوجب على الأطباء الإسراع نحوهم ومعرفة ما يعانون منه بالضبط . أطباء يستهزئون بالمرضى ويطلبون منهم'' الإنتظاروالتحلي بالصبر'' المثير للدهشة والاستغراب في مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا أنه لا يحظى المرضى هناك بالأهمية اللازمة، حيث يتم التلاعب بهم من جهة لأخرى خاصة وأن حالتهم آنذاك لا تسمح لهم بالتحرك كما يقعون ضحايا للبيروقراطية السائدة في المستشفيات التي لا ترحم على أساس'' أن من لا يملك الوساطة في طلب العلاج طفرت فيه ''، و في ظل هذا التمادي و اللامبالاة لاحظنا حالات من السخط و الغضب انتابت العديد من المرضى الوافدين إلى هذه القاعة الذين كان أنينهم و صراخهم يملأ المكان من شدة الألم والثورة ضد الإهمال الحاصل هناك، فحتى المقاعد المخصصة للجلوس غير كافية ليضطر بعض المرضى للبقاء واقفين في حين وصول دورهم، وهو ما حصل لنا بالتحديد فلما حان دورنا دخلنا إلى مكتب الطبيب للمعاينة الذي طرح بعض الأسئلة ثم قام بإرسالنا إلى مكتب آخر من أجل إجراء بعض الفحوصات التكميلية، وعند دخولنا كانت هناك مجموعة من المتربصات يتكفلن بتقديم المصل وإجراء فحوصات القلب حيث يتعاون معا في معالجة المرضى، غير أن ما أثار استياءنا هو نظرة الاستهزاء والسخرية التي قوبل بها أحد المرضى من طرف إحداهن الذي لم يكن يقوى على المشي لتقول له ''انتوما خلطوها بالماكلة وأرواحوا هنا '' وهو ما جعل ذلك الشاب عاجزا عن التعبير، لكن هذه الوضعية لم تتوقف عند هذا الحد فعندما صعدنا فوق السرير لإجراء فحص القلب لم يكن هناك حتى ''الجال'' الذي يسبق تركيب الجهاز لتقوم الشابات بتشغيله مباشرة كما أخطأن أيضا في طريقة تركيبه، حيث عكسن تلك الخيوط الكهربائية . وأمام هذه الوضعية يبقى المريض الجزائري يتجرع مرارة السياسة التمييزية في مستشفياتنا فعوض دخوله هناك من أجل تحسن حالته فإنه يخرج من هناك أكثر مرضا ليس جسديا فقط بل تدهور وضعيته النفسية أيضا .