الجزائر التي تمتلك مساحة شاسعة بحجم نصف أوروبا الغربية، وتحوز إمكانات طبيعية يفتقر إليها أصحاب العيون الضيّقة بالشرق الأقصى، وتتوفر على طاقة شبانية بإمكانها ''استعمار'' -بالمفهوم الإيجابي للفظ- البقعة الإسكندنافية، ورغم مرور ما يقارب نصف قرن من استرجاع السيادة من مخالب الوحش الفرنسي، ماتزال عاجزة عن إيجاد ملعب محترم تقام فوق أرضيته مباريات المنتخب القومي التي تتابع أخباره حتى الطاعنات في السن. ويجد ''الخضر'' الذين سيقابلون السنيغال يوم الخامس من سبتمبر المقبل ضمن تصفيات كأسي العالم وإفريقيا 2010 أنفسهم في ورطة للتفرغ من مشكل بات يؤرقهم ممثلا في ملعب ذي مقاييس دولية يكون صالحا لتراكل جلد منفوخ. قد يقول قائل إن الجزائر تمتلك ملعبا معشوشبا طبيعيا في كل ولاية - إلى حد ما - فما الذي يمنع المنظمين من اختيار ميدان لاحتضان مواجهة ''أسود تيرانغا'' السنيغالية، والرد جاهز وهو أن مركب ''5 جويلية'' يشهد عملية ترميم ''حيّرت ذي الثقلين!''، وملعب البليدة ساءت أرضيته على غرار كل ملاعب الوطن ذات البساط الطبيعي، حتى أن مديرية الشبيبة والرياضة لهذه الولاية تصارع الزمن في مشوار مكافح لتحييد هذا ''الهم''، ناهيك عن كون بعض آخر منها يفتقر للمرافق التكميلية، مثلا ملعب ''الشهيد حملاوي'' بقسنطينة أعيد تدشينه يوم الخميس الفارط لكنه لا يكتسب صفة الأهلية لاحتضان مباراة الجزائر والسنيغال لأن عاصمة ''سيرتا'' تفتقر للمنشآت السياحية والفندقية بالدرجة الأولى، والمعروف أن ''الزنوج'' لما تستضيفهم الجزائر يرفعون من سقف التغنّج، ويرغبون في إكرام للوفادة على طريقة الملوك، رغم طبعهم اللئيم! لا علينا ولنمر من هذا... مشكل المنشآت الرياضية عندنا في الجزائر يبدأ من الفكرة التصميمية، أولا تفكير القائمين دائما ما يكون خاليا من اللمسة الإبداعية والجمالية فالملاعب لا تعدو في جمجمتهم زرائب خضراء يلفها سياج من الخرسانة المسلحة، ولما نشرع في تشييدها لا توجد هناك دراسة استشرافية - إن صح هذا التعبير - يعني ما ستؤول إليه هذه المنشأة بعد عقد من الزمن مثلا وسط بيئة تتغير بسرعة رمش العين، أما إسناد المشاريع فغالبا ما ترسو صفقاته على مرفأ غريب أو وجهة خاطئة، فمثلا لا نتعجب لما يستفيد ''مقاول'' مختص في شق الطرقات ومشتقاتها من مشروع إنجاز ملعب كروي، وقس على ذلك مع ''كائن بيولوجي'' آخر من فصيلة الرخويات أو المجترات من شاكلة تاجر شاطر في الخردوات أو سائس خيول أو محترف في تهريب الشنطات، وأما طريقة تولية من سيكلف بتسيير هذا المرفق فحدث وإيّاك أن تشعر بالحرج...هل عرفتم الآن لماذا ميدان كروي مترام في الساحل الإفريقي من طينة ملعب ''الجنيرال سيني كونتشي'' بعاصمة النيجر نيامي أفضل بكثير من ''حزمة'' ملاعب عندنا!؟