من عجائب الزمن وطوائحه التي تعمي وتصم أن يلزق بك من لا تود شم ريحه فضلا عن رؤيته، نظير الثقلاء الذين كانوا كأنهم جالسون على القلب، والذين قال عن أحدهم الشافعي يوما ''رأيت ثقيلا مرة فأغمي علي'' ، مثل هؤلاء الناس الذين ابتعدت عن مودتهم القلوب لسوء خلق أو ثقل روح قد يكونوا معذورين ، لأنهم جبلوا على تلك الخلائق رغم ذهابنا إلى رأي علماء الأخلاق من أن السجايا المعوجة في المرء يمكن تقويمها من صاحبها وتقييمها بعدئذ من الناس، فما بالك بمن غضبت من مناكرهم الأرضون وسكانها والأفلاك وعمارها، واستمرأوا الظلم وتشهوا إيذاء الخليقة، حتى كأن فعلهم لله قربى، وزكوات تقدم على قرابين الوصول والاتصال بالسموات. ولشدة العداوة التي استحكمت بين العرب وأبناء العمومة من بني صهيون ومايسفهون ويطغون ولا أعمم ، كدنا نعتقد أن هؤلاء ليسوا من طينة البشر، ولا ممن يجمعهم بأبي الخليقة نسب، وقد طلب منهم أن ينأوا عنا ويرحلوا إلى حيث ألقت رحلها، وأن يكتفوا من قربنا بالتفرج عليهم في التلفاز ، فإذا الذي ترمي به من الباب يدخل عليك من النافذة، ليتفضل عليك بأن ينال معك أجر إفطار الصائم، ويصدر لك التمور التي اغتصبها من أصحاب الأرض، فعل يكاد يقول أنكم شركاء في الاغتصاب بالسكوت واللامبالاة، وأن التمور التي اشتهرتم بها بلادكم الطويلة العريضة قد احتكرها منكم شرذمة قليلون ليبيعوها بأغلى الأثمان، فأكملوا الخير وأفطروا على تمرات يهوديات، للخروج من رمضان مأزورين غير مأجورين.