هناك شبه كبير، مع الفارق طبعا، إذ ما أبعد الثرى عن الثريا، بين عجائب الدنيا وبعض زعماء السياسة في بلادنا، بالتأكيد فأوجه الشبه محدودة وضيقة، لكنها تتسع بلا حدود! فهل هناك كبير فرق بين الأهرامات وسعيد سعدي مثلا، تلك باقية دائمة، لا تؤثر فيها عاديات الأيام ولا تقلبات الرياح، وذاك باق دائم، وهو مثلها لا تؤثر فيه تقلبات السياسة والمتغيرات التي تهب عليها، وإن اختلف أسلوب الاستمرار، فأسلوبها التحدي والرسوخ والتجدد مع مرور الزمن، أما أسلوبه فهو العناد. لقد ذكرنا سعيد سعدي الذي يتربع على قيادة حزبه منذ قرابة عشرين عاما! كنموذج يختصر أولئك "الديمقراطيين" المزيفين، الذين يتشدقون بالحديث عن التداول على السلطة في حين يجسدون صورة الديكتاتورية ولو كان ذلك بأقنعة ديمقراطية. رغم تبدل الظروف والأيام فإن هؤلاء "العجائب"، لم يتغيروا أبدا، ما يزالون مصرين على نهجهم العبقري في التعامل مع الشعب "الغاشي"، لم تتبدل "حكاياتهم" ولم تتعدل، ما تزال خطاباتهم بنفس الكلمات التي صيغت بها أول مرة منذ سنوات طويلة. وإذا كانت عجائب الدنيا السبعة تتميز بالرسوخ في التاريخ، مما يضفي عليها صفة الخلود أو الحضور المتجدد الذي لا يفنى ولا يتبدد، فإن "العجائب" الأخرى -ونقصد هنا بعض زعماء الأحزاب- فهي أشبه ما يكون ب "الأواني الفارغة" حتى وإن بدت الأكثر صخبا وتطاولا وغرورا. إن المتعارف عليه هو أن العربة الفارغة أكثر ضجيجا من العربة المثقلة بالأحمال، وسنبلة القمح الفارغة أكثر ارتفاعا وانتصابا من السنبلة الممتلئة بحبوب القمح، والناس العاديون البسطاء، المخلصون الأوفياء لأنفسهم وللآخرين يتحركون نحو واجباتهم في صمت ويبتعدون عن كل ضوء لأنه يشغلهم عن مهماتهم الأساسية، ولأنهم بطبيعتهم متواضعون فإنهم يكرهون الصخب. قائمة هؤلاء "العجائب" في بلادنا طويلة، لكننا آثرنا العودة للحديث عن سعيد سعدي، وهو "الزعيم" بالأقدمية ،الذي لا يبارى في الهرولة إلى الخارج للبحث عن دعم ولو كان ذلك عن طريق الاستجداء والتحريض. يسعى "الزعيم" إلى احتلال واجهة الأحداث، ليس من خلال الدفاع عن حقوق المواطنين، وليس من خلال "صوته المدوي" في أرجاء الجزائر بمدنها وقراها، للدعوة إلى محاربة الفساد والتصدي للبطالة ولظاهرة "الحرافة"!.. وليس من خلال موقعه البرلماني فيشعر المواطن حينئذ أن "الزعيم" يعبر عن لسان حاله ويعمل على تحقيق مطالبه وآماله. ليست الواجهة بالنسبة إلى "الزعيم" إلا تلك التي تكون من وراء المحيطات والبحار، حيث الأضواء الكاشفة والصالونات المكيفة والتصريحات المتوترة، التي تتحدث عن كل شيء إلا عن قضايا الناس، فهي مهوسة بمهمات أخرى تراها أكثر أهمية وأولوية، في مقدمتها "قطع الطريق" أمام بوتفليقة حتى لا يعدل الدستور ولا يترشح لعهدة جديدة! أليست سياسة "قطاع الطرق" دليل إفلاس تام، يؤكد أن "الزعيم" ومن معه من "العجائب" هم اليوم وجها لوجه أمام الجدار، أمام المأزق، نتيجة تراكم الخيبات والجمود والسلوك المتميز بالعمى السياسي جراء الانغلاق والممارسة السياسية العقيمة ومحاولات الاستجداء والاستقواء بالخارج. إن المتعارف عليه، هو أن الحماقة داء لا شفاء منه، شأنها شأن الكراهية التي لها عشاق يعيشون بها وعليها، ولذلك نجدهم حريصين على إعلان أحقادهم والتمادي فيها، لأن الكراهية عادة ما تكون مؤسسة على الشعور بالضآلة ومدعومة بالحماقة التي كما هو معلوم، قد أعيت من يداويها• لقد بلغت "شهوة" التدمير الذاتي -وهي امتداد طبيعي لحالة الكراهية الذاتية- درجة خطيرة في أوساط هؤلاء "العجائب"، الذين يغطون عجزهم بتقمص دور الضحية التي تعاني من الملاحقات والضغوط• وها هو سعيد سعدي "الضحية" يشكو من "المؤامرة الكبرى" التي يتعرض لها حزبه ومنتخبوه ولم يسلم من وابل نيرانه والي غرداية ورئيس دائرة بريان والأجهزة الأمنية في الولاية، فهؤلاء جميعا متهمون ومتورطون، أما الهدف فهو دفع الأرسيدي إلى سحب منتخبيه من المجالس المحلية، هكذا يقول سعيد سعدي، الذي ذهب إلى أبعد من ذلك حين توقع حدوث أحداث شغب في بلديات أخرى يسيرها حزبه لإعطاء صورة سيئة عن منتخبي الأرسيدي! ولأن "نظرية المؤامرة" هي التي تقود سلوكات وأفكار سعيد سعدي "الضحية" فقد آثر توزيع اتهاماته على الجميع، متجاهلا حقيقة بارزة، وهي أن البلديات التي فاز فيها الأرسيدي، خارج منطقة القبائل، إنما حصل عليها -أغلبيتها على الأقل- ليس بناء على اقتناع شعبي بأفكار وبرنامج ذلك الحزب بل نتيجة "غضب" مناضلي بعض الأحزاب الذين هرولوا في كل الاتجاهات، وقد كان لحزب سعيد سعدي نصيب من هؤلاء، حيث لم يبخل عليهم ب "التزكية"، مع أنهم "أبناء" غير شرعيين! تلك هي الحقيقة الصارخة التي يعرفها جيدا سعيد سعدي وأولئك الذين انضموا كرها إلى حزبه• أما المفارقة الكبرى فهي أن سعيد سعدي الذي شد الرحال إلى كندا وأمريكا وأوروبا ليستجدي تلك الدول ويدعوها إلى أن تتدخل في شؤون الجزائر، كما تدخلت في العراق وأفغانستان وباكستان!، عاد هذه المرة ليقول "إن تصريحات المسؤولين الغربيين تهدف إلى استدراج الجزائر لتحويلها إلى مركز أمني كبير في منطقة المغرب العربي" فمن نصدق، سعيد سعدي الذي يستقوي بالأجنبي ويبحث عن دعم غربي ويبشر الجزائريين من وراء المحيطات والبحار بأيام سوداء وحمراء، إذا تم تعديل الدستور، أم سعيد سعدي الذي يحذرنا من الغرب؟ تبقى في الأخير ملاحظة، وهي أن "الزعيم الأبدي" لا يكتفي بطلب النجدة من أمريكا، بل إنه أيضا يلعب دور الضحية ليستعطف الرأي العام•• كان الله في عونه• أحلى الكلام كتب إليها يقول: لا تسأليني، سيدة القلب، ما هي أخباري، فلا شيء مهم عندي، إلا أنت، يا من لا حب بعدك يدنو من عمري، يا أحلى أقداري، يا من يحتلني حبك وتسكنني حروف اسمك.. أيتها المسافرة في دمي، إني أحبك، لا أستأذنك ولا أطلب تأشيرة دخول إلى قلبك. لا شيء مهم عندي، إلا أنت، إنك أحلى أخباري، أنا المجنون بك وحدك دون سواك، يا أكثر من حبيبتي، يا سلطانة قلبي وينبوع فرحي، أيتها المحفورة في حدقة العين، إني أحبك، أشتاق إليك، وإذا لم أستطع أن أقنعك حتى الآن كم أحبك، فلأنك مضيئة وباهرة وجميلة وفي قلب النجوم تحلقين، فمن غيرك يستحق كل الحب، يا حب الحب. ما هي أخباري، يا عشقي الكبير، إنك وحدك أجمل أخباري، حياتي هي أنت، أشعر أني إليك لأنك مني، فكوني معي يا روح الروح، أرجوك.. امنحيني فرصة لأستحقك.. أيتها الحبيبة الحبيبة، شكرا لحبك فهو نبض القلب ونور العين. يا عمر العمر، أيتها الجميلة الرائعة، إن مشاعري تغني لك وحدك، يا من أسماؤك كثيرة يا حبيبتي، فأنت القلب، أنت الفجر، أنت البحر، أنت الشمس، أنت القمر.. لذلك فالصعود إليك صعب، فهل تنزلين قليلا لأتمكن من تقبيل عينيك. إني أحبك، وليس لي غير حبك.. هذا عهدي إليك، يا من أحبك أكثر من حياتي.. أنا المجنون بك، فهل أنت على مستوى جنوني؟ "الشعب الذي يضع امتيازاته فوق مبادئه، سرعان ما يخسر الأمرين.."