إن القراءة التي قدمها ''مدير التشريعات والتنظيم الجبائي، في المديرية العامة للضرائب، زيكارا مصطفى، خلال نقاش بمنتدى جريدة المجاهد يوم الثلاثاء 7 سبتمبر2010م، حول قانون المالية التكميلي وخاصة ما نصت عليه المادة 42 من هذا القانون كشفت أن الحكومة أبطلت كل القرارات الإدارية والقضائية الصادرة داخل أو خارج الوطن، التي استفاد منها المعمرون الفرنسيون و وكلاؤهم في الجزائر في نزاعات قانونية باشروها في السنوات الأخيرة، لاسترجاع الآلاف من العقارات التي كانوا يحوزونها ظلما وعدوانا قبل الاستقلال. وقد نجح بعض قدامى المعمرين وافتك بعضهم فعلا أحكاما قضائية لصالحهم وتحقيق بعض المكاسب القانونية في دعاوى قضائية،بفعل فاعل؟. فما هي العقارات ؟ يعرف فقهاء القانون العقار ب : ''هو كل شئ ثابت في مكانه ولا يمكن نقله دون تلف،أي- الأراضي بما احتوت والمباني والأشجار التي تتصل بالأرض اتصال قرار. وتنقسم القارات إلى نوعين: أ - العقار بطبيعته وهو ما سبق ذكره، أي الأشياء التي تتصل بالأرض اتصال قرار. ولا يعد عقاراً بالنسبة للأرض إلا ما هو جزء منها. ب - العقار بالتخصيص. عقار منقول يضعه صاحبه في عقار يملكه لخدمة هذا العقار واستغلاله. من هذا التعريف ندرك حدود الأملاك الشاغرة. إن الملكية العقارية في الفترة الاستعمارية عرفت هزة كبيرة دخلت بفعل النظام الذي استحدثته فرنسا، حيث غير نظام البايلك ليصبح دومين الدولة وتم تطبيق القانون الفرنسي على الملكية في الجزائر خاصة على الأملاك الشاغرة..؟ أراضي الدايات والبايات والموظفين والأتراك ثم أراضي الجزائريين الذين غادروا الجزائر مع الأمير عبد القادر أو مع الأتراك أو الذين أجبروا على الهجرة أو أبيدوا جماعيا وفرادى. إصدار قرارت المصادرة وقوانين لإثبات الملكية العقارية ووضع سندها استفاد منها الغزاة. 1 - قانون 1800 م المتضمن حقوق التسجيل، 1804م المتضمن تنظيم مهنة التوثيق. التمليك عن طريق الأمرين الصادرين في 01/ 01 /1844 و21 / 7 / 1846 .م. قانون 04 / 8 / 1962 :القاضي بتحميل عبء الإثبات على المعارض وليس على الحائز...الخ. من تتبع صيرورة هذه النصوص، نتبين حركة العقار خلال العهد الاستعماري. لنطرح السؤال:من أين أتت أملاك المعمرين؟..ونترك الجواب لمن أصدر القرارات الإدارية والقضائية لصالح المعمرين... لقد جاءت هذه القراءة عشية ذكرى محاولة اغتيال الزعيم الفرنسي شارل دي غول، اغتيال ''الزعيم'' ليس كسائر الاغتيالات السياسية، فأهدافها ومنطلقاتها كانت يومئذ خارج الوطن الفرنسي أو قل كانت في الجزائر وضد الجزائريين في عقر دارهم، ولنعد إلى استعراض القضية لتتبين نسيج خيوط العنكبوت: لقد اعتقد أنصار فكرة ''الجزائر فرنسية'' صانعي انقلاب 13 ماي1958م،أنه بمجيء الجنرال ديغول سيتحقق حلمهم، لكنه سرعان ما تبخر ذلك الحلم أمام الانتصارات التي حققتها الثورة عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا من جهة، وفشل مناورات ديغول وأجبر على التراجع عن شعار ''الجزائر فرنسية'' ما جعل المعمرين والعسكريين المتطرفين يوسمون الخطاب الذي ألقاه في 14 جوان 1960م والمتضمن: ''دعوة جبهة التحرير الوطني إلى التفاوض'' بقرار الردة. ولما أشتد قلق أنصار الجزائر فرنسية أسسوا ''جبهة الجزائر فرنسية في 16 جوان 1960م وقد اعتمدت رسميا واتخذتها السلطات الفرنسية كورقة ضغط وسلاح سياسي تشهره في أية محادثات مع جبهة التحرير الوطني، امتدت فروع تلك الجبهة إلى عمق التراب الفرنسي فأسس ''جون ماري لوبان'' ''الجبهة الوطنية من أجل الجزائر فرنسية'' من جبهة الجزائر فرنسية إلى الجبهة الوطنية من أجل الجزائر فرنسية، وتسخن ? البندير- بتشجيع من الشركات التي أنجزت خطي شال وموريس، وأغنياء المعمرين. بعد خطاب ديغول في 04 نوفمبر1960م المتضمن فكرة عبارة : ''الجزائر جزائرية''. لكن استفتاء جانفي 1961م منح الرئيس ديغول الضوء الأخضر لمواصلة سياسته، فحلّ ''جبهة الجزائر فرنسيّة'' وقرر تطهير الجيش والأجهزة الأمنية من عناصر التمرد، ما جعل قادة المعارضة ممن يتخذون من إسبانيا القاعدة الخلفية لتنظيم صفوفهم في مواجهة السياسة الديغولية المتبعة في المعضلة الجزائرية. وفي ذلك السياق التقى ''جون جاك سوزيني'' و''بيار لغيار'' في سرية تامة يوم 10 فبراير1961م في مدريد أين تم تأسيس تنظيم إرهابي ''منظمة الجيش السري''. ''O.A.S'' بديلا عن التنظيمات السياسية العاملة من أجل ''الجزائر فرنسية''، نصب على رأسها الجنرال المتقاعد'' صالان'' بمساعدة الجنرال'' جوهو'' و''غاردي'' وسوزيني. فشل انقلاب 22 أفريل الذي قاده الجنرالات الأربعة ''شال و جوهو و زيلر و صالان'' وشرعت الحكومة الفرنسية في ملاحقة العناصر المتطرفة، لكن تواطؤ أجهزة الشرطة المشكلة من الأقدام السوداء حال دون نجاح العملية مما أتاح مجالا أوسع لعناصر منظمة الجيش السري لإعادة تجديد تنظيمهم صفوفهم وعقد اجتماعات تحضيرية في متيجة والعاصمة. تم تبني الهيكل التنظيمي للمنظمة المعد من طرف العقيد غودار في 01 جوان 1961م وتعميمه على أن المجلس الأعلى لمنظمة الجيش السري (C.S.O.A.S) البوتقة التي انصهرت فيها مختلف أيادي الإجرام وتضم : ''صالان - غاردي - غودار - بيريز ،وسوزيني''. متخذ الصليب شعارا لها بهدف استغلال الدين في دعم الحركات السرية المذكورة وتعبئة الرأي العام الفرنسي حول فكرة الحفاظ على ''الجزائر فرنسية''، والتصدي لسياسة ديغول. سطرت برنامجا من محاور 01 الدفاع عن ''الجزائر فرنسية''. 02 - التصدي لسياسة ديغول ومحاولة الإطاحة بنظامه. 03 - عرقلة المفاوضات بإشاعة الرعب والضغط على حكومة ديغول مع استباحة كل الوسائل والأساليب مثل:- تخريب المصالح الحيوية. - التصفية الجسدية للإطارات الجزائرية - اغتيال المؤيدين لسياسة ديغول- السطو والنهب للبنوك والمصالح - تشكيل ميليشيات يؤطرها أساسا ضباط متقاعدون وبعض الغلاة من الأقدام السوداء لتنفيذ القتل الجماعي ....الخ. -وضع هيئة مهمتها الاستعلام والحرب النفسية والسياسية وتخطيط العمليات العسكرية ونشر شبكة من الخلايا ضمت مختلف شرائح المعمرين والأجهزة الأمنية، ومحاولات اغتيال الزعيم الفرنسي شارل دي غول في منطقة بونت لسور سين، بالقرب من قرية Crancey يوم 8 سبتمبر 1961م جاءت بعد خطابه يوم 5 سبتمر 1961م والذي ضمنه اعتراف فرنسا بسيادة الجزائر على صحرائها بعد استبسال ونار وقودها أبطال الجزائر وخيرة أبنائها. إن هؤلاء الذين يطالبون بعقارات لم يكتسبوها قبل الاحتلال، ولم يشتروها بأموالهم، ولم يمتلكوها في عهد الجزائر المستقلة، ولكنهم أبادوا قتلوا أهلها وسجنوا ودونوها بأسمائهم ... وعلى فرنسا الرسمية أن تكمم أفواه هؤلاء القتلة وأحفادهم وأن تعتذر وتعوض المتضررين من جرائمهم، وعلى الدولة الجزائر أن تعزز كل مرة من قدر مجاهدي الجزائر في عهد المقاومة وإبان ثورة نوفمبر 1954م.