أجمعت النقابات المستقلة على أن الحرية النقابية في الجزائر تعيش في الآونة الأخيرة وضعا غير جيد وأن الخطوات المحققة في هذا الميدان مهددة بالتراجع إلى الوراء، في ظل تعنت الجهات الوصية ورفضها فتح قنوات حوار جادة معهم، كشريك اجتماعي قادر على تهدئة الوضع داخل قطاعات الوظيف العمومي. وأكدت ذات النقابات أن سياسة التهميش التي تمارسها السلطات المعنية لا محالة تزيد الأمور تعقيدا، بل هي السبب المباشر في تبنيهم خيا ر الدخول في الحركات الاحتجاجية، ملفتين إلى أن الجهات المعنية ملزمة اليوم قبل أي وقت مضى بإعادة النظر في طريقة تعاملها معهم، بالذهاب نحو إشراكهم طاولة المفاوضات إذا اما أرادت فرملة الاحتجاجات المعول عليها هذا الدخول الاجتماعي الذي لم يتبق عليه إلا أيام. وتساءل مزيان مريان '' أين الحريات النقابية في الجزائر؟ ليجيب نفسه '' إنها مخنوقة بل مفتقدة ومدفونة ''، مؤكدا أن سبب افتقادنا لما أسماه بحق ممارسة النضال النقابي مرتبط ارتباطا وطيدا برفض السلطات فتح الباب أمامهم والسماح بإشاركهم في كل القضايا التي تمس القاعدة العمالية''. وقال الناطق باسم تنسيقية نقابات الوظيف العمومي''نحن غير مرغوب فينا لدى الجهات الوصية، وإلا كيف نفسر رفضها لاستقبالنا، لتلقي مقترحاتنا التي تخدم القاعدة العمالية ''. وتابع المتحدث انتقاداته معتبرا أن تعدد التنظيمات لا تترجم الحرية النقابية، كون الاعتماد الممنوح لهم من طرف وزارة العمل هو عبارة عن رقم تسجيل المنظمة لا أكثر و لا أقل، لأنه مثلما يذكر مريان''ليس رخصة دخول للوزارة لمناقشة قضاياهم مع المعنيين''. وفي هذا السياق يرى نوار العربي نفس ما يراه مريان مزيان ''بأن التعددية النقابية لا تعني الحرية النقابية ''، بل ذهب لأكثر من هذا، عندما وصف الحرية النقابية في الجزائر هي تعدد فلكوري، موضحا أن منع الشريك الاجتماعي من حضور الاجتماعات والمفاوضات المتعلقة بقضايا العمال و حرمانهم من قنوات حوار جادة ومسؤولة يعطي صورة فلكلورية للتعددية النقابية بدل أن يعطي صورة جميلة عن واقع هذه الممارسة النقابية. وذكّر الناطق باسم المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني في هذا المقام، بالاتفاقات الدولية المتعلقة بأحقية ممارسة النشاط النقابي والتي وقعت عليها الجزائر، مشيرا إلى أن الجزائر ملزمة باحترامها، بترك الحبل للنقابيين في ممارسة حقوقهم وفتح الباب أمامهم للإدلاء بمقترحاتهم. وقال في هذا الصدد '' يجب أن تتخلى الدولة جملة وتفصيلا عن سياسة إقصاء النقابات المستقلة من المفاوضات التي تعني وضعهم الاجتماعي والمهني''، داعيا إياها إلى التعجيل بفتح قنوات حوار مسؤولة و نقاشات سياسية واجتماعية موسعة إذا ما أرادت تهدئة الوضع داخل قطاعات الوظيف العمومي.