في رحلة مؤثثة بأنفس وأجمل ثروات التراث الشفوي المغاربي وعلى مدار ساعة من الزمن الركحي، نقلت الفرقة المغربية '' تاغنجا ''جمهور قاعة حاج عمر عبر 12 لوحة فنية تعبيرية متناغمة الإيقاع والمرمى، وذلك ضمن عرضها المسرحي المتميز ''رحلة ميمون''. وفق وإلى حد كبير رواد العرض، وعلى بساطة ما قدموه، في توصيل رسالتهم التي أكدت أن الحداثة لا تعني تجاوز التراث والموروث القيمي الجمالي للأمم، مشددة على ضرورة الانغماس في المحلية لاستكشاف الجمال والاحتفالية التي يفتقدها الآخر. عرض اقتبسه وأخرجه ''عمر الجدلي'' وحرك شخوصه ركحيا الثنائي المتميز وليد مزوار وعبد الرحيم الزبيري على إيقاع موسيقى شحلال عبد المجيد وسينوغرافيا أصيلة للمبدع عزيز ماهير، فيما منح الحسن الهوفي الحياة للأقنعة التي صممها بعناية وعشق لشخوص العمل، بمثابة دعوة لجمهور مهرجان الجزائر الدولي للمسرح للوقوف عند التراث الشفوي والحكائية الغرائبية السحرية المغاربية وتدور وقائعها حول ميمون ذلك الشخص البائس الذي يبكي حظه من الحياة ويبقى مكتوف الأيدي أمام القدر لأنه لا يجيد سوى العزف على آلته الموسيقية، حيث يقرر ذات يوم القيام برحلة ليجد ''ميمونه'' أو قدره. وفي غمرة نومه وبين اليقظة والوعي داخل مغارة يزوره قدره وهو في هيئة قط هزيل بشع ليطلب منه أن يجدد حياته وأن لا يكتفي بالأحلام والتمنيات، ويمنحه قطعة خبز ويدعوه أن يبحث في المدينة عن ما يكمل به قوته وريقه. وتحمله الأقدار بعد أن التهم الخبز عبد جدار بيت الحاكم برهان وهو لا يدري ويشرع في الغناء على حظه الكئيب لكن تعتقد الأميرة أن ميمون قد اكتشف قبحها وفظاعتها وسيفضحها في المدينة فترشيه وتبعث مع خادمتها مرجانة داخل قطعة خبز قطعا من الذهب لكن للأسف لم يفتح ميمون قطعة الخبر بل يعطيها مقابل المال للتاجر مستور وهو يجهل أن كنزا فيها. وتصاب الأميرة بالمرض وينكشف أمر التاجر ويتم تبٍرئة ميمون من التهمة حين يعترف أنه لم ير الأميرة التي تشفى بعدها ويكافئه في الأخير الحاكم بمنحه صندوق من الذهب لينطلق في حياة جديدة. وأوضح المخرج عمر الجدلي أن المسرحية التي تقارب الاحتفالية والحكايا الشعبية المغاربية وباللغة الشعبية المهذبة القريبة من اللغة العربية الفصحى، كما تنهل من الأمثال الشعبية المغربية، حيث وظف 32 منها وتحمل دلالات قيمية مفادها أنه على الإنسان السعي لتغيير قدره وليس الانكفاء والتشاؤم. كما اعتمد المخرج إلى جانب التنوع الموسسيقى من التراث الشعبي على تقنية الأقنعة التي تحول إلى عناصر متحركة لبست شخوص المسرحية السبعة لتنمحهم الحياة والنبض بطريقة مشوقة وحركة انتقال ذكية بين الشخصيات، وقد نجح المصمم في منح الأقنعة سمات ودلالات شخوصها. وأشار المخرج إلى أن المسرحية لمدعمة من قبل وزارة الثقافة المغربية شاركت في عديد المهرجانات المسرحية داخل المغرب وتسجل مشاركاتها الدولية من الجزائر، وعبر عن سعادته بالمشاركة في مهرجان الجزائر الدولي للمسرح واكتشافه لمختلف التجارب المسرحية.