هي التفاتة طيبة أن تولى ثقافة الكتاب لدينا أهمية معتبرة، ذلك أن سبيل زيادة الوعي واتساع المدارك والأفق ليس له من سبيل غير زيادة المطالعة والقراءة لكل ما هو متاح من المطبوع. ولو تأملنا قليلا فيما مضى من شأن التعصب والإرهاب الأعمى لتبين أن جزءا معتبرا منه كان سببه ضيق عطن حاملي بذرة التطرف وقلة الوعي والثقافة التي تسمح بمد جسور التعارف والتواصل بينهم وبين الآخرين. قد يدرك الإنسان مكمن الخطأ في مسير الحياة، لكن الخطأ الأكبر هو أن يستمر ويمضي فيه قدما دون نقد ذاتي أو مراجعة جادة لمكامن الضعف والقصور، وكذا مراجعة للسلم البياني في حياته وما أدركه من ارتفاع وانخفاض، حتى يكمل النقص، ويقوي الضعف، ويوصل المبتور. وعود لذكر شأن الكتاب الذي تنقصنا ثقافته في بلادنا العربية جمعاء، وفي بلادنا خاصة، إذا أخذنا بعين الاعتبار الإحصائيات التي تذكر النسب المتدنية من نسبة مطالعة العربي للكتاب أثناء السنة، ونسبة غيرنا الذين غدت المطالعة شيئا أساسا لديهم، أو الإحصاءات التي تذكر أن مجموع ما يطبع من الكتب في الدول العربية مجتمعة لا يمكن أن يقارن فضلا عن أن يساوي ما تطبعه دولة أوربية كإسبانيا أو رومانيا. فما للناس تتحدث عن نهضة وتقدم دون الأخذ بأسبابها الرئيسة، وعلى رأسها ما ذكر من القلم والقراءة التي كانت أول شيء ذكر في الكتاب الكريم.