أجمع أطباء اختصاصيون على أن الضغوطات والتوترات النفسية تعد من أهم أسباب الإصابة بالأمراض العضوية، خاصة المزمنة منها كالسكري وتقرحات المعدة وأمراض ضغط الدم والقلب وتصلب الشرايين، مما يفسر إصابة 8 مليون جزائري بمختلف الأمراض المزمنة، يتسبب فيها وبدرجة كبيرة القلق والتوتر الذي يؤثر بشكل علمي على سلامة الجسم. أصبحت الصحة النفسية مدرجة ضمن أولويات المنظومة الصحية بالجزائر، بعد النكبات المتتالية بدءا بالإرهاب وانتهاء بفيضان باب الوادي وزلزال ماي ,2003 إذ ساهمت في تغيير النظرة القاصرة تجاه المختص النفساني، من خلال الدور الذي لعبه في حياة الأفراد المصدومين، باعتبارهم شكلوا النسبة الأكبر من ضحايا الكوارث والأحداث العنيفة والتي أثرت بصفة كبيرة على صحة الجزائريين، بحيث ظهرت لديهم أمراض كالسكري وضغط الدم والقلب وكذا تقرحات المعدة بشكل كبير وغير مسبوق. وفي ذات الإطار، أكد أخصائيون ضمن ملتقى عربي حول علاقة الأمراض النفسية بالجسمية انعقد مؤخرا بالأردن أن هناك ارتباطا وثيقا بين الصحة النفسية والصحة الجسدية للإنسان وأن الحالة الصحية العضوية لطالما تأثرت بالوضع النفسي للإنسان وتحديدا لناحية الإصابة بالتوتر والقلق والاضطرابات النفسية. وبحسب الدكتور جمال الخطيب من سوريا، فان من يعاني من القلق النفسي أو من يتعرض لتجربة الخوف الشديد يشعر باضطراب وتسارع في ضربات القلب وصعوبة التنفس وسرعته وجفاف للحلق إضافة إلى التعرق والارتجاف. وأوضح أن مردّ ذلك يعود إلى التحفيز الذي يحصل للجهاز العصبي اللاإرادي بفعل التوتر من خلال نقل رسالة إلى الجهاز العصبي بضرورة العمل لتلافي خطر ما , فيقوم الجسم بإفراز هرمون الأدرينالين. لتهيئة أعضاء الجسم المختلفة لمواجهة الظرف الطارئ أو الصعب، مبينا أن هذا الأمر يؤدي إلى زيادة ضخ الدم عبر زيادة سرعة ضربات القلب والى تضيق الشرايين في بعض مناطق الجسم واشار الدكتور الخطيب إلى أن هذه التغيرات هي التي تؤثر على الحالة الجسمانية للإنسان , فإذا ما طالت مشاعر القلق النفسي والخوف والتوتر فان أعضاء أخرى داخل الجسم تبدأ العمل لإسناد مادة الأدرينالين والمتمثلة بالغدد التي تفرز هرمون الكورتيزون. ''الظروف الصعبة سبب رئيسي في الإصابة بالسكري '' وأظهر الدكتور مروان الليثي أخصائي من الأردن أن إفراز هذا الهرمون يؤدي إلى زيادة مكونات الطاقة في الجسم لمواجهة الظروف الصعبة وان أهم هذه المكونات زيادة السكر في الدم ورفع ضغط الدم الأمر الذي يظهر اثر التوتر النفسي على إصابة الإنسان بأمراض السكر وضغط الدم علميا من خلال إذابة الشحوم وتحويلها إلى سكر في الجسم إضافة إلى أن مرض ضغط الدم يسهم في مضاعفة احتمالية الإصابة بأمراض القلب خاصة تصلب الشرايين هذا ما أكده مستشار جراحة القلب والصدر الدكتور وليد دعمس من لبنان من خلال إشارته إلى أن أكثر أمراض القلب شيوعا الإصابة بتصلب الشرايين الذي تمثل الحالة النفسية وما يصاحبها من توترات وقلق إحدى أهم أسباب الإصابة به إضافة إلى العديد من الأسباب الأخرى كالتدخين وارتفاع الكولسترول وضغط الدم وبين أن التوتر النفسي الذي يصل بالإنسان إلى مرحلة الغضب من شأنه أن يضاعف من إظهار أعراض الإصابة بأمراض القلب خاصة في الحالات التي يعاني فيها الإنسان من أمراض قلبية خفيفة غير ظاهرة عوارضها إذ انه وفي حال تعرضه لضغط نفسي شديد فان ذلك يسهم في إظهار أعراض هذه الإصابة وأوضح الدكتور دعمس أن الدراسات والتقارير العلمية أثبتت أن تعرض الإنسان لضغط نفسي على مدى طويل يساعد على الإصابة بأمراض القلب المزمنة وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين إضافة إلى أن التوترات النفسية تعتبر من أهم المؤثرات المسببة للإصابة بالأمراض المعوية المزمنة والتي من أهمها مرض تقرحات المعدة. ''أكثر من 8 مليون جزائري مصاب بالأمراض المزمنة '' أكد عبد الحميد بوعلاق، رئيس الشبكة الجزائرية لجمعيات الأمراض المزمنة، أن أكثر من 8 ملايين جزائري مصاب بأمراض مزمنة، يعاني معظمهم من المشاكل النفسية التي تؤدي إلى الإصابة بالسكري المزمن بشكل مباشر، و أشار إلى أن هذا الأمر غير مثبت علميا حتى الآن،إلا أنه أكد أن هذه الاضطرابات تؤدي وبشكل مباشر إلى خلل طارئ ومؤقت في نسبة السكر في الدم وأنها بشكل عام تؤثر على المستوى الصحي لجميع أعضاء الجسم وأجهزته أن هذا التأثير يختلف بشدته من جهاز عضوي إلى آخر وكذلك من شخص إلى آخر تبعا لحالته الصحية وعمره، ودعا إلى الابتعاد عن الضغوطات والتوترات النفسية قدر الإمكان والتعامل مع المرض المزمن في حالة الإصابة به تعاملا موضوعيا وطبيعيا دون التأثر بالاضطرابات النفسية تجنبا لتفاقم هذا المرض. ح. س