انتخبت ديلما روسيف، التي دعمها الرئيس المنتهية ولايته لويس ايناسيو لولا دا سيلفا لخلافته، رئيسة للبرازيل بحصولها على 56٪ من الأصوات في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية مقابل 44% لخصمها الاشتراكي الديمقراطي جوزيه سيرا لتصبح بذلك أول امرأة تتبوأ سدة الرئاسة في تاريخ هذه القوة الاقتصادية الثامنة في العالم. وشكرت روسيف مرشدها السياسي لولا، متعهدة بمواصلة جهوده من خلال اجتثاث الفقر من البلاد، وذلك في اول خطاب لها بعد الفوز، حيث بدت على الرئيسة المنتخبة علامات التأثر. وعلى وقع أناشيد حماسية اجتاح آلاف المناصرين شوارع المدن الرئيسية في البرازيل للاحتفال بفوز مرشحة حزب العمال ''يسار''. وديلما، كما يحلو للبرازيليين تسميتها، هي امرأة لا تتمتع بالكثير من الكاريزما ولم تنتخب في أي استحقاق سابق، وقد ناضلت ضد الديكتاتورية العسكرية في سبعينيات القرن الماضي، كما اعتقلت على مدى ثلاث سنوات. وفي الحكومة التي لعبت فيها دورا أساسيا، اكتسبت روسيف سمعة ''المرأة الحديدية''. وتدين بفوزها بشكل رئيسي إلى الرئيس لويس اينياسيو لولا داسيلفا الذي لا تزال شعبيته في أوجها بحسب استطلاعات الرأي والذي دعمها بالكامل طوال فترة الحملة الانتخابية. وبعد ثمانية أعوام في الحكم، كسب لولا رهانه الاخير من خلال نجاحه في انتخاب المرأة التي اختارها لخلافته في جانفي . وعلى الرغم من معدل قياسي للتأييد الشعبي، فان الدستور يمنع على لولا الترشح لولاية ثالثة.لكن حتى لو غادر هذا العامل في مجال صناعة المعادن البالغ من العمر 65 عاما قصر بلانالتو الرئاسي، فهو سيحافظ على نفوذ كبير داخل الحكومة. وبعد ان وجهت ''بتأثر شديد'' الشكر للولا، قالت الرئيسة المنتخبة ''سأقرع مرارا بابه واعلم انه سيبقى دوما مفتوحا''. واعتبرت أمام أنصارها الذين تجمعوا داخل فندق كبير في برازيليا ان ''مهمة خلافته صعبة وتمثل تحديا، لكنني ساعرف كيف اكرم هذا الارث واوسع مداه''. وجددت روسيف التزامها العميق ب''اجتثاث البؤس لدى جميع البرازيليين والبرازيليات''. وأضافت ''لن نستكين طالما أن هناك برازيليين يعانون الجوع''. واستطاع لولا انتشال 29 مليون برازيلي فقير من حالة البؤس التي كانوا يعيشونها، كما نجح في تخفيض معدلات البطالة وتوفير صحة جيدة للاقتصاد الوطني، جالبا الازدهار الى هذا البلد الذي يضم 193 مليون نسمة والذي تبلغ مساحته ضعف مساحة الاتحاد الاوروبي. واكد وزير المال غيدو مانتيغا الذي يشغل هذا المنصب منذ العام 2002 ان ''الشعب صوت لصالح استمرارية هذه الحكومة، وسنواصل التنمية من خلال استحداث وظائف وتعزيز الاستهلاك الداخلي''. وليلة فوزها وبعد حملة انتخابية حافلة بالتهجمات الشخصية، أبدت ديلما روسيف حرصا على التوافق مع المعارضة معلنة ''مد اليد'' اليها وداعية إلى ''الوحدة''. وفي وقت لاحق من المساء، هنأ خصم روسيف الانتخابي جوزيه سيرا الرئيسة المنتخبة الا انه احجم عن تلقف يدها المدودة. وقال هذا الحاكم السابق لساو باولو ''الى الذين تصوروا اننا خسرنا، ان نضالنا الحقيقي بدأ لتوه''. ووجهت روسيف، التي تلت خطابا أشبه ببرنامج العمل بعيدا عن التصريحات الارتجالية للولا، انتقادات الى سياسة الحمائية من جانب الدول الغنية وطالبت ب''قواعد اكثر وضوحا'' لمكافحة المضاربة التي تزيد من هشاشة العملات. ومن المفترض ان تكمل روسيف احتفالات الفوز عند ساحة الوزارات في قلب العاصمة الفدرالية التي اجتاحها المناصرون. وفي الخارج، كان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أول المهنئين للرئيسة المنتخبة، اذ اشار الى أن فوزها ''يشهد على امتنان الشعب البرازيلي للعمل اللافت الذي أنجزته مع الرئيس لولا لجعل البرازيل يلدا حديثا وعاجلا''. أما وزير خارجيته برنار كوشنير فأكد في معرض تهنئته الرئيسة الجديدة بأن على فرنسا والبرازيل أن تكملا سويا تعاونهما من اجل ''عولمة أكثر تنظيما''. من جهته أشاد زعيم اليسار الراديكالي في اميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بفوز مرشحة الحزب العمالي، قائلا إنه ''سيرسل قبلة الى عزيزته ديلما'' واصفا اياها ب''عملاقة اخرى'' من عمالقة السياسة في اميركا اللاتينية.