وصلت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى طرابلس أمس الجمعة فيما يصفه المراقبون بتحول جذري في السياسة الأمريكية تجاه ليبيا. وتقوم رايس بجولة تشمل أيضا تونس والجزائر والمغرب، لتكون أول وزير خارجية أمريكي يزور ليبيا منذ زيارة جون فوستر دالاس عام 1953 ، أما أرفع مسئول أمريكي يزور ليبيا فكان ريتشارد نيكسون حين كان نائبا للرئيس الأمريكي عام 1957. واللافت أن هاتين الزيارتين كانتا قبل اعتلاء القذافي سدة الحكم فيما يعرف بثورة الفاتح من سبتمبر 1969 ، ووصف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية شون مكورماك الزيارة بالتاريخية مؤكدًا أنها تفتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية الليبية، وتلتقي رايس بالزعيم الليبي معمر القذافي الذي يسعى منذ سنوات لرأب الصدع في العلاقات مع الغرب، وتأتي زيارة رايس في وقت يتزايد اهتمام المؤسسات الأمريكية بفرص الاستثمار في ليبيا خاصة في مجال الطاقة، يشار إلى أن ليبيا تمتلك تاسع أكبر احتياطي نفطي في العالم بإجمالي يناهز 39 مليار برميل إضافة إلى الثروات النفطية التي لم تكتشف بعد. يُذكر أن الولاياتالمتحدة ترتبط بعلاقات دبلوماسية كاملة مع ليبيا وقد فتحت سفارتها في طرابلس في ماي ,2006 وفي نفس الشهر فتحت ليبيا سفارتها في واشنطن. ومع ذلك لا يمكن وصف العلاقات الليبية الأميركية بالمتكامل. وفي هذا السياق يقول محللون سياسيون ، صحيح أن ليبيا تخلت في عام 2003 عن نية الحصول على سلاح نووي وغيره من أسلحة الدمار الشامل استجابة لضغط من واشنطن، ولكن من الواضح أن الزعيم الليبي معمر القذافي لا ينوي أن يكون كمن يلتزم السمع والطاعة، كما تبقى وجهات نظر ليبيا والولاياتالمتحدة غير متفقة حيال عدد من القضايا ومن بينها النزاع الروسي الجورجي. وتعتزم رايس التوقيع على اتفاقية إطار للتجارة والاستثمار وإبرام بروتوكول حول التعاون الثقافي والتعليمي بين الولاياتالمتحدة وليبيا، غير أن تنفيذ هذه الاتفاقيات يتعلق بتنفيذ اتفاقية أخرى وقعتها واشنطنوطرابلس في وقت سابق وتعهدت ليبيا بموجبها بإنشاء صندوق إنساني لدفع تعويضات لضحايا غارات الطيران الأميركي وحوادث الانفجار التي وقف وراءها ليبيون. ومن الواضح أن الزعيم الليبي لا يسعي لإقامة علاقات متكاملة مع الولاياتالمتحدة بغير روية خاصة وأن بلدانا كثيرة تطمح للدخول في تعاون مع ليبيا الغنية بالنفط والغاز وغيرهما من الموارد، بما فيها روسيا ويقول الخبراء إن أغلب الظن أن القذافي سيحاول الاستفادة بشكل كبير من الاهتمام الدولي المتزايد ببلده.