مازلت الهوة متسعة بين الجزائر والدول المتقدمة تكنولوجيا أو المصدرة للتقنيات الحديثة، ورغم كل ما يزخر به هذا البلد من طاقات إبداعية، الا أنه مصوب نحو التخلف وتهميش العلم وإن ظهر فيه من يخترع ويأتي بالجديد فهو لن يجني سوى التجاهل والاستهانة بنتائج أبحاثه والاستخفاف بعبقريته واختراعاته. وصل مستوى براءات الاختراع التكنولوجي في العالم العربي عامة والجزائر خاصة الى مستوى متدني نبهت اليه منظمة اليونيسكو في تقرير صدر عنها مؤخرا. مقارنة بنصيب أوروبا من هذه البراءات والذي وصل الى 47.4% وأمريكا الشمالية 33.4%، بينما في الدول العربية تصدر براءة واحدة لكل 100 ألف فرد في المتوسط. مشاكل كثيرة حالت دون تطور الاختراع بهذه الدول العربية وعلى راسها الجزائر من بين هذه المشاكل حسب ما أكده للحوار المخترعان الجزائريان حكيم واعر وعبد الرحمن ساحون غياب ثقافة الاستثمار وتخوف مسؤولينا من الخوض في مغامرة احتضان مشاريع الابتكارات. المنشفة المصنوعة من القماش والبلاستيك هي التقنية الجديدة التي ابتكرها عبد الرحمن ساحون حيث يتم تركيبها على القسم العلوي لجسم الشخص المسافر عبر الطائرة أثناء الاكل وتساعد هذه الاخيرة بمنع تسرب الماء أو سقوط الأكل على لباس المسافر. رغم أهمية هذا الاختراع الذي حاول صاحبه مرارا عرضه على مسؤولي مؤسسسة الخطوط الجوية الجزائرية غير أن هذه الاخيرة رفضت حتى استقباله، ضاربة اختراعه عرض الحائط. الامر نفسه حدث مع المخترع حكيم واعر الذي اخترع تقنية جديدة تسمح باحتواء كل قارورة بلاستيكية للمشروبات على كوب ملصق بهيكلها دون التشويه أو المساس بمظهرها الخارجي الاصلي، حيث طرق ''واعر'' هو الاخر جميع أبواب المؤسسات والهيئات المعنية بهذا الاختراع الجديد الا أنه لم يلق آذانا صاغية لمشروعه. إحباط نفسي، يأس، تذمر.. هو ما يظهر على حال مخترعينا الذين لم يجدوا أمامهم سوى التفكير في الاعتزال والابتعاد عن فكرة الاختراع. يرى ساحون أنه أمام غياب الدعم والتشجيع للاختراعات في الجزائر يستحيل الاستمرار في مشروع الاختراع، بالنظر الى التكاليف الباهظة التي يتطلبها المشروع، فضلا عن غياب التسهيلات من طرف مسؤولينا. علما أن ساحون سبق له وأن أنجز اختراعا آخر، يتعلق الامر بقفاز من شأنه مساعدة الشرطي على اكتشاف نوعية السلاح الموجودة بحوزة عصابة اللصوص. من جهته أشار المخترع حكيم واعر الى مشكل غياب روح المنافسة التجارية وغياب ثقافة الاستثمار ببلادنا وتخوف مسؤولينا من الخوض في مغامرة احتضان مشاريع الاختراعات، الامر الذي أدى حسبه الى غلق أبواب الابداع والابتكار في وجه المخترعين الجزائريين.