استعادت المنطقة الخضراء ببغداد أجواء المحاصصة الطائفية مع انطلاق المشاورات والمساومات بين كتل العملية السياسية بشأن تقاسم ''كعكة'' الوزارات، وسط توقعات بأن تلقى مهمة المالكي كثيرا من العقبات تجعل إنجاز المهمة ''وفق المدة الدستورية'' وقوامها شهر واحد صعبا جدا. وبينما بدأت المساومات والصفقات لبيع المناصب، كشفت مصادر مطلعة أن عقبات جديدة ستواجه المالكي بشأن توزيع الحقائب الوزارية والمتوقع أن تبدأ المفاوضات حولها، فيما أشارت مصادر صحفية إلى أن الحكومة التي يمكن أن يشكلها المالكي ستضم أربعين وزيرا على الأقل، بينما توقعت مصادر أخرى أن تضم 44 منصبا، وكلا الرقمين يمثل نذير شؤم في ذاكرة العراقيين. ويتخوف العراقيون من أن تستمر حالة الضياع والنهب المنظم لثروات البلاد، وسط تضاؤل فرص التوافق على تشكيل ''حكومة وحدة وطنية'' تطوي الصفحة السوداء للحكومة المنتهية بقيادة المالكي نفسه. وتوقع أعضاء في مجلس النواب بروز خلاف بين الكتل النيابية حول تقاسم المناصب الوزارية، مشيرين إلى أن رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي سيواجه صعوبة في اختيار المرشحين للمناصب، نظرا لخضوعه لشروط قوى عراقية كانت ترفض تجديد ولايته حتى وقت قريب. وترددت أنباء تشير إلى سعي شخصيات سياسية لعرقلة إنجاز مهمة المالكي خلال المدة القانونية البالغة 30 يوما من تاريخ التكليف. وقالت القيادية في القائمة ''العراقية'' عالية ناصيف جاسم إن ''القائمة وفق الاستحقاق الانتخابي قد تكون لها 8 وزارات إضافة إلى وزارتي دولة، ومنصب نائب رئيس الجمهورية ورئاسة المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية بموجب الاتفاقات والعهود بين الكتل السياسية''، محذرة من أن هناك أطرافا تحاول الانقلاب على الاتفاقات المبرمة. كما قال النائب عن العراقية ياسين المطلك ''القائمة لم تحدد حتى الآن الوزارات التي ترغب في الحصول عليها في تشكيلة الحكومة المقبلة، الكتل السياسية ما زالت تنظر في قضية احتساب النقاط التي بموجبها يتم توزيع المناصب والوزارات''. وأشار إلى أن ''وزارة الخارجية هي من حصة القائمة العراقية، لكن لم تتم تسمية أية شخصية لها''. وتوقعت القيادية في التجمع الوطني المستقل والنائبة عن ''العراقية'' وحدة الجميلي حصول صفقات مالية خلال عملية توزيع الوزارات، مؤكدة في الوقت ذاته أن الوزارات الأمنية قد تصل قيمتها الى خمسة ملايين دولار. ونقلت مصادر صحفية عن الجميلي قولها ''إن بعض الوزارات السيادية والخدمية تباع بين الكتل السياسية بمبالغ خيالية. وأضافت أن الوزارات الأمنية ولا سيما الدفاع والداخلية تباع بمبالغ خيالية قد تصل إلى 5 ملايين دولار، ولم تكشف الجميلي عن مزيد من التفاصيل عن هذه الصفقات المالية. وكان نائب من التحالف ''الوطني'' قد أكد بأن حقيبتي الدفاع والداخلية لا تخضعان للمحاصصة السياسية وأن المرشحين لهما لا ينتميان إلى أي كتلة سياسية. وقال النائب كمال الساعدي في تصريحات صحفية إن ''الوقت لا يزال مبكرا للكشف عن أسماء المرشحين للوزارتين خصوصا وأن لجنة التفاوض التابعة للتحالف الوطني لا تزال في بداية عملها وان طلبات الترشيح لم تصل بالكامل من بقية الفرقاء''. وأكد أن ''التحالف الوطني سيرفض أي تدخل خارجي في قضية الترشيح للوزارات الأمنية وانه سيحول دون تحقيق أي اتصال بين المرشحين وجهات إقليمية تحاول تغيير مسار وملامح الحكومة الجديدة''. من جهة أخرى أكد رئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي، زعيم ائتلاف العراقية الذي فاز ب91 مقعدا في مجلس النواب في الانتخابات الأخيرة، مواصلة العمل من أجل تحقيق التغيير الذي وعدوا الناخب العراقي بإحداثه، على الرغم من حرمان ائتلافهم من تشكيل الحكومة الجديدة خلافا لاستحقاقهم الدستوري والقانوني. وأوضح علاوي أن قائمته عازمة على خوض معركة ''ضد الطائفية وضد النفوذ الإيراني المتعاظم في العراق والنفوذ المتطرف في البلد''، معتبرا أن طهران قد تدخلت بقوة لدعم بقاء نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء المنتهية ولايته، في منصبه لتأكيد مبدأ الطائفية السياسية. وأكد علاوي: ''نحن تنازلنا عن موقع رئاسة الوزارة وموقع رئاسة الجمهورية، لكن هناك شيئا واحدا من الصعب أن نتنازل عنه، ولا أعتقد أننا سنتنازل عنه، وهو القرار السياسي''. وأوضح أن ما دفعه للتنازل عن استحقاقهم هو ''خدمة وسلامة وأمن الشعب العراقي، فعليه يجب أن نتراجع.. وأن ننتقل إلى مسألة المشاركة في القرار السياسي، وأن نكون شركاء حقيقيين فيه، بغض النظر عن المواقع التي نشغلها، وعلينا أن نضع الآليات الواضحة حول كيفية أن نكون شركاء فاعلين في القرار السياسي العراقي''.